أخيراً وبعد مفاوضات دارت اكثر من ثلاثة اشهر يعرض الفيلم اللبناني "بوسطة" للمخرج فيليب عرقتنجي في دور العرض المصرية وذلك بدءاً من الثاني من أيار مايو في القاهرة، والسادس عشر من نفس الشهر في دور العرض في الإسكندرية. وذلك بعد ما اتفقت شركة أفلام مصر العالمية مع مخرج الفيلم على توزيعه في مصر، والفيلم من بطولة رودني الحداد وللمرة الأولى مخرجة الكليبات نادين لبكي. وأكدت المنتجة والمخرجة ماريان خوري موزعة الفيلم في مصر لپ"الحياة"أن عرض"بوسطة"هو"رهان على رغبة الجمهور المصري في البحث دائماً عن الجديد ومحاولة من شركة افلام مصر العالمية لفتح أسواق جديدة للفيلم العربي بعد خصام طويل مع السينما العربية والتي طالما ما اشتكى منتجوها ومخرجوها من عدم وجود فرصة عرض لهم داخل السوق المصرية وفي ظل سيطرة الفيلم المحلي والفيلم الأميركي. ولفترة قريبة كان المنتج والموزع المصري يعتبر ان عرض فيلم عربي سينمائي غير ناطق باللهجة المصرية هو مجازفة ومغامرة مالية غير محمودة العواقب. ولكن زيادة دور العرض ووجود ما يسمى بالمجمعات السينمائية ذات القاعات المتباينة في الأحجام، شجع بعض الموزعين المصريين على عرض تجارب سينمائية مغايرة في محاولة لخلق جمهور جديد يعي حتمية تذوق الفنون المختلفة وليس السينما الأميركية فقط مثلما حدث مع فيلم"الجنة الآن"للمخرج الفلسطيني هاني أبو اسعد، والذي عرض في عدد محدود من دور العرض المصرية بعد ما حقق العديد من الجوائز العالمية مثل الجولدن جولوب، وترشيحه لأوسكار احسن فيلم أجنبي". حسّ شعبي ويأتي اختيار أفلام مصر العالمية لفيلم"بوسطة"اختياراً ذكياً لضمان سهولة تجاوب الجمهور مع الفيلم لا سيما ان الفيلم رحلة موسيقية شبابية في ذاكرة لبنان مصحوبة بإيقاعات صوتية ورقص معاصر. كما يتضمن الفيلم حساً شعبياً يتداخل مع المصريين وتدور حبكة الفيلم حول شخصية كمال الذي يعود الى بيروت بعد 15 عاماً قضاها في المنفى في فرنسا، حاملاً في فكره هدفاًَ واحداً هو إعادة إحياء فريق الدبكة الذي سبق وأنشأه مع زملاء الدراسة، والذين لم ير احداً منهم منذ ذلك الزمن. انه يريد اليوم، ليس فقط استعادة هذا الفريق الغائب، بل الإقدام على خطوة جريئة تتمثل في تطعيم موسيقى الدبكة التقليدية بنكهات غربية. عندما كان الراقصون يتقدمون للرقص أمام لجنة مهرجان الدبكة الوطني، تم رفضهم بحجة انهم يلحقون الضرر بالمثال التراثي الوحيد المتبقي. هذا الموقف دفعهم إلى تجديد باصهم المدرسي القديم ومباشرة جولة في المدن والقرى اللبنانية لتأدية دبكتهم الطليعية أمام الجمهور. في صراعهم لجذب الجماهير، يدرك كل واحد منهم انه يبحر أيضاً في رحلة شخصيةٍ يستعيد فيها طفولته، أصدقاءه المتبقين والذين رحلوا، آلام الحرب والانفصال... رحلةٌ تقود مجموعة الأصدقاء القدامى إلى فتح صفحة الماضي الأليم. جولة في العالم يذكر أن المخرج والمؤلف فيليب عرقتنجي ولد عام 1964. وترك لبنان في التاسعة عشرة من عمره متوجهاً إلى لندن ثم باريس، واضعاً نصب عينيه هدفاً محدداً، وهو ان يصبح مخرجاً روائياً. عاد بعد عامين ليعمل لدى المؤسسة اللبنانية للإرسال ال بي سي. حيث اخرج البرنامج التلفزيوني الناطق باللغة الفرنسية"موزاييك"، وتحول بعدها إلى إخراج وانتاج الأفلام الوثائقية القصيرة حول الحرب، والتي عرضت على عدد من القنوات الفرنسية وتلفزيون وراديو كندا. ثم من جديد أجبرته الحرب على العودة إلى فرنسا حيث عمل مراسلاً خاصاً لبرامج تلفزيونية، وكذلك على إنتاج أفلام خاصة لمحطات FRANCE 3، TF1. في الثامنة والعشرين من عمره قرر أن يحزم أمتعته ويجول حول العالم. وانتهى به الأمر الى صناعة الأفلام لبعض المحطات الأميركية والإنكليزية والألمانية، وصورت هذه الأفلام في تونس، المغرب، منغوليا، جنوب أفريقيا وسيريلانكا... بعد أن أمضى اثني عشر عاماً في الخارج، عاد فيليب الى لبنان ليحقق حلم"البوسطة". تجدر الإشارة إلى ان فيليب عرقتنجي حقق أكثر من أربعين فيلماً وثائقياً. وفاز بجائزة ACADEMY وشارك في مهرجانات دولية متعددة ونال جوائز منها جائزة لجنة التحكيم في مهرجان الأفلام في بيروت عام 1997 وذلك بعد فيلمه"حلم الطفل البهلوان"وكذلك جائزة التحكيم الخاصة وذلك في مهرجان السينما الأفريقية الذي أقيم في مونتريال في كندا عام 1995. كذلك نال"الميدالية الذهبية"في"الألعاب الفرانكوفونية"عن فيلمه"بيروت أحجار وذكريات"عام 1994. ويعتبر"البوسطة"أول أفلامه الروائية الطويلة. وهو حصد العديد من الجوائز. ومن الواضح الآن أن نجاح"بوسطة"في دور العرض المصرية سيتوقف عليه تكرار تجربة عرض الانتاجات السينمائية العربية في مصر لا سيما ان مجموعة"غود نيوز سينما"وبالتعاون مع أفلام مصر العالمية تسعى لفتح أسواق جديدة للأفلام العربية والأوروبية.