أعتقد بأنّ لي الحقّ في أن أحتفل في صورة شخصيّة بذكرى مرور نصف قرن على تأسيس مجلة "شعر" والسبب - أكرّر - شخصيّ جداً. فالعدد الأوّل من المجلّة تضمّن قصيدة لي كنت أرسلتها إلى يوسف الخال وكنت حينذاك، أي في العام 1957، شاعراً مجهولاً. نشر الخال القصيدة من غير أن يعرف أيّ أمر عنّي. ومن هنا أحترم هذا الشاعر وفطنته التي كشفت شعراء كثيرين، وقيل لاحقاً إنه هو الذي أصرّ على نشر قصيدتي في العدد الأوّل على رغم اعتراض بعض الشعراء. وقد منع العدد في العراق بسبب قصيدتي. واصلت النشر في مجلّة"شعر"طوال سنوات وكان الخال يرحّب بقصائدي دائماً ولم تكن بيننا أيّ علاقة شخصيّة، واللافت أنني لم ألتقِ به أبداً خلال حياتي. حتى أيام كنت في بيروت خلال الحرب الأهليّة، لم أستطع أن ألتقي به. كانت الظروف صعبة وكان الخال يسكن بعيداً من بيروت. وعندما توفي الخال شعرت بحزن شديد وألم ولم أستطع أن أشارك في جنازته. أدّت مجلّة"شعر"ويوسف الخال على رأسها، دوراً تحديثياً كبيراً في الشعر العربي وكانت مجلّة طليعية في كلّ ما تعني الطليعيّة من معان. وإن كنت بعيداً عن"مطبخ"المجلّة وعن لقاءاتها ومعتركها فإنني أعدّ نفسي من شعرائها ولو من بعيد. ولا أنسى لحظة كيف أخرجتني مجلّة"شعر"من عزلتي الخانقة في العراق في تلك الحقبة. شاعر عراقي