قدم الرئيس جورج بوش مشروع موازنة بنحو 2.9 ترليون دولار يتمحور خصوصاً على "الحرب على الارهاب" التي طلب في سبيلها مبلغ 235 بليون دولار اضافية للسنتين المقبلتين، فيما اشتد الجدل حول قرار بوش ارسال 21 الف جندي اميركي اضافي الى العراق بعد مباشرة الكونغرس أمس مناقشة هذه الخطة التي لا تحظى بتأييد الرأي العام، في ظل معارضة عدد من اعضاء الكونغرس الجمهوريين للخطة. وفي معرض تقديمه مشروع الموازنة للعام المالي 2008 التي بلغت رقما قياسياً هو 2.9 ترليون دولار، قال بوش انه سيسعى الى طلب مبلغ اضافي هو 239 بليون دولار في العامين الماليين 2007 و2008 تخصص للانفاق العسكري و"الحرب على الارهاب"التي تخوضها الولاياتالمتحدة. ومع ان بوش يسعى للحصول على عشرات بلايين الدولارات لدعم العمليات العسكرية في العراق وافغانستان، الا انه تعهد بإحلال التوازن في الموازنة العامة خلال خمس سنوات من خلال تقليص برامج الرعاية الصحية وغيرها من البرامج غير العسكرية. وبلغت مخصصات وزارة الدفاع 624.6 بليون دولار، بزيادة قدرها 11.3 في المئة عن العام الماضي. وتشمل خطة الموازنة طلب مبلغ 141.7 بليون دولار مخصصات طارئة لتمويل"الحرب على الارهاب"في العام المالي 2008 الذي يبدأ في الاول من تشرين الاول اكتوبر. كما تشتمل كذلك على مبلغ 93.4 بليون دولار كمخصصات اضافية لعام 2007 لدعم العمليات العسكرية في الخارج. واكد طلب الموازنة ان الولاياتالمتحدة"بلد في حال حرب". وتسعى الموازنة الى ضمان حصول الجيش الاميركي على دبابات ومروحيات ومدافع جديدة، كما تسعى الى تمويل الزيادة المقررة في عديد الجيش الاميركي. كما يرغب بوش في زيادة عديد قوات المارينز من 175.000 الى 202.000 بحلول عام 2011، حيث تخوض الولاياتالمتحدة نزاعين في العراق وافغانستان. وستبلغ كلفة"الحرب على الارهاب"الاجمالية، بما في ذلك خطط الانفاق لعام 2008، نحو 661.9 بليون دولار، حسب وثائق الموازنة. وعلى رغم الزيادة الكلية في انفاقات الحكومة للعام المالي 2008 واستمرار العجز في الموازنة تعهد بوش بوضع برنامج يهدف الى اعادة التوازن الى المالية العامة للبلاد بحلول 2010. لكنه نسي او تناسى حتى الآن ادراج تكاليف العمليات العسكرية في مقترحات الموازنة السنوية. لكن مدير عمليات الموازنة في البيت الابيض روب بورتمان اوضح ان هذا الوضع لن يعود قائما اعتباراً من الاثنين. وقال بورتمان ردا على سؤال لشبكة"سي ان ان"الاميركية"من المهم الاشارة الى ان هذه التكاليف مشمولة في حساباتنا على مستوى الموازنة. وحين يقول الرئيس انه يريد اعادة التوازن الى الموازنة، هو يقول ايضا ان علينا زيادة النفقات للجيش وانه يتم احتساب جميع هذه التكاليف". وحتى الساعة، كانت العمليات العسكرية ممولة من ملحقات الى الموازنة وطلبات تمويل استثنائية لا تشكل عادة موضع جدل عسير مثل الموازنة الاساسية. ولفت السناتور هاري ريد، زعيم الغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ، الى التقارير الخاصة بسوء الانفاق الذي حدث في الماضي في العراق، ووعد"باشراف جاد"على الطلب الجديد. وقال:"أنفقت أميركا بالفعل نحو 400 بليون دولار على هذه