استبقت المعارضة اللبنانية بكل أطيافها توجيه رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة رسالته الى الأممالمتحدة لمطالبة مجلس الأمن بإقرار المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة المتهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريري نتيجة تعذر إقرار نظامها في البرلمان اللبناني، بهجوم عنيف شمل توجيه الاتهامات السياسية اليه وتحميله مسؤولية تأخر وصول التعويضات والمساعدات للمتضررين من العدوان الإسرائيلي من أجل إعادة إعمار ما هدمه وإصلاح الأضرار، وصولاً الى تناوله على الصعيد الشخصي في ملكية والده المتوفى لأحد العقارات في إحدى القرى. وشكل الهجوم العنيف على رئيس الحكومة القاسم المشترك بين قادة"حزب الله"ونواب حركة"أمل"وزعيم"التيار الوطني الحر"العماد ميشال عون وسائر حلفائهما في المعارضة، وإن تنوعت المواضيع التي تناولتها من الانتخابات الرئاسية الى التعويضات للمتضررين وموضوع المشاركة في السلطة وقيام حكومة الوحدة الوطنية. راجع ص 9 وجاء تصعيد الهجوم على السنيورة من المعارضة غداة الاجتماع الذي عقده البطريرك الماروني نصر الله صفير مع رئيس الجمهورية اميل لحود أول من أمس والذي استمر محط اهتمام الأوساط السياسية، خصوصاً ان معظم المصادر المعنية بهذا الاجتماع أكد ان صفير هدف من ورائه الى مطالبة لحود بعدم تأليف حكومة ثانية، كي لا يتعمّق الانقسام السياسي في البلاد ويقوم أمر واقع يحول دون حصول الانتخابات الرئاسية في موعدها بدءاً من 25 أيلول سبتمبر المقبل، أي قبل شهرين من انتهاء ولاية لحود. في مقابل ذلك، نقل زوار الرئيس بري عنه قوله أمس انه مع انتخاب رئيس توافقي للجمهورية وانه يعتبر هذا الاستحقاق محطة للتوصل الى تسوية تعالج الازمة القائمة. وقال هؤلاء ل"الحياة"انه اعرب عن ارتياحه الى المواقف التي أعلنها البطريرك صفير، خصوصاً اشارته الاسبوع الماضي الى ان النصاب لانتخاب الرئيس في الجلسة الاولى هو ثلثا اعضاء البرلمان، معتبراً ان هذا يشكل منطلقاً للتوافق حول الموضوع الرئاسي الذي بات المحطة الأساس الآن، لعلنا نتوصل الى حل للازمة طالما لم نتوصل الى حل لها من طريق التوافق على موضوعي المحكمة والحكومة. وقال المقربون من بري انه عندما اكد انه سيدعو الى جلسة لانتخاب رئيس جديد في 25 ايلول فلأنه يأمل بالسعي الى تسوية، وهو ما زال يردد انه لا يقبل بقيام حكومتين ولا بانقسام البرلمان ولا بتولي حكومة صلاحيات الرئاسة، لكنه يخشى من ان يؤدي التصعيد المتبادل الى تصعيد مقابل وتفلت الامور. وفيما أكدت مصادر متعددة ما تسرّب عن أن لحود أكد لصفير انه لم يقل انه سيؤلف حكومة ثانية تعتبرها الأكثرية غير دستورية لأن السنيورة لم يستقل ومجلس النواب لم ينزع الثقة منه فإن مصادر واسعة الاطلاع قالت ل"الحياة"ان صفير استعجل لقاء لحود اول من امس على رغم شبه القطيعة معه نتيجة معلومات عن تعرضه لضغوط، لم ينفها الأخير، لتسريع تأليف حكومة بديلة من حكومة السنيورة. وأضافت المصادر:"أراد صفير قطع الطريق على هذه الخطوة لئلا يؤدي إقدام لحود عليها الى قيام أمر واقع يحول دون ما يصبو اليه صفير وهو إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، وعدم قيام فراغ في الموقع المسيحي في السلطة، ووصول رئيس توافقي الى السلطة على قاعدة الإفادة من الوقت الفاصل مع الاستحقاق الرئاسي من أجل صوغ تسوية سياسية ترافق الاتفاق على الرئيس العتيد". وفي وقت تترقب الأوساط السياسية ما اذا كان رئيس المجلس النيابي نبيه بري سيدعو البرلمان الى عقد جلسة في 25 الجاري لمناسبة عيد التحرير الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب العام 2000، أشارت أوساط سياسية بارزة الى مخاوف من أن يكون استعجال بعض المعارضة تشكيل حكومة بديلة من حكومة السنيورة هو ان يقترح عليها لحود حل المجلس النيابي الحالي اذا لم يجتمع قبل نهاية أيار مايو الجاري، لأن الدستور ينص على حقه في هذا الاقتراح، على ان تجتمع الحكومة لتقرر الأخذ به أم لا، اذا امتنع البرلمان عن الاجتماع طوال عقد عادي. وربطت بين التسريبات عن نية لحود اقتراح حل البرلمان على حكومة جديدة وبين إعلان العماد عون ان البرلمان الحالي غير شرعي، كي ينتخب رئيساً للجمهورية يصبح هو بدوره غير شرعي، رداً على الدعوات الى رئيس توافقي. وفيما ترى مصادر متعددة ان اجتماع صفير مع لحود عطّل إمكان تأليف حكومة جديدة على الأقل في المرحلة المنظورة المقبلة، اعتبرت مصادر الأكثرية ان بعض قوى المعارضة وحلفاء دمشق يصعدون الحملة على رئيس الحكومة بهدف وضع شرط عدم عودته الى رئاسة الحكومة في حال حصول تسوية لمناسبة الاستحقاق الرئاسي. وأدى الهجوم على السنيورة مساء الى ردود عنيفة في المقابل من بعض نواب"تيار المستقبل"ومفتي جبل لبنان محمد علي الجوزو ومن وزير الاتصالات مروان حمادة.