دخلت القضية العراقية بعد مؤتمر بغداد السبت الماضي، منعطفاً جديداً في اتجاه الأقلمة، وربما التدويل، وأسرع المسؤولون لزيارة السعودية والكويتودمشقوطهران. فيما كشف المؤتمر ارتباك بعض مراكز النفوذ في الولاياتالمتحدة. وتتحدث أوساط سياسية في واشنطن عن تراجع دور نائب الرئيس ديك تشيني لمصلحة وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس. وأفادت أنباء صحافية أن الجيش الأميركي بدأ يعد خطة للانسحاب من العراق. ويرى مراقبون أن خطوة رايس وموافقتها على المشاركة في المؤتمر، جاءت استجابة للضغوط المتراكمة على ادارة الرئيس بوش، والدعوات المتكررة، سواء من لجنة بيكر - هاملتون التي يندرج المؤتمر ضمن توصياتها، أو قيادات نيابية لعقد المؤتمر. ويؤيد مسؤولون بارزون، يتقدمهم السفير الجديد في الأممالمتحدة زلماي خليل زاد الذي فوض لاستشارة ايران حول العراق السنة الفائتة، والسفير الجديد في بغداد ريان كروكر الخطوة الى جانب مساعد رايس في الشؤون العراقية دايفيد ساترتفيلد، فيما يعارضها صقور الادارة مثل اليوت ابرامز ونائب وزير الدفاع أريك أدلمان، الذين يفضلون تكثيف الضغوط وعزل دمشقوطهران قدر الإمكان. ونقلت صحيفة"واشنطن بوست"أن هؤلاء عارضوا أيضا جهود رايس في الملف النووي الكوري الشمالي والذي قاده مساعدها كريستوفر هيل وتوصل الى اتفاق مبدئي لنزع سلاحها النووي، فيما أوكلت رايس الى ديفيد ويلش مهمة الملف الفلسطيني - الاسرائيلي ونيكولاس بيرنز الملف الايراني. ويقول ساترتفيلد ل"الحياة"، إن"استقرار العراق بات عنصراً أساسياً لاستقرار المنطقة"، محذراً من ان الحرب الأهلية في العراق"لن ينحصر دخانها داخل بغداد"، ومن هنا ضرورة إشراك دول المنطقة للخروج من الأزمة. وكانت صحيفة"لوس انجليس تايمز"نقلت الاثنين ان مخططين عسكريين اميركيين بدأوا بإعداد خطة للتراجع في حال فشل التعزيزات العسكرية الاميركية في العراق تشمل انسحاباً تدريجياً وتركيزاً على تدريب القوات العراقية بالاستفادة من التجربة الاميركية في السلفادور. ونقلت الصحيفة عن مسؤول في البنتاغون قوله"هذا الجزء من العالم لديه حساسية تجاه الوجود الأجنبي وأمامنا فرصة قصيرة نسبياً"، في اشارة الى منطقة الشرق الاوسط. وعلى رغم إصرار واشنطن أن ثوابتها في العراق لم تتغير، خصوصاً لجهة رفض أي حوار مباشر مع ايران أو سورية، عكس مؤتمر بغداد تحولاً في الاستراتيجية الأميركية نحو البراغماتية وسياسة الاحتواء في التعامل مع المأزق العراقي، ولوحظ ان وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس هي"المحرك الأقوى"لهذه السياسة على حساب تشيني الذي لم يعلن دعمه للمؤتمر. في دمشق، دعا نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، بعد لقاء مع مساعدة وزيرة الخارجية الاميركية المكلفة القضايا الانسانية ايلين سوربري الى"حوار شامل"سوري - اميركي حول كل قضايا الشرق الاوسط. وتحرك قادة سياسيون بارزون بعد مؤتمر بغداد الى دول الجوار الاقليمي، فزار رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني الرياض، وتوجه نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي الى طهران، ووصل نائب رئيس الوزراء سلام الزوبعي الى دمشق، فيما وصل رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي الى الكويت وينتقل بعدها الى دول اخرى.