الحرب، وتم اهدار الشطر الاعظم من هذه الاموال على أمور لا نفع لها، مثل اقامة أحواض سباحة بحجم الاحواض الاولمبية في معسكرات تدريب غير مستخدمة في الصحراء تكلفت ملايين الدولارات". وتم رفع طلب الموازنة الى الكونغرس في اليوم نفسه الذي بدأ اعضاء مجلس الشيوخ نقاشا حول قرار غير ملزم ينتقد قرار بوش بارسال 21500 جندي اضافي الى العراق في محاولة جديدة لتحسين الاستقرار في البلد المضطرب. والمشرعون الاميركيون منقسمون حول مشروع القرار غير الملزم المتعلق باستراتيجية بوش الجديدة حول العراق، فيما يعارض الديموقراطيون هذه الخطة على رغم ان بعضهم يطالب حتى بمذكرة حجب ثقة. ويسعى الجمهوريون الى اقناع بعض اعضاء الحزب بعدم الانتقال الى صفوف الديموقراطيين حول هذا التصويت لاعطاء خطة الرئيس فرصة للنجاح. وقال السناتور الجمهوري ليندسي غراهام لشبكة"اي بي سي"التلفزيونية"هذه آخر فرصة لنا"متعهدا بمحاربة مشروع القرار. واضاف"ان اصدار قرار غير ملزم يعتبر مناورة سياسية لا تؤدي الا الى الاساءة لجهود الحرب". واثارت خطة بوش شكوكاً حتى في صفوف الجمهوريين منذ الكشف عنها في 10 كانون الثاني يناير بعدما رسم تقرير للاستخبارات صورة قاتمة للوضع في العراق فيما يزيد تصاعد العنف من الشكوك حول السياسة الاميركية في هذا البلد. وانتقد كبار اعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين زملاءهم الذين يدعمون مشروع القرار معتبرين انه يجب اعطاء الخطة الوقت اللازم. وقال غراهام ان تقرير الاستخبارات الوطنية الذي صدر الجمعة توقع المزيد من تصعيد العنف الطائفي في حال انسحاب القوات الاميركية. واضاف"اذا انسحبنا سيكون الوضع اسوأ، لا يمكنني ان اضمن لكم النجاح لكن بوسعي القول انه حين يتم تحديد استحقاقات وجداول زمنية ستصبح الحرب اكبر". لكن مؤيدي مشروع القرار الذي اعده اعضاء من الحزبين يعتبرون انه من غير المنطقي الاستمرار في ارسال مزيد من القوات الاميركية الى العراق. وقال سناتور نبراسكا الجمهوري شاك هاغل الاحد في تصريح الى شبكة التلفزيون اي بي سي"لا نستطيع مواصلة القاء جنودنا وقودا في اتون حرب اهلية". وقد ينضم حوالي عشرة جمهوريين الى الديموقراطيين في التصويت ضد استراتيجية بوش من اصل 49 جمهورياً في مجلس الشيوخ الذي يعد 100 عضو. واعتبر السناتور الجمهوري جون ماكين ان الموافقة على مشروع قرار يرفض الاستراتيجية الجديدة سيكون بمثابة"نزع الثقة عن مهمة القوات". وقال لشبكة"اي بي سي":"لا اقول ان الاستراتيجية ستنجح، لكن اعتقد ان لديها فرصا جيدة في النجاح لكنني مدرك ايضا لنتائج الفشل"محذرا من ان الفشل الاميركي في العراق سيؤدي الى مزيد من العنف الطائفي. من جهته اتهم السناتور الديموقراطي جيم ويب، الذي حارب في فيتنام مثله مثل ماكين وهاغل، ادارة بوش بالاعتماد على العمل العسكري من دون اعداد استراتيجية ديبلوماسية فعالة. ودعا ويب الى الحوار مع ايران وسورية معتبراً ان البلدين لديهما مصلحة في اجراء محادثات. لكن غراهام رفض الدعوات الى اعتماد النهج الديبلوماسي مع هذين البلدين قائلا ان"الفكرة القائلة ان مفتاح نجاحنا سيكون عبر سورية وايران هي فكرة ساذجة".