خطف مؤتمر أنابوليس للسلام الذي يعقد اليوم في الولاياتالمتحدة الأميركية بدعوة من الرئيس جورج بوش، الأضواء من الفراغ الرئاسي في لبنان الذي دخل يومه الرابع، خصوصاً أن عقد المؤتمر أثار ردود فعل من قوى وشخصيات معارضة لا سيما"حزب الله"وحركة"أمل"، ولقاء الأحزاب، باستثناء حزب البعث العربي الاشتراكي باعتبار ان سورية تشارك في المؤتمر. وانتقد هؤلاء مشاركة الحكومة اللبنانية في المؤتمر، فيما دافع عدد من الوزراء ونواب الأكثرية عن هذه المشاركة مؤكدين ان هدفها عدم السماح باستغياب لبنان وطرح موقفه المبدئي بوجوب معالجة قضية اللاجئين الفلسطينيين والانسجام مع الإجماع العربي على هذه المشاركة. وفي وقت ساد الانطباع الذي ظهر قبل أيام لدى بعض قادة الأكثرية بوجوب انتظار مؤتمر أنابوليس لعل التواصل الأميركي - السوري خلاله ينتج مناخاً يسمح بإجراء الانتخابات الرئاسية، فإن أوساط قوى 14 آذار وبعض قادتها عادوا فأكدوا انه لا يجوز للبنان انتظار أنابوليس لأنه عملية سياسية قد تطول، وان الجهود يجب ان تنصب على محاولة التوصل الى توافق بين الأكثرية والمعارضة لانتخاب رئيس جديد في جلسة يوم الجمعة المقبل. وقال مصدر وزاري ل"الحياة"ان"كل يوم تأخير يعني يوم تعقيد إضافياً"، في إشارة منه الى العراقيل والصعوبات التي واجهت المساعي الدولية والعربية لإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها خلال الأسابيع الماضية ولا سيما تلك التي سبقت اليوم الأخير من المهلة الدستورية التي انتهت يوم الجمعة الماضي مع انتهاء ولاية الرئيس السابق اميل لحود، في ظل خلاف على اسمي مرشحين هما الوزير السابق ميشال اده الذي أيده بعض المعارضة وعارضه العماد ميشال عون، ومعظم الأكثرية، والنائب روبير غانم الذي أيده معظم الأكثرية ورفضته المعارضة. ومع جمود الاتصالات، تجري محاولات بعيدة من الأضواء من أجل تحريكها مجدداً، بحثاً عن توافق على مرشح من لائحة البطريرك الماروني نصر الله صفير، أو من خارجها، بعد ان كرر صفير أمام زواره ان لا مانع لديه من التوافق على اسم جديد من خارج اللائحة لأن المهم أن يكون للبنان رئيس. وقالت مصادر مواكبة للقاءات رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس كتلة"المستقبل"النيابية سعد الحريري إن الحوار بينهما معلّق لكنه لم يتوقف نهائياً، وعزت السبب الى أن مواقفهما من الاستحقاق الرئاسي باتت واضحة وان استئنافه متوقع في حال حصول تطورات تؤدي الى تسريع المشاورات للتفاهم على الرئيس التوافقي بالتنسيق مع صفير. ومع جمود الاتصالات، سعى فريقا الأزمة الى ملء الفراغ بالمواقف السياسية: رئيس الحكومة فؤاد السنيورة كرر التأكيد بأن حكومته التي آلت اليها صلاحيات الرئاسة بحسب الدستور"لم تسع الى تسلم السلطة وستعمل لتكون قراراتها مدروسة وغير استفزازية"، والمعارضة سعت الى ملء الفراغ بالهجوم على حكومة السنيورة معتبرة إياها"مغتصبة للسلطة". ودعا رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط الى"تركيز الجهود على انتخاب رئيس جديد توافقي ومعتدل وموزون يحمي المعارضة والموالاة، كي لا نقع في الفراغ لفترة طويلة نتيجة المزاجية والدون كيشوتية". واقترح"إبقاء القضايا الخلافية للنقاش في مرحلة