أعلن القادة الفلسطينيون في افتتاح جولات "حوار الفرصة الأخيرة" في مكةالمكرمة ظهر أمس الرغبة الجادة والأكيدة في وضع حد للصراع الاقتتال الداخلي، وعدم الخروج من "الديار المقدسة" إلا باتفاق شامل لقضايا النزاع الفلسطيني - الفلسطيني، ومن ثم التركيز على مواجهة ظروف الاحتلال الإسرائيلي. وشدد كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة"حماس"خالد مشعل ورئيس الحكومة إسماعيل هنية، على استجابتهم لنداء خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وتصميمهم على العمل للتوصل إلى حل للوضع الداخلي. وأكد مصدر سعودي مسؤول أن القيادات الفلسطينية طلبت من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الإشراف على سير محادثات تعميق الوفاق الوطني، حقناً للدماء"وتركيزاً على أهداف الأمة الإسلامية العليا بإخراج المسجد الأقصى والشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة من قبضة الاحتلال"الإسرائيلي. وقال ل"الحياة"إن الملك عبدالله وولي عهده الأمير سلطان بن عبدالعزيز ونخبة من المسؤولين السعوديين"حضروا إلى مكة بناء على رغبة الأشقاء الفلسطينيين في أن تكون قيادة المملكة العربية السعودية حاضنة للوفاق الصادق، وداعمة له لدى الأطراف الدولية". وأضاف قائلاً:"وليقفوا شهوداً على الاتفاق الذي وعدت بتحقيقه جميع الأطراف منذ إطلاق نداء خادم الحرمين الشريفين لهم الأسبوع الماضي". وأشار المصدر إلى أن الدور السعودي"محوري وفي غاية الأهمية، قبل وبعد توصل الأشقاء الفلسطينيين إلى حل قضاياهم الداخلية من خلال محادثات مكة، والتعهد أمام الله بإدارة الخلافات الفلسطينية من دون الانزلاق إلى جحيم الاقتتال الأهلي". وكان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل ومسؤولون سعوديون آخرون بذلوا جهودهم لايجاد أجواء مواتية لتحقيق الاتفاق الوطني الفلسطيني، إذ سهر الفيصل وكبار معاونيه مع القيادات الفلسطينية في جدة مساء أول من أمس، إلى أن نجحوا في وضع 4 نقاط رئيسة محاور لجدول أعمال المحادثات. وطبقاً للمسؤول، فإن"أبرز ما يمكن تحقيقه حالياً هو عودة الثقة برباط الأخوة والمصير المشترك بين جميع الأطراف الفلسطينية. والحمد لله أننا لمسنا إدراكهم الصحيح لما يجب أن تكون عليه الأمور مستقبلاً، خصوصاً الثقة المشتركة بين الأطراف كافة". وأعلن محمود عباس أبو مازن في الجلسة الافتتاحية العلنية عن الاتفاق على جدول أعمال محادثات"تعميق الوفاق الوطني"، مرتكزاً على البحث في أربع قضايا رئيسة هي: حكومة وحدة وطنية، التوصل إلى تفاهم على أسس الشراكة والعمل المشترك بين"فتح"و"حماس"، تعميق الوفاق الوطني، إعادة بناء الثقة وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية. وبدأت جلسة المحادثات حول طاولة مستديرة ضمت عضوين رئيسيين من كل طرف، فيما تم التوافق، كما يبدو، على أن يبقى أبو مازن محكماً بين الأربعة الرئيسيين على طاولة المحادثات. وكان كل من رئيس المكتب السياسي ل"حماس"خالد مشعل ورئيس الحكومة إسماعيل هنية أكدا في كلمتين منفصلتين أن حضورهما إلى مكة جاء برغبة صادقة للتوصل الى حل. وتوزع الرجلان في كلمتيهما أبعاد الوضع الحالي، إذ تولى مشعل الجانب السياسي، وهنية الجانب الروحي، لما يمثله موقع انعقاد محادثات الوفاق الوطني من قدسية المكان بجوار الكعبة المشرفة. وكشف المسؤول السعودي عن اتصالات واسعة أجراها خادم الحرمين الشريفين مع صناع القرار الدولي والإقليمي، لتوضيح الصورة المستقبلية لما يجب أن يكون عليه الوضع الداخلي الفلسطيني، وضرورة تجنيب القضية المركزية المتمثلة في الاحتلال ووطأته على الوضع في فلسطين"أي نزاعات أخرى لا طائل منها". وبُثت الجلسة الافتتاحية مباشرة على التلفزيون السعودي من دون حضور إعلامي آخر، إذ ألقى أبو مازن كلمة أوضح فيها أن الاجتماع"جاء بدعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، كي نبحث أمورنا وقضايانا بعيداًَ عن الضجيج، للوصول إلى ما نبغي وما نريد، ولذلك كان هذا المكان، وهو أفضل ما على الأرض مكةالمكرمة والكعبة المشرفة". وأضاف:"إن مجيئنا إلى هنا وراءه حاجات، أبرزها أننا نرى القضايا المشتركة في ما يتعلق بقضيتنا الواحدة التي نسعى جميعاًَ للوصول إلى حل عادل لها، وحاجة شعبنا في هذه الأيام للأمن والأمان". وقال:"إن ما جرى في الأيام الأخيرة، ونسميها الأيام السود لا أعادها الله علينا، كانت نكبة من النكبات لا نريد أن تتكرر بأي حال من الأحوال... لا نريد لهذه الدماء أن تسفك وتزهق الأرواح، نريد أن يعيش أبناؤنا حياة كريمة محميين منا لا مهددين منا". واضاف:"إن الكل ينادي بحكومة وحدة وطنية، من وثيقة الوفاق الوطني، وما قبل ذلك دعوة المجلس التشريعي إلى يومنا هذا، التي كانت تأتي من الجميع من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية، تخلصنا من الحصار، وتفتح الآفاق العربية والدولية، وتكون قادرة على أن تجلب كل امكانات العيش الكريم".