باغت الحزب الحاكم في مصر معارضيه بتمرير التعديلات الدستورية في البرلمان خلال جلسة مساء أمس، بدلاً عن جلسة كانت مقررة اليوم. وأحال رئيس مجلس الشعب الدكتور أحمد فتحي سرور على رئاسة الجمهورية موافقة البرلمان على التعديلات، كي يعتمدها الرئيس حسني مبارك ويدعو إلى استفتاء شعبي عليها. وأكدت مصادر مطلعة ل"الحياة"أن الاستفتاء سيُنظم خلال أسبوع بدل موعده المقرر في 7 نيسان أبريل المقبل. وأقرت التعديلات بغالبية أكثر من ثلثي النواب مساء أمس، بهدف احتواء تحركات المعارضة وتضييق الوقت أمامها لحشد المواطنين لرفض التعديلات. ورفض نواب"الإخوان المسلمين"وبعض النواب المستقلين حضور المناقشات، وفضلوا الجلوس في حديقة البرلمان. ونُقل النائب المستقل مصطفى بكري إلى المستشفى على خلفية مشادة كلامية خلال مناقشة التعديلات. وقال المرشد العام ل"الإخوان"محمد مهدي عاكف ل"الحياة"إن"ما حدث هو انقلاب دستوري، فعلى رغم رفض كل القوى الوطنية للتعديلات، تم تمريرها حسب رغبة الحزب الحاكم". واعتبر المنسق المساعد لحركة"كفاية"جورج إسحاق إن التعديلات"تقنن تزوير الانتخابات، كما أن تعديل المادة 179 الخاصة باستحداث قانون لمكافحة الإرهاب ضرب الحريات في مقتل". ودعا"القوى الوطنية كافة"إلى التظاهر أمام البرلمان اليوم. ويعقد نواب المعارضة مؤتمراً صحافياً اليوم أمام البرلمان لتأكيد رفضهم التعديلات. وأكد الناطق باسم كتلة"الإخوان"الدكتور حمدي حسن أن المشاركين في المؤتمر"سيدعون الشعب المصري إلى مقاطعة الاستفتاء وعدم الخروج الى صناديق الاقتراع". واعتبر النائب المستقل علاء عبدالمنعم أن"الدعوة إلى المقاطعة هي السلاح الأخير أمام الشعب لإبطال هذه التعديلات، فخروج الشعب للإدلاء بصوته سيستغل، حتى لو قال الناس لا". ولم يدخل البرلمان تعديلات تذكر على النصوص المطروحة للنقاش، واكتفى بتغيير بعض أسماء الإشارة والنقاط والفصلات، وأجاز التعديلات التي تنص على حظر أي نشاط سياسي على أساس ديني وتخفيف الإشراف القضائي على الانتخابات واستحداث قانون مكافحة الإرهاب الذي يمنح أجهزة الأمن سلطات واسعة. وشهدت مناقشات المادة 88 من الدستور الخاصة بالإشراف القضائي على الانتخابات جدلاً واسعاً بين النواب. واعتبر المستشار القانوني للرئيس مبارك عضو اللجنة التشريعية في البرلمان محمد الدكروري أن نص تعديل هذه المادة"يحقق توازناً جيداً بين إجراء الاقتراع في يوم واحد، وبين حتمية الإشراف القضائي الذي سيتحقق من خلال وجود لجنة عليا تتمتع بالاستقلال والحياد". لكن رئيس حزب"الوفد"المعارض محمود أباظة اعتبر أن هدف الحزب"الوطني الديموقراطي"الحاكم من هذا التعديل هو إلغاء الاشراف القضائي على الانتخابات. واعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة الدكتور معتز عبدالفتاح أن التعديلات"جاءت لترسخ الوضع الراهن ولم تسعَ إلى تغيير جوهري". وأضاف:"كان المطلوب أن تتسم التعديلات بالهيكلية وأن تعيد رسم العلاقة بين السلطات المختلفة"، مشيراً الى أن"إقرارها بهذا الشكل يؤكد أن الحزب الحاكم غير جاد في الإصلاح".