أما وقد هدأ غبار القمة العربية في الرياض فإننا نستطيع ان نعود الى بعض الأفكار التي أثيرت حولها بهدوء ووضوح. الملك عبدالله بن عبدالعزيز لن يزور اسرائيل، ولن يخطب في الكنيست، كما دعا الصحافي الأميركي البارز توماس فريدمان، وهو رجل أختلف معه وأقدره لأنني أعتقد بأن العربي يستطيع أن يعقد سلاماً مع فريدمان، فهو مع التزامه العضوي بإسرائيل يريد السلام. ثمة عبارة إنكليزية تقول ان الشيء لن يحدث حتى تتحول جهنم الى جليد، بمعنى ان الشيء لن يحدث ابداً. وأقول انه حتى لو جمدت جهنم فالملك عبدالله لن يزور اسرائيل. رأيه، كما سمعه العالم كله في افتتاح القمة، ان فلسطين جريحة وشعبها الصامد يعاني القهر والاحتلال، ومحروم من حقه في الاستقلال والدولة، ومن الضروري إنهاء الحصار الظالم المفروض على الشعب الفلسطيني الشقيق بأقرب فرصة ممكنة، كي يتاح لعملية السلام ان تتحرك في جو بعيد من القهر والإكراه، على نحو يسمح بنجاحها في تحقيق الهدف المنشود في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ان شاء الله. إن شاء الله يصلي الملك عبدالله في المسجد الأقصى بعد قيام الدولة الفلسطينية، وهو إن فعل فقد يصلي ايضاً في مسجد عمر، ولا بد ان يزور مسجد الصخرة المشرفة في صحن الحرم الشريف. وربما زار كنيسة القيامة، أهم كنائس المسيحية، فمفاتيحها بأيدي أسرة فلسطينية مسلمة اسرة نسيبة منذ زارها الفاروق عمر مع البطريرك صفرونيوس قبل 1400 سنة. كل هذا بعد قيام الدولة لا قبله، والمبادرة السعودية التي أصبحت عربية تقول ان بعد الانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة، بما فيها الجولان، وبعد التوصل الى حل عادل لمشكلة اللاجئين يتفق عليه ولا يفرض على أي طرف، وبعد قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة منذ 1967... بعد هذا، لا قبله، يعتبر النزاع العربي - الإسرائيلي منتهياً وتقام علاقات طبيعية مع اسرائيل في إطار السلام الشامل. توماس فريدمان دعا الملك عبدالله الى زيارة القدس في مقال بتاريخ 24 آذار مارس. وهو كان كتب مقالاً في 31 كانون الثاني يناير الماضي قارن فيه بين ايران والمملكة العربية السعودية في العلاقات مع الولاياتالمتحدة البلد ألف والبلد باء ليخلص الى القول أن في الإمكان ترميم العلاقات بين اميركا وإيران، وهو موقف يتعارض مع موقف اللوبي اليهودي الرسمي إيباك الذي لا يمثل الغالبية العظمى من اليهود الأميركيين، ومع رغبات حكومة أولمرت، كما عرضها رئيس الوزراء الإسرائيلي صراحة في مؤتمر"ايباك"الشهر الماضي في واشنطن الذي حرض على ايران. تقتضي الموضوعية ان نزيد على هذا الجدال"البلد جيم"وما جرته سياسته من ويلات على المنطقة والمصالح الأميركية. - البلد جيم قام على أرض سرقت من شعب موجود، وكل المؤرخين الإسرائيليين الجدد اصبح يعترف بهذا. - أوروبا تواطأت في السرقة الأولى، والولاياتالمتحدة حمت السرقات والجرائم التالية، بالمساعدات المالية والعسكرية، والفيتو في مجلس الأمن. - الالتزام الأميركي بالبلد جيم جعل الولاياتالمتحدة أكثر بلد مكروه حول العالم، لا بين العرب والمسلمين وحدهم، وعرّض المصالح الأميركية للخطر. - البلد جيم اشترى الكونغرس الأميركي. - البلد جيم طالب بحرب على العراق، ويروّج الآن لحرب على إيران، ما يعني زيادة قتل الشباب الأميركيين خدمة لإسرائيل، ويزيد الكره للسياسة الأميركية أضعافاً. - اللوبي اليهودي الرسمي ايباك يؤيد السياسة المتطرفة لحكومة إسرائيل، مع ان الغالبية الساحقة من اليهود الأميركيين ديموقراطية لا تريد حرباً. - البلد جيم يكلف الولاياتالمتحدة مباشرة خمسة بلايين دولار في السنة منذ اكثر من ربع قرن هي ثلاثة بلايين لإسرائيل وبليونان لمصر ما كانت تدفع لولا المعاهدة مع اسرائيل. - هو يكلف الولاياتالمتحدة حوالى عشرة بلايين اضافية في السنة على شكل تبرعات، معفاة من الضرائب، وضمانات قروض وغيرها. - على رغم ما سبق للبلد جيم جواسيس في اميركا حوكم بعضهم وسجن، ويحاكم آخرون. - البلد جيم سرق تكنولوجيا اميركية وباعها من دول تنافس الولاياتالمتحدة. - البلد جيم قتل بحارة اميركيين في سفينة حربية اميركية. - حكومة البلد جيم يمينية متطرفة قتلت من النساء والأطفال سبعة أضعاف ما قتلت الفصائل الفلسطينية مجتمعة، وقتلت المدنيين اللبنانيين غير المشاركين في أي قتال. - تعاقب على رئاسة الحكومة في البلد جيم رؤساء وزارة من مجرمي الحرب الذين هم من اختصاص محكمة العدل الدولية، بيغن - شامير - نتانياهو - شارون - أولمرت. - حكومة البلد جيم حوّلت قطاع غزة الى معسكر اعتقال نازي. أقول ان البلد جيم خطف السياسة الخارجية الأميركية من طريق جواسيس وعملاء لا ولاء عندهم لبلدهم، وعرّض مصالح أميركا للخطر حول العالم، وهو وحده مسؤول عن قيام الإرهاب وانتشاره واشتداده، فلولا تطرفه ما قام التطرف الآخر. هذا التطرف يغذي بعضه بعضاً، وهو لن يهزم عبر طرف واحد، وإنما يُهزم التطرفان، أو ينتصران علينا جميعاً، والبداية هي بتحرير السياسة الأميركية الخارجية من التبعية لإسرائيل، فكل حديث غير هذا خرافة من نوع ان يزور الملك عبدالله إسرائيل أو تتجمد جهنم.