ربما تعاطفت بيسان الشيخ مع صابرين الجنابي في مقالها "من يغتصب من في العراق" المنشور في "الحياة" 24 شباط/ فبراير 2007 بحكم كونها امرأة. غير ان الكاتبة كونت رأيها بناء على أمور تراها بديهية أو غير قابلة للجدال، إلا انها تعكس عدم اطلاع على ما يجري في العراق والواقع السائد هناك, فهي تعتبر ظهور الجنابي بنية تقويض مشروع سياسي ضرباً من الخيال. وهنا أود فقط أن ألفت انتباهها إلى حادث تفجير إرهابي حدث في إحدى مناطق بغداد حيث ذكر شاهد عيان أن سيارة توقفت أمام محلات تجارية في شارع الكرادة الرئيس وترجل منها رجل أنيق تبدو عليه علامات الوقار مصحوباً بزوجته وأطفاله، الأمر الذي جعل أصحاب المحلات التجارية يجدون حرجاً في مطالبته بعدم التوقف هناك. وما هي إلا دقائق قليلة حتى دوى انفجار هائل حصد أرواح عشرات الأبرياء، أي ان الإرهابي استخدم زوجته وأطفاله للتمويه وتنفيذ جريمته النكراء. كما انني أود لو تحاول الشيخ متابعة تطورات الوضع في العراق من مصادر موثوقة متعددة قبل الخوض في قضاياه الشائكة والمعقدة، فهناك الكثير من الوقائع كشف عنها مخطوفون عراقيون وأجانب تحدثوا عن أماكن اختطافهم، التي كانت في بعض الأحيان منازل مأهولة لا تسترعي الانتباه, أطفال يترددون على المدارس يومياً ونساء يقمن بالطهي والمراقبة بل ومساومة ذوي المخطوفين أحياناً كما حدث لأحد أقربائي منذ أكثر من عام حيث اتصلت امرأة تطالب أهل قريبي المختطف بمبلغ إضافي من المال في مقابل إطلاق سراحه. لهذا لا أجد في ادعاء مثل هذه المرأة الجنابي عندما ينكشف أمرها انها تعرضت للاغتصاب مستغلة حالة الاحتقان الطائفي السائدة أمراً مستبعداً أو مستحيلاً، كما تراه الشيخ، ولن تجد حرجاً في الظهور أمام العدسة وترديد كل المزاعم التي ترى فيها إفلاتاً من العقاب. وأسأل الشيخ لو افترضنا ان ساجدة الريشاوي المدانة بالاشتراك في تفجيرات الأردن ادعت انها تعرضت للاغتصاب، فهل ستتعاطف معها؟ لا أقول ان الجنابي مذنبة أو بريئة، غير انني وددت لو تريث البعض قبل تدبيج المقالات لإبداء الرأي وإطلاق الأحكام. فهناك اتهامات للجنابي بعد أن تعرف إليها مخطوفون، كما تقول الحكومة، وهناك فحوص طبية أجريت لها، لذا أجد الجهة التي سارعت إلى توجيه الاتهامات مخطئة بقدر تلك التي سارعت إلى اتخاذ القرار بمكافأة المغتصبين المزعومين بصفتهم أبرياء وبقدر وسائل الإعلام التي أذاعت أو نشرت وحللت وهولت, نعم مخطئة في تعاملها مع قضايا حساسة كهذه, وهي بتصرفاتها تلك تتحمل مسؤولية أي دماء عراقية تسيل نتيجة مواقفها المتسرعة وغير المحسوبة، ولا شك في ان الاحتكام إلى القضاء في مثل هذه القضايا وانتظار القرارات التي تصدر عنه من دون تشنج أو تشكيك أو طعن هو السبيل الأفضل لتجاوز ألغام المرحلة الراهنة في العراق الجديد. رعد الجواهري - بريد الكتروني