سحل متمردون إسلاميون جثث جنود صوماليين في شوارع مقديشو، أمس، قبل أن يحرقوها في عرض الطريق وينهالوا عليها ضرباً ورجماً، في أعقاب أعنف معارك تشهدها العاصمة الصومالية منذ هزيمة "المحاكم الإسلامية" على أيدي القوات الحكومية والإثيوبية مطلع العام الجاري. وأعلن مسؤولون في 3 مستشفيات مقديشو مقتل ما لا يقل عن ثمانية جنود وجرح نحو 36 آخرين في الاشتباكات التي اندلعت أمس في شمال المدينةوجنوبها. وأحصى زعيم كبرى عشائر العاصمة 15 قتيلاً في مواقع الاشتباكات. وأكدت"حركة المقاومة الشعبية في أرض الهجرتين"التي تشكلت من فلول"المحاكم"أن معاقلها في جنوب مقديشو كانت هدفاً لحملة شنتها السلطات. وقالت في بيان على موقع"المحاكم"على الإنترنت أمس إنها أحبطت الهجوم وأسرت عدداً لم تحدده من جنود الحكومة. واعتبرت أن"القتال في الأيام المقبلة سيكون حاسماً". ودخلت القوات الصومالية والإثيوبية تدعمها الدبابات والمدرعات معقلاً حصيناً للمتمردين في جنوب مقديشو قبل فجر أمس، وتصدى لهم مئات المسلحين المقنّعين. وقال السفير الصومالي لدى كينيا محمد علي نور في مؤتمر صحافي في نيروبي إن هدف الهجوم كان إبعاد المتمردين ووقف هجماتهم على مواقع الحكومة. لكنه نفى مشاركة القوات الإثيوبية. وجرّ المتمردون جثث عدد من الجنود القتلى وبينهم إثيوبي واحد، كما تردد في شوارع العاصمة، ثم أشعلوا النيران فيها. وشارك بعض المارة في قذف الجثث المحترقة بالحجارة وضربها بالعصي، وهم يهتفون:"الله أكبر"، ما أعاد إلى الأذهان مشهد سحل جثث جنود أميركيين أسقط المتمردون مروحيتهم في شوارع مقديشو العام 1993، وهي الحادثة التي أدت إلى انسحاب قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة التي كان الجنود يعتمرون قبعاتها. غير أن آخرين أكدوا أن الحملة جاءت رداً على هجوم للمتمردين على مركز قيادة القوات الإثيوبية. وأفاد أحد سكان المنطقة التي شهدت المعارك أن"الدبابات الإثيوبية خرجت من المقر السابق لوزارة الدفاع وتحركت باتجاه منطقة شيركول التي تعتبر معقلاً للمتمردين، حيث قوبلوا بمقاومة شديدة". وذكر شهود أن حافلة صغيرة تقل متمردين كانت تسير بسرعة كبيرة في شوارع المدينة في طريقها إلى شيركول للمشاركة في المعارك. واستخدمت الحافلة ذاتها لنقل الخسائر البشرية في صفوف الإسلاميين. ودانت واشنطن التمثيل بجثث الجنود. وقال السفير الأميركي لدى كينيا مايكل راننبرغر الذي يشمل عمله الصومال إن"ما حدث عمل رهيب للغاية، وندينيه بأشد العبارات الممكنة". إلى ذلك، أعلن السفير الصومالي لدى كينيا أن الحكومة التي كانت تعقد اجتماعاتها في مدينة بيداوة الجنوبية نقلت مقرها إلى مقديشو، للمرة الأولى منذ إعلان تشكيلها في 2004. وقال مصدر قريب من الحكومة إن انتقالها إلى العاصمة"يحمل أبعاداً سياسية ورمزية". وأكد نور أن البرلمان سينتقل قريباً إلى مقديشو بعد"مؤتمر المصالحة"الذي سيبدأ في 16 نيسان أبريل ويستمر شهرين. من جهة أخرى، انسحب مئات الجنود الإثيوبيين من مقديشو، أمس، في إطار مرحلة جديدة من خطة الانسحاب. وغادر الجنود حرم المقر الرئاسي"فيلا صوماليا"في شاحنات عسكرية في ختام مراسم شارك فيها مسؤولون من إثيوبيا والاتحاد الأفريقي. ولم تُشاهد أي أسلحة ثقيلة في القافلة. وقال ممثل الحكومة الإثيوبية في مقديشو فيساه شاول إن المنسحبين يشكلون كتيبة كاملة. وأكد أن فوجاً من الجيش الإثيوبي سيبقى منتشراً في الصومال. على صعيد آخر، اعتقلت قوات الأمن صحافيين يعملان في إذاعة"شابيل"المحلية في مطار مقديشو، حيث كان مقرراً أن يحضرا مؤتمراً صحافياً لرئيس الوزراء محمد علي جيدي. وقال رئيس تحرير المحطة محمد أمين إن سبب اعتقال الصحافيين غير معروف، كما لم يعلن المكان الذي اقتيدا إليه، مشيراً إلى أن صحافيين آخرين شاركوا في المؤتمر تلقوا تهديدات. وأكد مسؤول الاستخبارات الصومالية صلاح عبدالقادر الاعتقال، لكنه رفض كشف تفاصيل.