يثير ارتفاع الأسعار في إيران بنسبة تفوق 20 في المئة سنوياً قلقاً متزايداً لدى الخبراء والنواب الذين يعزون أسبابه إلى العقوبات الدولية وكذلك سياسة الحكومة. وأكد مركز الأبحاث التابع للبرلمان الأسبوع الماضي ان نسبة التضخم بلغت 22.4 في المئة خلال السنة الفارسية السابقة، مخالفا بذلك الرقم الرسمي المعلن 13.5 في المئة الذي كان البنك المركزي أعلنه في وقت سابق. وللسنة المالية الجارية التي بدأت في 21 آذار مارس، يتوقع المركز نفسه تضخما بنحو 24 في المئة يتوافق مع ارتفاع الكتلة النقدية بنسبة 41 في المئة استناداً إلى أرقام الموازنة. والنتيجة ان 20 نائباً احتجوا الثلثاء الماضي على"الزيادة الخارجة عن السيطرة والتي لا أساس لها لأسعار المواد الأساسية والصحية والاستهلاكية". وقال النائب اصغر غيرانماية ان"على المسؤولين القيام بشيء ما لمكافحة البطالة والارتفاع الجنوني في أسعار المواد الأساسية". واستغل التجار عودة العمل إثر بدء العام الجديد لزيادة أسعارهم. وعلى سبيل المثال أسعار الفواكه التي ارتفعت بنسبة 21.6 في المئة في خلال أسبوع، بحسب البنك المركزي. وقال أحد المستهلكين لوكالة"فرانس برس"إنه لاحظ أن"سعر قنينة كوكاكولا ارتفع من ستة آلاف إلى 7500 ريال بعد رأس السنة الفارسية وان سعر قنينة عصير الليمون تضاعف في غضون شهر ليصل إلى 20 ألف ريال". وأوضح أحد التجار أن"أسعار كل مستحضرات التجميل زادت بنحو 35 في المئة". وكذلك زاد سعر الزيت 35 في المئة عند الشراء من بائعي الجملة. ولاحظ"الغياب الكلي لأي مراقبة"، معرباً عن الأسف لوجود"سوق خارجة عن السيطرة تماماً". وتطال زيادة الأسعار أيضا المباني السكنية وسط زيادة أسعار البناء العام الماضي بنسبة 40 في المئة. كما ان عناصر التضخم متوافرة إضافة إلى الضخ الكثيف للسيولة في الدورة الاقتصادية. ويتوقع الاقتصاديون بذلك موجة جديدة من ارتفاع الأسعار قبل إقرار زيادة سعر البنزين المتوقعة في 22 أيار مايو المقبل كرد فعل عليها. وقال الرئيس السابق لغرفة التجارة في طهران محمد رضا بهزاديان"سنشهد بالتأكيد زيادة في أسعار المنتجات الأخرى انعكاساً لذلك". ويعزو بهزاديان الزيادة أيضاً إلى العقوبات المصرفية التي تفرضها الولاياتالمتحدة والقيود التي بدأت تطبقها في هذا المجال المؤسسات الأوروبية والتي تطاول المبادلات مع الخارج. وقال:"إننا ملزمون بدفع فوائد عالية وهذا ينعكس على الأسعار". والضغط المتزايد من قبل المجتمع الدولي على إيران لتعليق برنامج تخصيب اليورانيوم، يزيد أيضاً من المخاوف على النمو الاقتصادي وينسف الثقة به. ويطال التضخم خصوصاً الطبقات المتوسطة والشعبية التي بدأت تشكو من أوضاعها المعيشية. فالأساتذة الإيرانيون الذين يقبضون ما يعادل 200 إلى 300 دولار في الشهر، يتظاهرون منذ اشهر للحصول على إعادة تقييم ظروف عملهم. وكثف الاقتصاديون انتقاداتهم للسياسة الاقتصادية لحكومة الرئيس محمود أحمدي نجاد وخصوصاً النفقات المفرطة ومضاعفة الوعود التي تطلق أثناء الرحلات الرئاسية في المحافظات مع ما لها من انعكاسات تضخمية. في مطلع آذار دافع وزير الاقتصاد داود دنش جعفري عن النفقات الضخمة المتوقعة في مشروع الموازنة، مؤكداً ان العائدات النفطية للبلاد كفيلة بتغطية مثل هذه الالتزامات.