بعد أيام من الديبلوماسية الهادئة البعيدة عن الأضواء، صعّدت بريطانيا أمس لهجتها إزاء قضية 15 من بحارتها احتجزتهم البحرية الإيرانية في شط العرب الأسبوع الماضي. وأكدت لندن أنهم كانوا في المياه العراقية عندما "فاجأهم" الإيرانيون ونقلوهم إلى داخل مياههم الإقليمية، وأعلنت تجميد الاتصالات التجارية الثنائية، في خطوة لا تصل إلى حد قطع العلاقات الديبلوماسية. وسعت طهران الى احتواء التصعيد البريطاني، اذ بثت قناة"العالم"التلفزيونية الناطقة بالعربية مشاهد لعناصر البحرية البريطانيين المحتجزين، الامر الذي اعتبرته وزارة الخارجية البريطانية"غير مقبول بتاتاً". كما أثمرت وساطة لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لدى وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي، قراراً بالإفراج عن فاي تورناي 26 سنة المرأة الوحيدة بين المعتقلين ال 15. ونتيجة للأزمة، شهدت أسعار النفط قفزة الى أعلى مستوى لها منذ ستة أشهر وبلغت مستوى قياسياً الثلثاء في لندن عند 69 دولاراً. راجع ص 10 و12 تزامن ذلك مع معلومات استخباراتية روسية عن تزايد نشاط القوات الأميركية قرب الحدود الإيرانية، في اطار البحث عن"أفضل خطة"ممكنة لضرب ايران، جواً أو براً، فيما اتصل الرئيس الاميركي جورج بوش هاتفياً، بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، مبدياً استعداد واشنطن لمناقشة الدرع الصاروخية التي تعتزم اميركا نشرها في شرق اوروبا، للتصدي لهجمات محتملة من ايران، وذلك في ضوء معارضة موسكو. في طهران، أكد الناطق باسم الخارجية الإيرانية محمد علي حسيني ان الجندية البريطانية المحتجزة سيفرج عنها في"غضون يوم أو اثنين"، مضيفاً ان"التحقيقات الأولية"مستمرة مع البحارة الباقين. جاء ذلك بعدما أقنع أردوغان متقي بالسماح لديبلوماسيين أتراك بلقاء البحارة البريطانيين فور الانتهاء من التحقيق معهم، بعدما رفضت طهران السماح لديبلوماسيين بريطانيين بلقائهم. وأعلنت وزيرة الخارجية البريطانية مارغريت بيكيت أمام مجلس العموم أمس، تجميد كل اتصالات العمل الثنائية مع إيران حتى حل هذه القضية. وأوضح مسؤول في الخارجية البريطانية أن بلاده ستوقف كل الزيارات الرسمية مع إيران، وإصدار تأشيرات دخول للمسؤولين الايرانيين إلى أن تنتهي أزمة البحارة. وأشارت الوزيرة الى ان السفير الإيراني لدى بريطانيا قدم في اليوم التالي لاحتجاز البحارة، بيانات عن مكان الحادث"مختلفة عن بيانات وزارة الدفاع البريطانية"، تبين بعد درسها أن منطقة احتجاز البحارة"تقع في المياه العراقية". واشادت بيكيت ب"دول ساندت بريطانيا في موقفها"، خصوصاً وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري الذي أكد وقوع الحادث في المياه الإقليمية لبلاده. وقالت بيكيت أن الإيرانيين أبلغوا البريطانيين بأن حادث شط العرب لا علاقة له ب"أي موضوع ثنائي، إقليمي أو دولي"، في إشارة إلى تكهنات برغبة طهران في مبادلة البحارة بخمسة من قادة"الحرس الثوري"أوقفتهم القوات الأميركية في العراق. وعرض الأدميرال تشارلز ستايل نائب قائد الأركان في وزارة الدفاع البريطانية"أدلة"تؤكد أن الحادث وقع في المياه العراقية، وأن البحارة البريطانيين وقعوا ضحية"مكمن"إيراني. ونفت وزارة الدفاع أن تكون أرسلت جنوداً لإنقاذهم، في حين أشارت البحرية الأميركية إلى أنها لا تملك معلومات تعزز إشاعات عن إطلاق إيران النار على سفينة للبحرية الأميركية في الخليج. ولوّح رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أمس بزيادة الضغوط الديبلوماسية على طهران، وقال إن بلاده التي ستتولى رئاسة مجلس الأمن الأسبوع المقبل تجري اتصالات مع"شركاء وأعضاء"في المجلس والاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي و"حلفائنا الرئيسيين في الشرق الأوسط"بخصوص الأزمة. الموقف الاميركي واعلنت الناطقة باسم البيت الابيض دانا بيرينو ان الولاياتالمتحدة لا تسعى إلى تصعيد التوتر مع ايران، وان كانت تؤيد بريطانيا في مساعيها لإطلاق جنودها. لكن وكالة انباء"نوفوستي"نقلت عن مصدر رفيع المستوى في موسكو قوله ان الاستخبارات العسكرية الروسية تلقت أخيراً معلومات عن تزايد نشاط القوات الأميركية قرب الحدود الإيرانية، موضحاً ان المعطيات المتوافرة تفيد بتحضيرات لشن عملية جوية او برية"لم تبت وزارة الدفاع الأميركية بعد"موعدها النهائي. واعرب المصدر عن اعتقاده بأن تلك التحركات تهدف الى البحث عن افضل خطة ممكنة لضرب ايران"تتيح اخضاعها بأقل خسائر ممكنة". جاء ذلك فيما أعلن الخبير العسكري الروسي ليونيد ايفاشوف ان واشنطن أجرت اخيراً تجارب ناجحة على قنبلة جديدة مخصصة لتدمير المنشآت المحصنة، بدأ العمل لصنعها عام 2004. وأوضح الجنرال السابق ان القنبلة مصممة لتدمير مخابئ ومنشآت تحت الأرض لإنتاج اليورانيوم المخصب أو تخزينه. ولم يستبعد ايفاشوف أن يستخدم الأميركيون القنبلة في ضرب المنشآت النووية الإيرانية.