تفتخر البحرين بتصنيف الهيئة الاقتصادية والاجتماعية لدول غرب آسيا إسكوا في الأممالمتحدة لاقتصادها على أنه الأكثر نمواً في الشرق الأوسط. وهو تصنيف لم يأت عبثاً، خصوصاً أن المملكة الصغيرة الحجم والتي تعتبر ثرواتها الطبيعية خجولة نسبة إلى دول الجوار، أدركت أن وضع رؤية اقتصادية موحدة وحسن التخطيط وتحريرالسوق وإشراك الشعب في المكاسب تكفل الازدهار. ونتيجة لذلك، صنف مؤشر الحرية الاقتصادية الصادر عن مؤسسة"هيريتدج"وصحيفة"وول ستريت"الاقتصاد البحريني الأكثر تحرراً في المنطقة، كما حل في المرتبة الخامسة والعشرين من حيث النمو الاقتصادي عالمياً. ويؤكد الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية في البحرين الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة أن"هدفنا ليس الخوض في سباق مع دول الجوار، فنحن لا نسعى إلى التماثل وإنما نعمل على أن يكون لنا نموذجنا"، مضيفاً:"لدينا مبان شاهقة، لكننا لا نطمح إلى ان يكون لدينا أعلى ناطحة سحاب في العالم. فلا تهمنا المزايدات، ولا تعنينا الكمية وانما النوعية التي تعود بالفائدة على شعبنا"، مضيفاً:"نفتخر بأن القطاعات الانتاجية في البحرين يديرها بحرينيون وسيبقى الوضع كذلك ليستفيد البحرينيون من النمو الذي تحققه المملكة". وقال الشيخ محمد:"يحتل المواطن الموقع الرئيس في كل خططنا وبرامجنا ومبادراتنا". ولفت إلى أن أهم أهداف مجلس التنمية الاقتصادية للمرحلة المقبلة هو الرؤية الاقتصادية الموحدة التي يتم من خلالها تفعيل دور القطاع الخاص في قيادة عجلة النمو والتنمية في كل المجالات. وأكد أنه"سنصبح خلال عشر سنوات مجتمعاً منفتحاً حيوياً". ويرى الشيخ محمد أن أحد أبرز عوامل ازدهار المملكة مشاريع التخصيص. ويؤكد أن البحرين تسعى إلى أن تتحول من مالكة للمؤسسات الاقتصادية إلى مشرفة عليها، باعتبار أن"الدولة تريد أن تترك الأمور التنموية ليديرها الناس وتتفرغ للسياسة". فبعد تخصيص قطاعات الاتصالات والكهرباء والماء، يجري العمل حالياً على تخصيص قطاع الصحة. يقول:"في مجلس التنمية الاقتصادي، هدفنا بسيط: تحسين اقتصاد البحرين اليوم ومستقبلاً عبر العمل مع الحكومة والقطاع الخاص، وتطوير استراتيجية النمو الاقتصادي وتحسين بيئة العمل عبر سلسلة مبادرات تطويرية، والترويج للبحرين بوصفها وجهة مفضلة للأعمال". ويضيف:"نعمل على استراتيجيات طويلة المدى للتعليم والتدريب وقطاع الصحة وتقسيم الأراضي والاستثمارات في البنى التحتية"، مؤكداً السعي"الى تطوير بيئة الأعمال الى اقصى حد، وهذا يعني مشاريع لتحسين الأعمال. ونحن اصلاً اكثر اقتصادات المنطقة تحرراً، ونبحث باستمرار عن سبل لتحسين أنظمة الأعمال الصديقة والتشريعات المتعلقة بذلك". وهذا يعني العمل مع المخططين الماليين في البحرين لضمان استثمارات في البنى التحتية تتماشى مع الحاجات المستقبلية في النمو الاقتصادي. ويعتبر الشيخ محمد البحرين رائدة في قطاعات عدة. ويؤكد أن لبلاده اكثر الاقتصادات توازناً في المنطقة، خصوصاً أنها"عرفت على مدى 30 سنة، كعاصمة مالية للشرق الاوسط، باعتبارها موطناً لأكثر من 370 مؤسسة مالية مرخصاً لها". ويسهم القطاع المالي بنحو 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد ويوفر الآن فرص عمل. أما قطاع الصناعات الخفيفة في البحرين"فينتج كل شيء، من البلاستيك الى الاقمشة والسيارات المتخصصة. ونحن إحدى الدول الرائدة في انتاج الالومنيوم والخدمات". ومن عوامل الجذب الأخرى حرية تملك الأجانب للشركات والعقارات، ما جعل المستثمرين الأجانب يسجلون عملياتهم في البحرين 49 في المئة من التعاملات اجنبية. ولا قيود على التحويلات المالية، لا ضرائب فردية على الدخل في البحرين ولا على الثروة أو أرباح رأس المال. كما لا تفرض ضرائب على الإرث في حال الوفاة، باستثناء ضريبة رمزية على الإيجار. 96 في المئة من الخدمات المالية والصناعية والزراعية في البحرين معفاة من الضريبة، كذلك خدمات الاقمشة والملابس لا ضرائب عليها. يضيف:"نؤمن بالتجارة المفتوحة، لذلك وقعنا على اكثر من 65 اتفاقاً تجارياً. اهمها اتفاق التجارة الحرة مع الولاياتالمتحدة الذي دارت معه عجلة الصناعة، مسجلة زيادة بنسبة 35 في المئة"، لافتاً إلى انتقال مصانع عدة الى البحرين تصل منتجاتها الى الأسواق الأميركية من دون اي ضرائب. كما وفرت المنامة للشركات الأميركية والآسيوية فرصة العمل في المملكة بكلفة متدنية. ويفتخر الشيخ محمد بثبات معدل التضخم عند نسبة 2،4 في المئة بحسب مؤشرات العام 2006. ونجح المجلس في تحسين قدرات الشركات الحديثة للحصول على رأس المال، وتسهيل تأسيس المؤسسات الجديدة في البحرين. وهناك مبادرات أخرى يجري العمل على تفعيلها حالياً. كما تعنى المنامة بتطوير قطاعات السياحة والاستيراد والتصدير، الجسور والمطارات والمرافئ والبنى التحتية، وحتى الرياضات البرية والمائية والمهرجانات النقابية. ويجري العمل حالياً على تعزيز مكانة البحرين كعاصمة مالية للشرق الأوسط عبر إنشاء مرفأ البحرين المالي بكلفة 1.3 بليون دولار، وهو مجمع ضخم يضم كل الأنشطة ذات العلاقة بقطاع الخدمات المالية. يقول:"نفتخر بحضارتنا البالغ عمرها 4 آلاف سنة. لذلك نركز على جعل السياحة لدينا ثقافية. كذلك يعتبر مجتمعنا غنياً بتنوعه الإثني. فلدينا إلى جانب المسلمين، المسيحيون واليهود والهندوس وأقليات أخرى تمارس شعائرها بحرية". وتعتبر البحرين أبرز حلفاء الولاياتالمتحدة من غير الأعضاء في حلف شمال الأطلسي ناتو، وتجمعهما علاقات سياسية وعسكرية واقتصادية وثقافية، وتستضيف البحرين القاعدة العسكرية الأميركية الرئيسة في الخليج.