أثار توقيع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ليل أول من أمس، مشروع معاهدة انشاء المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة قتلة رئيس الحكومة اللبنانية السابق الشهيد رفيق الحريري ونظام هذه المحكمة ردود فعل لبنانية، في وقت اكدت مصادر الأممالمتحدة في بيروت ان خطوة الامانة العامة كانت إجراء روتينياً ولا يهدف الى ايصال أي نوع من الرسائل السياسية الى اللبنانيين، وانما يأتي ضمن المسار الطبيعي الذي يتبع دولياً لانشاء المحكمة. وشددت هذه المصادر لپ"الحياة"على ان المشروع يعاد الى لبنان لاتباع الخطوات الدستورية الواجبة في هذا الخصوص وهنا تكمن اهميته، وبعد التصديق عليه من البرلمان اللبناني يدخل حيز التنفيذ. وكان رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي التقى الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان غير بيدرسون وأوضح ان الأخير أبلغه ان"هذا التوقيع إجراء روتيني، وأن تشكيل المحكمة الدولية لا يزال يستلزم موافقة المؤسسات الدستورية اللبنانية". واستبعد ميقاتي بعد لقائه مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني عودة الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الى لبنان"إلا إذا كان في سلته شيء ما جديد لإنجاح مسعاه، وفي الوقت الحاضر لا أرى شيئاً جديداً في هذه السلة". ودعا ميقاتي الى"تسهيل مساعي الوسطاء، لا أن نغرق في النكايات والعناد ورفع سقف الشروط والمزايدات. واذا كنا غير قادرين على الوصول الى حل نهائي لمشاكلنا نظراً الى تداخل الواقع اللبناني مع الوضع في المنطقة، فعلينا، على الأقل، ان نوقف الشرشحة ونشر غسيلنا القذر على الملأ". وأبدى وزير العدل شارل رزق في حديث إلى محطة"العالم"الفضائية الإيرانية أسفه الشديد للسجالات السياسية بين المؤسسات الدستورية، معتبراً"أن قوى عديدة اتخذت من المحكمة الدولية ذريعة لطرح مشاكل سياسية في البلاد". ورأى رزق ان"إقرار المحكمة قد يقلق بعض الأطراف، إلا أن عدم إقرارها لبنانياً لتأخذ مجراها ستكون له نتائج وخيمة، وبالتالي علينا أن نعي خطورة تعطيل هذه المحكمة وتأثيرها في الجسم اللبناني، لأن قيامها ضرورة للجميع". ورفض رزق مقولة أن بعض بنود المحكمة تشكل خرقاً للدستور اللبناني، وقال:"أتفهم أن تكون لدى البعض ملاحظات، وقلنا إن نظام المحكمة ليس منزلاً، ونحن مستعدون لمناقشة الملاحظات التي تقدم شرط عدم المس بجوهرها، إلا أن هذه الملاحظات لم تأت ولم تطرح من الطرف المعترض عليها". وتمنى أن يجتمع المجلس النيابي"في أول مناسبة ويقر مشروع المحكمة ويتجاوز بعض الشكليات التي توضع كعائق لحل هذه الأزمة". ونوّه نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري بتوقيع الأمانة العامة للامم المتحدة على مشروع معاهدة انشاء المحكمة، مشيراً الى انها"بادرة خير عشية إحياء الذكرى الثانية لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري ورفاقه". وقال:"مرة جديدة يؤكد المجتمع الدولي دعمه للبنان ووقوفه الى جانبه في نضاله المشروع لحماية نفسه من مخططات ضرب الكيان وتفتيت الدولة وزرع الفوضى". وأضاف:"ان أرواح الشهداء ستكون بسلام لو اتفقت القوى السياسية الممثلة في المجلس النيابي على عقد جلسة نيابية تخصص لإقرار مشروع قانون انشاء المحكمة ونظامها بعد درسه ومناقشته بما يطمئن الجميع الى ان دور المحكمة محصور بالكشف عن المجرمين ومحاكمتهم ولا توجد أي نية لتسييسها او استعمالها أداة في الصراعات القائمة". عون: لا قيمة للتوقيع واعتبر رئيس تكتّل"التغيير والإصلاح"النيابي ميشال عون"أنّ توقيع الأممالمتحدة على مشروع المحكمة لا قيمة له، لأنه يسبق توقيع السلطات الشرعية اللبنانية". وقال عون لقناة"المنار"إنّ التوقيع"إذا لم يرفق بتوقيع لبناني، يعني أنّ السيادة اللبنانية سقطت وعندها يكون لبنان أصبح تحت الوصاية الدولية". واتهم"الحكومة ومن يدعمها بأنهم يريدون جرّ البلد الى الفتنة الأهلية بعكس المعارضة التي تحاول تجنّبها، وهذا الأمر أصبح معروفاً بالدليل القاطع بعد أحداث يومي 23 و25 كانون الثاني"، معتبراً أنّ المواقف الدولية تشجّع على التصادم. ووصف النائب سمير الجسر كتلة"المستقبل"النيابية بعد لقائه مفتي الجمهورية الشيخ قباني توقيع الأمانة العامة للأمم المتحدة على مشروع المحكمة بأنه"خطوة جيدة، وهو عمل روتيني، ولكن بعده سياسي أكثر مما هو روتيني، وهذا تأييد مباشر للحكومة اللبنانية ولشرعيتها ودستوريتها". وعلّق النائب وليد عيدوكتلة المستقبل على رسالة الرئيس لحود الى الأمين العام للأمم المتحدة حول المحكمة بالقول:"يصر اميل لحود كل يوم، على ارتكاب مأثرة جديدة، تثبت التحاقه وخدمته للنظام السوري. واذا كان النظام السوري يرفض- باعتراف دولي وعربي- قيام المحكمة الدولية، فإن لحود يحمل راية إجهاض المحكمة عبر ملاحظات جوفاء عليها، تفرغها من مضمونها الجنائي، او عبر محاولة اسقاطها بالكامل من خلال رسالته الاخيرة الى الأمين العام للأمم المتحدة". ورأى ان"إهمال الأممالمتحدة لرسالة لحود تأكيد على عدم الاعتراف به واعتباره تابعاً للنظام السوري وسياساته ومصالحه في المنطقة". وقال عيدو:"بكل بساطة رئيس المجلس النيابي لا يزال في تقديرنا محل وعي تام للخطوة التي سيقدم عليها بدعوة المجلس النيابي الى الانعقاد لاقرار هذه المحكمة، وما زلنا نراهن على ان الرئيس بري يعلم تماماً ماذا يعني موضوع المحكمة الدولية بالنسبة الى لبنان واللبنانيين وبالتالي سيقدم على هذه الخطوة". وتابع:"اذا توصلنا الى مرحلة لا سمح الله تأكدنا فيها ان الأمور لا تسير في الاتجاه الصحيح، فإننا سنعود لبحث الامر مجدداً وسنقرر ماذا نفعل، مع الاشارة الى ان هناك كلاماً جدياً اصبح متدوالاً في الأممالمتحدة - مع صعوبة ما أتحدث عنه - باللجوء الى الفصل السابع لأن اذا كان يقال ان اللجوء الى الفصل السابع لا يكون الا اذا كانت هناك دولة متداعية، فأعتقد ان الدولة اللبنانية وفقا لما تصرف به رئيس الجمهورية يثبت أن هناك دولة متداعية وان ليست هناك رئاسة جمهورية وليس هناك دستور في مفهوم الرئيس، وبالتالي يمكن اللجوء الى الفصل السابع".