تحوّلت الحديقة الخضراء الكبيرة بين مقرّ المحطات الفضائية وأجهزة الإعلام المختلفة في مدينة دبي للإعلام، إلى مسرح مفتوح انطلقت على خشباته فعاليات مهرجان دبي العالمي للجاز في دورته الخامسة وسط حضور كبير ومتنوّع، وكانت الشركة المنظمة، توقعت مشاركة قرابة 30 ألف شخص في أيام المهرجان الثلاثة، مقارنة ب 21 ألفاً حضروا مهرجان العام الماضي و 18 الفاً عام 2005. 120 عازفاً يمثلون 12 فرقة عالمية وعربية تشارك في المهرجان الذي انطلقت فعالياته الخميس الماضي واختتمت في وقت متأخر من مساء أول من أمس. المكان الذي كان في الصباح نزهة استراحة الغداء لآلاف العاملين في مدينة دبي للإعلام، تحول مساء اليوم ذاته إلى قبلة قصدها الآلاف من عشاق الموسيقى بعد أن نجح المهرجان في ترسيخ مكانته على خريطة المهرجانات الموسيقية العالمية واستقطب الزوار من أنحاء الشرق الأوسط وأوروبا. السياج الحديد الذي ضرب حول تلك الحديقة الكبيرة وبحيرتها الرائعة وممراتها المائية الفينيسية، وحرم مرتادوها من أجوائها قبل عشرة أيام، انكشف سره وما يخفيه وراءه بعد طول انتظار. فخلف ذلك السياج الذي تكسو واجهته الخارجية عشرات الملصقات الإعلانية للشركات الراعية فتمنع رؤية ما في داخله، تدفق الآلاف من محبي الجاز يتراقصون على أنغام أشهر الفرق العالمية في مهرجان لم يقتصر على الجاز وان حمل اسمه. الروك، والبلوز، والبوب، والآر آند بي، والهيب هوب، والريغي، والإثنيك، والموسيقى اللاتينية، وحتى الموسيقى العربية والشرقية، والعزف الايقاعي، كلها تعانق موسيقى المهاجرين الأفارقة في هذا المهرجان. ونجح المهرجان في خلق ما بات يعرف ب"الجاز العربي"وتأسست له فرق في دبي، التي قصدها المهرجان بديلاً من بيروت وفقاً للمدير العام لشركة"تشل آوت برودكشنز"، المؤسسة والمنظمة للمهرجان أنطوني يونس. فرق مثل"توتو"ومغنون وعازفون عالميون أمثال دي دي بريدجووتر ومغني البلوز البريطاني جايمي كالوم، وفريدي كول وغيرهم يقصدون دبي للمرة الأولى، فيما الجمهور لا يقل تنوعاً وثراء عن المغنين والعازفين. في اليوم الأول للمهرجان أطلت سفيرة الجاز حول العالم دي دي بريدجواتر إحدى أبرز مغنيات الجاز الإفريقي، وهي أول أميركية تدخل المجلس الأعلى للفرنكوفونية، وحصلت على جائزة وزارة الثقافة الفرنسية. كما ضمت قائمة النجوم المشاركين عازف البيانو والمغني والمؤلف البريطاني جايمي كالوم وفريق الروك"توتو"وفريدي كول فضلاً عن عدد من العازفين العرب أمثال الأردني كمال مسلم واللبناني سيرجيو بخعازي والعراقي فرات قدوري وفرقة دبي درامز التي تضم في صفوفها عازفين من جنسيات مختلفة. ولفتت الأنظار مشاركة العازف اللبناني غي مانوكيان تحت عنوان"جاز عربي"، إذ تعتبر أعماله مزيجاً موسيقياً ذا طابع شبابي، ويظهر بوضوح فيها تأثره بالموسيقي اليوناني ياني والفرنسي جان ميشال جار. جدول فعاليات المهرجان ضم أيضاً حضوراً عربياً فاعلاً في ثاني أيامه، وشارك عازف البلوز اللبناني سيرجيو بخعازي يرافقه شقيقه روي على آلة الباص وعازف الطبل تيم بيرنل، كما غنت جوان فولكر وبغي بلو وهارييت لويس. وتعتبر فولكر واحدة من أهم مغنيات الجاز والبلوز في أوروبا. ومن الفرق العربية التي نمت وتألقت في دبي فرقة"كمال مسلم"التي تألفت عام 2006 وتضم إلى جانب الأردني من أصل فلسطيني مسلم الشقيقين عازف الدرامز روني عفيف وعازف البايس إيلي عفيف، ويقدم الثلاثي نوعاً جديداً من الموسيقى يطلقون عليه"الجاز العربي". فيما ميزت فرقة توتو العالمية اليوم الثاني لمهرجان الجاز على رغم أنها ليست فرقة جاز، وتشكّل مشاركتها حدثاً مهماً لا سيما أنها الحفلة الأولى التي تقيمها في العالم العربي. أما بيغي بلو فتعتبر واحدة من أهم مغنيات البلوز في الولاياتالمتحدة والعالم، إذ حصدت عدداً كبيراً من الجوائز، وغنت إلى جانب كبار نجوم الغناء في العالم، وتقدم حاليا مجموعة من الأغاني لفرانك سيناترا في عرض أطلقت عليه اسم"بلو سيناترا". وجمعت الليلة الثانية عازف البوق الشهير الحائز جائزتي غرامي كأفضل عازف منفرد، وأفضل ألبوم للعزف المنفرد راندي بريكير، وعازفة الساكسوفون الأميركية الايطالية الأصل ادا روفاتي. ومن الفرق العربية فرقة"دبي رامز"التي تأسست في دبي بقيادة عازف الإيقاع العالمي الأوغاندي أستو دغادو وتضم أربعة عازفين إماراتيين وعدداً من الموسيقيين من مختلف الجنسيات الأجنبية والعربية المقيمة في الإمارات. وطبعت المغنية الأميركية روبين ماكلي الليلة الأخيرة للمهرجان بطابع الجاز الكلاسيكي الأميركي، بأسلوب غنائي يعيد إلى الأذهان أيام السبعينات، بروح مفعمة بالأحاسيس والصفاء. وشاركت الفرقة البريطانية"أكوستيك ألشمي"للمرة الأولى في دبي والعالم العربي، وهي تتميز بأسلوب عزف جديد يخلط بين أصناف الجاز ليجعل منها لوحة متكاملة.