يوم الثلثاء الماضي فتحت صفحة اللوبي اليهودي إيباك على الانترنت، ووجدت حملة على إيران بتهمة تمويل "الارهاب" ضد اسرائيل. وفي اليوم نفسه كنت أقرأ مقالاً عن الموضوع نفسه كتبه روبرت ساتلوف، المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى الذي يضم مجموعة من اليهود الأميركيين الذين يدافعون عن الارهاب الاسرائيلي. هناك حملة من أنصار اسرائيل في الولاياتالمتحدة، وهم ليسوا جميعاً من اليهود الاميركيين، لاستغلال الحرب على الارهاب في خدمة اسرائيل، خصوصاً في تحويل الأنظار عن الممارسات النازية للقوات الاسرائيلية، ووجود مجرم حرب على رأس الحكومة الاسرائيلية. اللوبي إيباك سيعقد مؤتمره السنوي بين 21 و23 نيسان ابريل المقبل، ولا بد من ان مسؤولين اميركيين كباراً سينضمون الى رؤساء المنظمات اليهودية في جهد لدعم اسرائيل، اي دعم قتل الفلسطينيين وهدم بيوتهم وتشريدهم. ما لفتني في صفحة إيباك عنصرية واضحة. فقد أوردت نقلاً عن "جيروزاليم بوست" في القدس خبراً عنوانه "مقتل اسرائيلي في اطلاق نار في الضفة الغربية" جاء فيه ان فصيل ياسر عرفات فتح أعلن المسؤولية عن العملية. وعدت الى "جيروزاليم بوست" ذلك اليوم ووجدت فيها خبراً بعنوان "مقتل جندي بعد موت ارهابي" تحدث عن قتل الجاويش ايلاد ابو غاني وجرح الملازم الثاني يانيف أوزي دان في كمين ارهابي بين نابلس وطولكرم. ولكن كان هناك خبر آخر تحدث عن مقتل رائد الكرمي، قائد تنظيم فتح في طولكرم في اليوم السابق. وقلت في نفسي انه ربما كان الأمر ان صفحة إيباك تنقل عن اخبار "جيروزاليم بوست" من اليوم السابق، وعدت الى الجريدة في ذلك اليوم، اي الاثنين، ووجدت فيها خبرين، واحداً عن قتل اسرائيلي وجرح اثنين في هجوم بالرصاص شمال نابلس، والثاني عن مقتل الكرمي. بكلام آخر جريدة اسرائيلية تصدر في القدس نشرت في يومين عن مقتل فلسطيني، والصحف الاسرائيلية كلها، نشرت تعليقات خلاصتها ان قتله تسبب في قتل الاسرائيلي، ولكن إيباك لا يجد قتل الفلسطيني مهماً أو جريمة، فالمهم ان يعيش يهودي أو يقتل، وهو موقف يذكرنا برأي النازيين في ضحاياهم من اليهود، فهؤلاء لا يمكن مساواتهم بأبناء الجنس الآري. صفحة إيباك ضمت أيضاً موضوعاً يحث الأعضاء على شكر الكونغرس لأنه يساعد اسرائيل ويهود الفلسطينيين، والموضوع له علاقة بإقرار المساعدات الخارجية الاميركية، فمن أصل 15.3 بليون دولار ستنال اسرائيل 2.04 بليون دولار على شكل مساعدات عسكرية، و720 مليون دولار على شكل معونة مالية. اما الفلسطينيون فهُددوا اذا لم يوقفوا "ارهابهم" ضد اسرائيل. هناك ارهاب وهو عندي ارهاب اسامة بن لادن والقاعدة، ومرتكبوه يستحقون العقاب. ثم هناك ارهاب اسرائيل ضد الفلسطينيين، وهو جريمة ترتكب كل يوم بدعم من الولاياتالمتحدة، ما يجعل ضحية الارهاب يوماً شريكة فيه كل يوم. وهناك ارهاب الكونغرس الاميركي الذي يطلب من شعب محتل ان يحمي الاحتلال، ثم يهدد هذا الشعب، ويوسع ارهابه ليشمل الدول العربية كلها، فاسرائيل أقوى دولة عسكرياً في المنطقة، ومع ذلك الولاياتالمتحدة تزيد من قوتها لتشكل خطراً أكبر على جيرانها. وربما زدنا الارهاب الاقتصادي، فحصة خمسة ملايين اسرائيلي من المساعدات الخارجية الاميركية تفوق أضعافاً حصة أي بلد فقير في آسيا أو افريقيا. واسرائيل في النهاية بلد من مستوى أوروبي بفضل ما يسرق المشترعون الاميركيون من اموال دافع الضرائب الأميركي، ويحولونه الى اسرائيل. اليوم الولاياتالمتحدة تشترك مع اسرائيل في حربها على العرب والمسلمين. وقد قلنا مرة بعد مرة ان اخطاء السياسة الاميركية لا تبرر أبداً الارهاب الذي تعرضت له في 11 أيلول سبتمبر، وقلنا كذلك ان الارهابيين يجب ان يعاقبوا، وان تشترك الدول العربية والاسلامية في الحملة ضدهم، بل تقودها. هذا الكلام لا يلغي من صحته ان 11 أيلول بَعُد زمناً، فالجريمة ارتكبت ولا يخفف من هولها تباعدها. غير ان تعرض الولاياتالمتحدة للارهاب لا يعطيها رخصة لدعم الارهاب الاسرائيلي ضد الفلسطينيين، فهو ارهاب نازي المستوى، عنصري حاقد، يجب وقفه لا تشجيعه. غير ان السياسة الاميركية أسيرة اللوبي اليهودي وأنصاره، لذلك فاسرائيل تهاجم ايران، وتتهمها بمساعدة الفلسطينيين، فلا ينقضي النهار حتى تردد الحكومة الاميركية التهم الاسرائيلية، وتجعلها قضية مستمرة. وأترك القارئ مع وضع ترى فيه جريدة اسرائيلية القتيل الفلسطيني، ولا يراه اللوبي اليهودي في واشنطن، فهو وضع يعني استمرار القتل، وأنصار اسرائيل هم المسؤولون عن كره السياسة الاميركية حول العالم، وبالتالي عن دماء الاميركيين في بلادهم، وعن دماء الفلسطينيين والاسرائيليين، لأنهم يشجعون التطرف ويعطلون السير نحو السلام.