طرابلس، سرت، الجزائر - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - واصل المدنيون فرارهم من مدينة سرت الليبية أمس فيما كثفت قوات المجلس الوطني الانتقالي قصف المدينة الساحلية في محاولة لطرد مقاتلين موالين للديكتاتور الفار معمر القذافي. وأثارت المعركة الطويلة للسيطرة على سرت المحاصرة من ثلاث جهات مخاوف متزايدة في شأن المدنيين المحاصرين داخل المدينة التي يقطنها نحو 100 ألف شخص فيما يتبادل طرفا القتال الاتهامات بتعريض المدنيين للخطر. وقال أحد القادة الميدانيين لقوات المجلس الانتقالي إن «السيطرة على سرت لن تكون أمراً سهلاً. كنا نظن أننا سنفعل ذلك (أمس) الجمعة، لكن لا أعتقد ذلك. المعتصم (نجل القذافي) في المدينة وهو يقود رجاله، لديهم أسلحة ثقيلة وقناصة متربصون يجعلون مهمتنا صعبة». وتدفقت السيارات من سرت منذ الساعات الأولى من صباح أمس. وتواصل القصف المدفعي وبالدبابات بين الجانبين على الجبهتين الشرقية والغربية فيما تصاعد الدخان الأسود من وسط المدينة التي حلقت فوقها طائرات حلف شمال الأطلسي. وقال أحد سكان المدينة: «ليست هناك متاجر لبيع الطعام. كل شيء أغلق... ليست هناك أدوية ونعاني نقصاً في كل شيء». وأعلن أطباء في المستشفى الميداني قرب خط المواجهة على الجانب الشرقي للمدينة أن امرأة عجوز لقيت حتفها صباح أمس بسبب سوء التغذية وأنهم شاهدوا حالات مشابهة. وقالت بعض العائلات التي فرت من ناحية الغرب إنها لم تأكل شيئاً منذ يومين. وأكد رجل مصاب بشظية جرحت ذراعه أن الكهرباء مقطوعة عن المستشفى في سرت وأنها تعاني نقصاً حاداً في الإمدادات. وأشار إلى أن طبيباً حاول تقطيب جرحه على ضوء هاتف محمول. وقال محمد عبدالله عند مستشفى ميداني خارج المدينة: «أصبت في حديقتي في الواحدة صباحاً، لكنني بقيت في المنزل حتى المساء بسبب إطلاق النار الكثيف». ويتهم الموالون للقذافي وبعض السكان الغارات الجوية التي يشنها حلف شمال الأطلسي والقصف الذي تقوم بها قوات المجلس الوطني الانتقالي بقتل مدنيين. وينفي «الأطلسي» والمجلس الانتقالي ذلك ويقولان وعدد من المدنيين الفارين من المدينة إن القوات الموالية للقذافي تعدم المدنيين الذين تشك في أنهم متعاطفون مع المجلس. وقال رجل عجوز وهو يقترب من مقاتلي المجلس عند نقطة تفتيش بينما يغادر المدينة: «لا انتم ولا ناس القذافي... إنها الطائرات الفرنسية التي تضربنا ليل نهار. لقد هدموا سقف دارنا. أهكذا نموت؟». وأشار أحمد محمد يحيى إلى أن القتال يدور في الشوارع في المدينة معظم ساعات الليل وأن القوات الموالية للقذافي تجند سكان المدينة. وأضاف: «أحيانا يعرضون إعطاءك سلاحاً وأحيانا يأخذون الناس ويجبرونهم على القتال». ويواجه المجلس الانتقالي ضغوطاً كي يحقق التوازن بين المعركة الطويلة التي من شأنها أن تؤخر جهوده لحكم البلاد وبين تحقيق انتصار سريع لو سفكت من أجله دماء غزيرة فسيؤدي إلى تعميق الانقسامات المناطقية وإحراج الحكومة وحلفائها في الخارج. وحذرت وكالات إغاثة من أن كارثة إنسانية تخيم على سرت وسط تزايد الضحايا وتناقص إمدادات المياه والكهرباء والطعام. وقال مصدر في الأممالمتحدة في ليبيا إن المجلس الانتقالي طلب من المنظمة الدولية توفير الوقود لعربات الإسعاف لإجلاء مصابيها من سرت. وأضاف أن الأممالمتحدة ترسل شاحنات تحمل مياه الشرب للمدنيين الذين تكدسوا في عربات على الطريق من سرت إلى بنغازي شرقاً أو إلى مصراتة غرباً. إلى ذلك، نفت الحكومة الجزائرية تقارير عن اتفاق سري بين الجزائر وقطر لتسليم معمر القذافي الذي تشك قوات المجلس الانتقالي في ليبيا في وجوده قرب غدامس على الحدود بين البلدين. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الجزائرية عمار بلاني أمس: «أنفي في شكل قاطع الإشاعات التي بثتها إحدى وكالات الأنباء الأجنبية عن مفاوضات سرية مزعومة بين الجزائر وقطر حول العقيد القذافي... وأؤكد مرة أخرى وفي شدة أن هذا الأخير ليس متواجداً في الأراضي الجزائرية».