كشفت مصادر سورية رفيعة المستوى ل "الحياة" امس ان محادثات الرئيس بشار الأسد مع المنسق الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا، والتي شلمت اجتماعاً مغلقاً لمدة 15 دقيقة، "لم تتضمن اي تغيير"في مواقف سورية من لبنان. ونقلت عن الأسد قوله: "اننا لا نتعامل مع اوروبا واميركا إلا من خلال مصالحنا. وعندما تتقاطع المصالح يكون التعاون تاما". وبدا من خلال محادثات سولانا مع المسؤولين السوريين ان دمشق"لم تعد مهتمة بالشراكة مع الاتحاد الاوروبي وبتراجع ثقتها به"، في مقابل إعرابها عن"تقدير المبادرة الطيبة"بتأكيد سولانا ان اقامة السلام يجب ان تتضمن انسحاب اسرائيل من الجولان. وقالت المصادر ان زيارة سولانا لدمشق للمرة الاولى منذ سنتين"دلت إلى أن فكرة عزل سورية لم تؤد الى النتائج التي فكر بها بعض الاوروبيين". وأجرى سولانا محادثات مع الاسد ونائبه فاروق الشرع ووزير الخارجية وليد المعلم، قبل ان يعقد اجتماعاً مع سفراء الاتحاد الاوروبي. وقالت مصادر ديبلوماسية اوروبية حضرت اللقاء ل"الحياة"انه ابلغهم بالعمل على"سلة متكاملة"لتقديمها الى سورية تتضمن حوافز اقتصادية وسياسية مثل توقيع الشراكة والتركيز على الجولان وتقديم مساعدات للاجئين العراقيين، في مقابل"تطوير سلوكها"ازاء ملفات العراق وفلسطين والأزمة اللبنانية و"العودة الى الاجماع العربي"في اشارة الى الابتعاد عن طهران. وقالت المصادر إن سولانا سيتصل بوزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس لاطلاعها على نتائج زيارته لدمشق، وان اللجنتين الرباعيتين الدولية والعربية ستعقدان اجتماعا مشتركا في النصف الثاني من نيسان ابريل المقبل. وعلم ان سولانا لم يثر بالعمق الموضوع الداخلي السوري او ملف حقوق الانسان، لكن لاحظ ان لدى المسؤولين السوريين اولوية للحفاظ على الامن وعلمانية الدولة السورية. ونقلت المصادر الديبلوماسية عن سولانا قوله ان زيارته لسورية"لم تستهدف تحقيق اهداف محددة، بل تقديم موقف اوروبي موحد واستئناف الاتصالات". وقال سولانا انه ابلغ الجانب السوري ان"اوروبا لم تعزل سورية، بل ان سورية عزلت نفسها حتى عن العائلة العربية. وان اوروبا لا تريد تهميش سورية او عزلها، بل انها تحترم سيادة سورية وسندعم في شكل كامل طلبها باستعادة الجولان". وزاد:"كنا صامتين في السابق في شأن الجولان، لكن صوتنا سيكون مرتفعا في هذا المجال، بحيث يكون هذا حافزا لانخراط"سوري اكبر. واضاف:"لدينا رؤية موحدة، كي تعود سورية الى الاجماع العربي وان تكون جزءا من المبادرات". وأبلغ سولانا السفراء الاوروبيين ان"تطبيع"العلاقات السورية - الاوروبية وعودته الى دمشق في المستقبل، مرتبطان بالموقف السوري من العراقولبنان وفلسطين، إذ طالب ب"تطوير السلوك"في ما يتعلق باقامة محكمة ذات طابع دولي لمقاضاة المتهمين باغتيال رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري، وضبط الحدود السورية - اللبنانية و"بذل جهود كبيرة لتطبيق القرار الدولي الرقم 1701 لأن هذا ضروري لتحقيق الامن والاستقرار في لبنان، ونأمل بأن يطبق القرار في شكل تام". وقال سولانا في مؤتمر صحافي عقده مع المعلم في مطار دمشق قبيل مغادرته:"اخبرت الرئيس الاسد خلال اجتماع ساده مناخ ايجابي بأننا نرغب بأن تبذل سورية جهودا كبيرة لتطبيق القرار 1701... هذا امر ضروري لتحقيق السلام والاستقرار في لبنان"، معرباً عن أمله"بأن يتم تطبيق القرار بشكل تام". واضاف انه ابلغ الأسد ان"هناك فرصة لتكون سورية جزءاً من المبادرات في المنطقة. ومن الضروري ان تتخذ القرارات الجيدة وان نشارك معاً في عملية السلام لتأمين الاستقرار في كل المنطقة". واكد انه قال للرئيس السوري:"يجب ترجمة العبارات بأفعال". وقال المعلم، من جهته:"نحن لا نقول اطلاقاً اننا ضد المحكمة ذات الطابع الدولي. هناك اجماع في لبنان على مبدأ قيام المحكمة. هناك اختلاف في لبنان حول نظام المحكمة. نحن ننتظر نتائج التحقيق الذي نتعاون معه في شكل كامل وأرجو عدم القفز الى استنتاجات"، قبل ان يعتبر موافقة فرنسا على زيارة سولانا لدمشق"خطوة ايجابية"، نافياً عبور أي اسلحة الى لبنان عبر الحدود السورية، مع تجديد التزام القرار 1701 والاستعداد لاستمرار الحوار حول هذا الموضوع.