منذ أكثر من أربع سنوات ومحمد القيرعي لا يكل من التجوال في المدن والمناطق اليمنية داعياً شبيبة الفئة المهمشة الأخدام إلى الانخراط في "منظمة الدفاع عن الأحرار السود". وعلى أن المنظمة ما زالت في طور التأسيس إذ لا يزيد عدد أعضاء القائمة التأسيسية عن 2600 عضو تقدر نسبة الشباب من الجنسين بنحو 70في المئة أحرز القيرعي، وهو رئيس اللجنة التحضيرية لنفسه وللمنظمة حضوراً إعلامياً لافتاً من طريق البيانات وكتاباته الصحافية النارية المبالغة أحياناً، بتناوله ما يقول أنها إضطهادات عنصرية تطاول فئة المهمشين الأخدام. ولئن أتهم القيرعي بالتهويل، إلا أن المبالغة في تصوير الحقائق تبدو ملمحاً جامعاً بين كثيرين من مختلف المستويات الاجتماعية كاتهام"الأخدام"بأكل موتاهم وممارسة أعمال الزار التي يعتقد شعبياً أنها سبب سكن أرواح شريرة في الانسان. وقد يأتي سياق المبالغة على شكل توسل"الأخدام"في تشبيه الاضطهاد. والواضح أن المسكوت عنه في المجتمع اليمني ذي الطابع الهرمي لا يكون متطلباً إلا لحاجات سجالية. لهذا السبب ربما أخذ القيرعي يطلق نيران نقده في جميع الأنحاء، لا يفرق في ذلك بين سلطة ومعارضة ومجتمع مدني، حتى الحزب الاشتراكي الذي حاز أخيراً عضوية لجنته المركزية لم ينج من اتهامات القيرعي غامزا في ذلك من قناة تخلي الحزب بعد الوحدة عن مناصرة"الأخدام"خلال حكمه للجنوب. والراجح عند بحاثة تناولوا أوضاع هذه الفئة أن نحو مليون نسمة، العدد المقدر لأفراد فئة"الأخدام"، مازالوا هدفاً لتهميش وإقصاء شديدين. وفي حين لا تزال الثقافة العامة محمولة على الوعي التمييزي، ومن ذلك استمرار الجدل حول أصول فئة"الأخدام"هل هم من بقايا الأحباش الذين جرى استعبادهم أم يمنيون، فإن مئات الشباب والشابات من أبناء هذه الفئة القاطنة عادة مساكن من الصفيح والخيام والكرتون عند أطراف المدن أو ما يعرف باسم"المحوى"وهي تسمية يعتقد أنها تطلق على موضع سكنى الكلاب، يعيشون في أوضاع غير إنسانية وشديدة السوء فضلاً عن انتشار الأمية في اوساطهم ما يجعل شبيبة"الأخدام"أو المنتمين الى"القومية السوداء"بحسب تعبير القيرعي يتصرفون بدافع من"اضطهاد تاريخي كرس ثقافة مهادنة الاستبداد". وكانت معلومات ذكرت أن عصبة من فتيان هذه الفئة يحكمون سيطرتهم على سوق منطقة السحول محافظة إب جنوبصنعاء ويفرضون إتاوات على الباعة إلا أن مصادر عدة من فئة المهمشين نفت ذلك. وقال علي بن طالب30عاما أنها إشاعات تندرج في سياق الاستعداء ضد المهمشين. وتمنى بن طالب الذي يعمل بالأجر اليومي في مشروع نظافة المدينة على الصحافة بأن توصل صوته إلى المحافظ عساه يتفهم أوضاع العاملين في مجال النظافة ويعمل على إصلاح الأوضاع القانونية. ويعمل جزء كبير من فئة"الأخدام"في مهن تصنف بالوضيعة مثل تنظيف الشوارع وأعمال الصرف الصحي. وغالباً ما تعمل فتياتهن في تنظيف المدن أو يمارسن التسول ويكن عرضة لاعتداءات وتحرشات في المدن والقرى. وتذكر تقارير، بعضها صادر من منظمة"الأحرار السود"أن السلطات لا تبدي أي اهتمام بمعظم حوادث الاعتداء التي يكون"طرفاها خادمة وقبيلياً أبيض". أخذ عدد من فتيات هذه الفئة، وكذلك من الجالية الصومالية، بارتداء"الشر شف"اليمني لوذاً به من مضايقات عديدة يقوم بها ذكور بينهم من يزعم أنه"من المباحث الجنائية". ويقول القيرعي، الذي يحلو له وصف مواد الدستور"بالمعلبات المنتهية الصلاحية"، أن هدف منظمة"الأحرار السود"الدفاع عن كرامة المهمشين واستنهاض الوعي الطبقي التحرري لدى أفراد هذه الفئة. لكنه يعتقد أن الطريق"مازال طويلاً وشاقاً". وحصد القيرعي إعجاب البعض من داخل الطائفة وخارجها وأخذ ناشطون سياسيون ومثقفون يطلقون عليه اسم"سبارتاكوس اليمن"و"مارتن لوثر الألفية الثالثة"وهو ينحو عادة إلى الاستشهاد بوقائع نضالات السود في الولاياتالمتحدة. وأثناء حديثه، ممسكاً بهاتف جوال مدمج بحاسوب، يبدو القيرعي وكأنه يتقمص شخصية لا تتصل بواقعه. وكانت تقارير وزعها القيرعي باسم المنظمة رصد ت انتهاكات طاولت أبناء فئة المهمشين تحت عنوان"الكتاب الأسود"جاءت فقيرة من توثيق دقيق وموضوعي وطغت عليها نبرة خطابية إنشائية. وبصرف النظر عن تباين وجهات النظر وتعددها حول بروز شخصية القيرعي و"منظمة الأحرار السود"إلا أن ذلك قد يؤذن باستشعار حراك ما يُقيِّض للعنف المكبوت لدى شبيبة هذه الفئة ،التحول إلى حركة حقوقية مساواتية . وقد يتحول كل ذلك الى مجرد فقاعة عابرة صاحبت تحولات المجتمع اليمني لاسيما لجهة الفضاء الذي أتاحه هامش التعدد الحزبي والصحافي.