إذا خلَّينا بين الحرب في العراق وبين الدوام والاستمرار من غير ختام أو نهاية، فالأرجح انها قد تتسع، وقد تتردى الحال جراء اشتباكات وحوادث طارئة مع الإيرانيين فتنقلب حرباً إقليمية عريضة. فيقاد الأميركيون الى نزاع في إيرانوالعراق وأفغانستان وباكستان في وقت واحد. وعلى الكونغرس الأميركي إبلاغ العالم أنه لا يؤيد استعمال الولاياتالمتحدة القوة من طرف واحد ما لم يتهدد الأمن الوطني الأميركي تهديد وشيك. وفي ما يتعلق بزيارة كوندوليزا رايس الى الشرق الأوسط، لست متيقناً من أن إدارة بوش خططت معالجة متماسكة وشاملة لمشكلات المنطقة. فبعض شعارات رايس مضرب ومتعثر. فهي زعمت، الصيف المنصرم، أن قصف إسرائيل المدنيين اللبنانيين وپ"حزب الله"المدنيين الإسرائيليين من علامات"مخاض ولادة"الشرق الأوسط الجديد. وهذا غير مناسب. وبالأمس القريب تناولت مهمتها، فوصفتها بأنها تعريف"أفق سياسي للفلسطينيين". والأفق، تعريفاً، هو خط وهمي ويبتعد كلما مشى المرء نحوه، على ما لا يجهل أحد. والحق أن الحوادث تحمل على مناقشة أمن العراق غداة انسحاب الولاياتالمتحدة، مناقشة جادة. ولا تستثني الدعوة الداخل الأميركي. ولا ينكر أن ثمة وعياً متعاظماً بعزل"حماس"وبالاقتصاص الجماعي من الفلسطينيين، وبأن الأمرين غير مجديين ولا مجزيين. ويلاحظ، من وجه آخر، أن الرأيين العامين، الإسرائيلي والفلسطيني، غير بعيدين من قبول مفاوضة تنتهي الى مساومة أو تسوية. ويلوح ربما إمكان حوار مع الإيرانيين يتناول العراق خصوصاً، ودائرة الأمن الإقليمي الأوسع، وأخيراً المسألة النووية. ولا ينبغي التهوين من خطر مهاجمة الولاياتالمتحدةإيران. ولا يقيد هذا الخطر ويلجمه إلا تحرك نحو الحوار على المستويات الثلاثة التي عددتها للتو. وقد لا تكون الحرب مقصودة ومتعمدة. فهي قد تنشأ عن انتفاء سياسة بديلة ذكية. وأخشى تواتر اشتباكات غير متعمدة، وحوادث طارئة، وأعمال عنف مثل عملية إرهابية تصيب الولاياتالمتحدة وتحمل على ذريعة تسوغ عملاً دفاعياً. وهذا، إذا حصل، أفدح من افتعال الإدارة الأميركية حادثة تتوسل بها الى شن الحرب. وفي كلا الحالين ليست الحرب في مصلحة الولاياتالمتحدة ولا مصلحة إيران. وفي آخر كتبي،"الرؤساء وأزمة الدولة العظمى الأميركية"أحاول أن أشرح للأميركيين أن أميركا لم تحسن تدبير الفرص التي سنحت لها منذ 15 عاماً، ولا اغتنام هذه الفرص. وقد تواتيهم الفرصة مرة ثانية بعد 2008 انتخاب رئيس جديد، ولكن ينبغي، هذه المرة، تحسين الأداء الأميركي، وشريطة تحسينه. ويفترض هذا، في صف الجمهوريين، مباشرة مناقشة حقيقية وجادة موضوعها الحرب. والى اليوم، أبرز المرشحين الجمهوريين كانوا من مؤيديها. وفي صف الديموقراطيين، ينبغي أن يكون المرشح من مناهضي الحرب، وقادراً على تمثيل وجه جديد لأميركا يضطلع بقيادة العالم، ويرسم ملامح قيادة لعالم اختلفت أحواله عما كانت عليه في أثناء الحرب الباردة. عن زبيغنيو بريجينسكي مستشار جيمي كارتر الديبلوماسي 1976 - 1980،"لوموند"الفرنسية، 24 /3/ 2007