أعلنت ايران أمس أنها تؤيد أي جهد لكبح العنف في العراق ووصفت اجتماعا اقليميا عقد في بغداد والتقى خلاله مسؤولون أميركيون وايرانيون بأنه "خطوة جيدة". فيما أخذ سياسيون عراقيون على المؤتمر عدم مناقشته القضايا الجوهرية. وقال محمد علي حسيني الناطق باسم وزارة الخارجية الايرانية"نساند أي جهد يساهم في إبعاد العراق عن المشاكل الراهنة وإحلال الأمن فيه. وستكون ايران أول من يساند هذه الخطة". وأكد العراق أن القوى العالمية والدول المجاورة بما في ذلك ايران وسورية اتفقت على أن وقف العنف الطائفي ومنعه من الانتقال الى دول أخرى في المنطقة"أمر حيوي". واعتبر حسيني محادثات بغداد خلال مؤتمر صحافي اسبوعي بثه التلفزيون"خطوة أولى مهمة". وأضاف أن كل الاطراف المشاركة اعتبرت الاجتماع"بناء". وكان محللون ايرانيون قالوا قبيل الاجتماع انه اذا تمخض عن نتائج جيدة فقد يساعد في تخفيف التوتر في قضايا أخرى بما في ذلك النزاع بين واشنطنوطهران بسبب برنامج ايران النووي. وقال زلماي خليل زاد، سفير الولاياتالمتحدة لدى العراق ان الاميركيين لم يناقشوا مع الايرانيين الا القضايا المرتبطة بالعراق. وأكد حسيني ذلك قائلاً ان المحادثات"تناولت أمن العراق والمواضيع المرتبطة به". وأضاف:"نأمل بأن تغير الدول الأخرى التي شاركت في مؤتمر بغداد سلوكها تجاه العراق". ولم يحدد هذه الدول بالاسم. وتتهم الولاياتالمتحدةايران بدعم المسلحين في العراق وتنحي طهران باللائمة على الاحتلال الاميركي في اثارة العنف. وبعد المحادثات أعلنت الولاياتالمتحدة ان تركيا عرضت استضافة مؤتمر للمتابعة على مستوى وزاري في نيسان ابريل وان وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ستحضر الاجتماع. وأثارت صحيفة"كيهان انترناشونال"الايرانية الناطقة بالانجليزية وعادة ما تنتقد السياسة الاميركية تساؤلات حول أهداف مؤتمر بغداد. وأكدت ان"اشراك ايران وسورية هو في حقيقة الامر تحول تمويهي يستخدمه المحافظون الجدد الاميركيون لانجاز مشروعهم في العراق والمتمثل في ادخال لاعبين جدد لإسكات الدعوات المتزايدة لانسحاب عسكري". في بغداد اتفق قادة سياسيون ونواب على ان المؤتمر لم يحدد آليات واضحة للتباحث حولها بين الاطراف، لكنهم اعتبروا جلوس اطراف متنازعة تحت سقف واحد شيئاً ايجابياً وله دلالاته الكبيرة، فيما أكدت وزارة الخارجية العراقية امكان عقد اجتماعات لجان البحث التي شكلها المؤتمر في بغداد قريباً. وأوضح لبيد عباوي، وكيل وزارة الخارجية ل"الحياة"ان"اعضاء اللجان الثلاث: الامنية والطاقة واللاجئين، تتألف من اطراف دولية شاركت في المؤتمر،"وهي لجان مفتوحة لجميع الاطراف للانضمام اليها"، لافتاً الى ان اللجان"ستعقد اجتماعاتها قبل المؤتمر الدولي المقبل الذي سيعقد في نيسان ابريل". واختتم مؤتمر بغداد أعماله اول من امس بمقررات اوصت بتشكيل ثلاث لجان لبحث القضايا الامنية وأوضاع اللاجئين العراقيين في دول الجوار وتوريد الوقود الى العراق. وتباينت ردود فعل سياسيين عراقيين من نتائج المؤتمر، وقال نصار الربيعي، عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب في تصريح الى"الحياة"ان"اللقاء الذي حدث بين الاطراف الاساسيين في المشكلة العراقية ايجابي بحد ذاته"، لافتاً الى ان"الاحتلال هو جوهر المشكلة وتخوف بعض دول الجوار من التوسع الاميركي تجاهها احد اسباب انتشار العنف الطائفي". مضيفاً"لا شك ان دول الجوار لها النصيب الأكبر في مأساة العراق". وشدد على ان"المؤتمر كان بإمكانه ان يخرج بأكثر من النتائج التي اعلنت"، معتبراً توصياته بعقد مؤتمرات لاحقة"خطوة في الاتجاه الصحيح". وقلل السياسي الكردي محمود عثمان، من اهمية ما خرج به المؤتمر، لافتاً الى انه لم يتمخض عنه الكثير وقال ل"الحياة": ان"الاجتماع لساعات محدودة وفي ظل وضع أمني متدهور وحضور اطراف بينها مشاكل كبيرة جعل نجاح المؤتمر محدوداًً". واضاف"ما يحسب للمؤتمر انه شكل اللجان الثلاث التي يمكن ان تساهم في تقريب وجهات النظر بين الأطراف اذا كانت هناك رغبة جدية في ذلك". وزاد ان"العراق لا يحتاج الى مؤتمرات دولية بقدر حاجته الى اجتماعات داخلية تضم أطراف النزاع في الداخل". من جانبه أعرب سليم عبدالله، الناطق الرسمي لجبهة"التوافق"العراقية عن خيبة أمل كتلته البرلمانية من نتائج الاجتماع، وقال ل"الحياة":"كنا نتوقع الكثير باستثمار وجود مثل هذه الأطراف الى طاولة واحدة لكن لم يحدث ما توقعناه". وزاد لكن"مجرد الجلوس الى طاولة واحدة له مدلولاته ويمثل دفعاً تحتاجه المرحلة مع تأكيد موقفنا الثابت في رفض التدخل في الشأن العراقي". وائل عبداللطيف، النائب عن القائمة"العراقية"عبّر عن وجهة نظر أكثر تفاؤلاً وقال ل"الحياة":"على رغم ان مستوى التمثيل كان غير مناسب الا ان انعقاده في هذه الفترة وحضور أطراف دولية مهمة أعطى رسالة مهمة للدول المعنية بالشأن العراقي"، معتبراً ان"أهم ما حدث في المؤتمر المواجهة بين الجانب الاميركي من جهة والوفد الايراني والسوري من جهة أخرى"، واضاف:"نتوقع ان يخرج المؤتمر المقبل في اسطنبول بنتائج أفضل".