يقول مراقبون سياسيون أن قدامى مقاتلي تحالف الشمال الأفغاني يجددون رص صفوفهم. وزعماء الميليشيات هؤلاء لم يسلموا يوماً أسلحتهم الثقيلة الى الحكومة. والى يومنا هذا، يأتمر بأمرة أمير الحرب السابق رشيد دستم أربعون ألف رجل. وفي وسع أمراء الحرب، من أمثال دستم أو اسماعيل خان، حاكم اقليم هراة السابق، تجنيد جيش مسلح، ودعوته الى القتال في أقل من أسبوع واحد. وفي الاثناء تبسط حركة"طالبان"سيادتها شيئاً فشيئاً على الجنوب الأفغاني. ومن المرجح أن تندلع معارك بين الشمال والجنوب الافغانيين في حال نجحت"طالبان"في السيطرة على الجنوب. وقد لا تصمد حكومة حميد كارزاي أمام هجمات"طالبان". والحق أن فصول الحرب الاهلية الافغانية تتوالى منذ عقود، بحسب جيمس دوبنس، أول سفير أميركي بكابول بعد اطاحة نظام"طالبان"في أواخر 2001. ومنذ نهاية السبعينات، أججت التدخلات الخارجية نيران الحرب هذه. ففي الثمانينات، حول الاميركيون والاتحاد السوفياتي افغانستان الى ساحة قتال، ونصبا"إنجازاتهما"في الساحة"المحلية"علماً على نفوذهما في الساحة الدولية. وفي التسعينات، ساندت الهند وروسيا وإيران فصائل أفغانية متنافسة. وسعت كل واحدة من هذه الدول الى بسط نفوذها الاقليمي على أفغانستان. وما يتهدد افغانستان، اليوم، أي الحرب الاهلية، هو ثمرة تدخل خارجي، وليس وليد المنازعات الاثنية الداخلية. ويعتبر محمد داود، نائب وزير الداخلية الافغاني المكلف مكافحة المخدرات، أن باكستان هي عدو بلاده اللدود والوحيد. ف"طالبان"تحتل أجزاء من افغانستان نيابة عن باكستان. وتؤم وفود الزوار ضريح احمد شاه مسعود، زعيم"تحالف الشمال"السابق، في بوزاراق، عاصمة أهل وادي بانشير بانجشير. وبين زوار ضريح"أسد بانشير"كبار المسؤولين في حكومة كارزاي من أمثال يونس قانوني، رئيس البرلمان الافغاني والناطق باسم"تحالف الشمال"سابقاً، وعبدالله عبد الله، مستشار مسعود السابق. وزيارة قادة"تحالف الشمال"السابقين هذا الضريح مهمة ورمزية. فأحمد ضي مسعود، شقيق احمد شاه، وهو اغتيل في 2001، ويونس قانوني تحالفا مع"أمراء حرب نافذين"يشغلون مناصب حكومية، وأنشآ"الجبهة الوطنية الموحدة". ويتوقع ان ينضم الى هذا التحالف أفرقاء من جنوبافغانستان ومن جنوب شرقها، لمواجهة"طالبان". فنفوذ الحركة يهدد وحدة هذه البلاد أفغانستان. والافغان قلقون من تنامي نفوذ الباشتون وميل هؤلاء الى السيطرة على بقية الاثنيات والأقوام. فالولايات المتحدة فشلت في استمالة الباشتون بعد اطاحة"طالبان". وفات أوان كسب قلوب الافغان وتصحيح المسار في افغانستان. فخيبة أمل الافغان من الاميركيين، والاستياء الشعبي من استهداف القوات الاجنبية المدنيين، لا يتركان محلاً واسعاً لتجديد اللحمة بين القوات التي حررت أفغانستان وبين أهاليها واقوامها. عن ماري فرانس كال، "لوفيغارو" الفرنسية، 3/4/2007