لاحقة". إلا أن بعض الفراغ ملأه أيضاً الحراك على الساحة المسيحية، حيث بدأ زعيم"التيار الوطني الحر"العماد ميشال عون المشاورات التي دعا اليها مع فعاليات مسيحية حول المرحلة المقبلة، فالتقى وزراء ونواباً سابقين ورئيس الرابطة المارونية وأعضاءها، بعد أن كان قال في حديث تلفزيوني ليل أول من أمس إنه"البطريرك السياسي للمسيحيين"وان البطريرك صفير مرجعية روحية. وقال زوار عون ل"الحياة"انه"لم يقدم اقتراحات في شأن الانتخاب الرئاسي، ولم يطلب من الذين التقاهم اقتراحات محددة حول المرحلة المقبلة بل اكتفى بعرض الاتصالات الأخيرة التي أجريت معه ومنها اجتماعه مع الوزراء الأوروبيين الثلاثة وصولاً الى مبادرته التي اقترح فيها ان يسمي هو مرشحاً بديلاً منه، من غير تياره وكتلته النيابية مقابل ان يسمي الحريري رئيساً للحكومة من غير تياره وكيف رفضت الأكثرية عرضه فسحبه". وقال أحد الذين التقاهم عون في إطار مشاوراته، إنه حمّل الحريري مسؤولية عدم التوصل الى توافق، وفي الوقت نفسه لم يوفر البطريرك صفير في حديثه على رغم تأكيده احترامه مرجعيته، فأشار الى انه طلب منه عدم تسمية مرشحين وإصدار لائحة، وكذلك رئيس الهيئة التنفيذية لحزب"القوات اللبنانية"الدكتور سمير جعجع طلب منه عدم التسمية والرابطة المارونية أيضاً"لكنه سمى مرشحين". واستنتج زوار عون انه غير مرتاح الى موقف صفير لأنه أشار الى أنه يفضل له أن يبقى مرجعاً روحياً للطائفة لا مرجعاً سياسياً وأن يلعب دوراً وطنياً، لا أن يستفيد منه الآخرون لإضعاف الطائفة المارونية. وقال مصدر في الرابطة المارونية ل"الحياة"ان عون سأل الرابطة"هل يستشيرونكم في البطريركية قبل إصدار مواقفهم؟". وقالت أوساط في المعارضة ان عون يمهد في هذه المشاورات التي يجريها وينهيها غداً الاربعاء لإطلاق تحرك على الأرض ضد حكومة السنيورة. وفيما يواصل عون لقاءاته مع الفعاليات المسيحية اليوم، لقي تحركه رداً من جعجع الذي علّق على قوله إنه البطريرك السياسي، بالتأكيد أن"عون مطران مثلنا وليس بطريركاً". وانتقد"المتباكين على تحول صلاحيات الرئاسة الى مجلس الوزراء ورئيسه السنّي". قائلاً:"الحل في يد هؤلاء المتباكين الذين قاطعوا جلسات الانتخاب الرئاسي". ورد جعجع على تصريحات نائب الأمين العام ل"حزب الله"الشيخ نعيم قاسم الذي اعتبر ان عون نقطة الارتكاز للحل، بالقول:"مع احترامي له... لا يستطيع ان يعين بطريركاً سياسياً على المسيحيين". والتقى جعجع السفير السعودي عبدالعزيز خوجة. وبموازاة مشاورات عون شهدت البطريركية المارونية تحركاً للعديد من الزوار. وقال وزير الدولة ميشال فرعون بعد لقائه صفير:"طالما قبلنا بالآلية والدور الاستثنائي للبطريرك صفير كراعٍ وحكم للخلاف، فأحد الحلول اذا لم يحتكم نواب المعارضة الى ضمائرهم ان نذهب بهذه الآلية لائحة صفير والانتخاب منها في البرلمان الى النهاية". وقال إن"الالتفاف على مرجعية بكركي والمزايدات لن تساعد على الحل". كما زار صفير النائبان ستريدا جعجع وايلي كيروز والمرشح الرئاسي ميشال الخوري وميشال رينيه معوض ثم قائد الجيش العماد ميشال سليمان الذي أطلعه على التدابير الأمنية التي أخذها الجيش، معتبراً ان"الأمن هو كالرغيف بالنسبة الى الشعب اللبناني".