تعهدت مجموعة الدول الإسلامية أمس بمضاعفة جهودها لدعم عدالة القضية الفلسطينية والمحافظة على الهوية الإسلامية للمقدسات الإسلامية في القدس، خصوصاً المسجد الأقصى. لكن الاجتماع الطارئ للجنة التنفيذية الموسعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي الذي انعقد صباحاً في مقر المنظمة في مدينة جدة السعودية فضّل الاعتماد على"الخيار الديبلوماسي"لوقف الحفريات الإسرائيلية حول المسجد الأقصى. وعلمت "الحياة" أن محادثات أمس قررت الابتعاد من كل الإجراءات غير الديبلوماسية بما فيها اقتراح إعلان الاعتماد على"سلاح المقاطعة الاقتصادية". وخرج الاجتماع الذي استمر ثلاث ساعات بمشاركة 11 وزيراً للخارجية و15 رئيس وفد دولة إسلامية، بعشرين مادة تشرح ما اتفق عليه خلال الاجتماع الطارئ المخصص للبحث في التصعيد الإسرائيلي الأخير بالاعتداء على المسجد الأقصى. يذكر أن المنظمة أسست أصلاً في عام 1970 لخدمة هدف رئيس تمثل في الحماية الإسلامية الجماعية لقضية المقدسات الإسلامية في فلسطين، إثر جريمة إحراق المسجد الأقصى الشهيرة. وتضمنت معظم كلمات الوفود ال26 المشاركة في الاجتماع الطارئ، الإشادة العالية بجهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لإنجاز اتفاق مكة التاريخي بين"حماس"و"فتح". وعلى رغم"سخونة التعابير"التي حملتها الكلمات الرسمية للمشاركين ادانة لما تقترفه إسرائيل يومياً، فإن البيان الختامي التزم بالعمل الديبلوماسي من خلال: مطالبة اللجنة الرباعية بالضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها، والتعاون مع مجلس الأمن، واليونيسكو، ومحكمة العدل الدولية، ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، لوقف هذه الاعتداءات وتأكيد الحق الفلسطيني في هذه الأرض المباركة والحفاظ على الطبيعة التاريخية لمدينة القدس الشريف، بحسب ما أوضحه الأمين العام أكمل الدين احسان أوغلي في المؤتمر الصحافي. واتهمت دول اللجنة التنفيذية لمنظمة المؤتمر الإسلامي إسرائيل - كونها قوة احتلال - بالانتهاك السافر لقرارات مجلس الأمن الدولي واتفاق جنيف الرابع بشأن المحافظة على الوضع القائم جغرافياً وديموغرافياً والهوية التاريخية للأراضي المحتلة، خصوصاً القدس. كما رفضت ازدواجية المعايير بالضغط على الفلسطينيين، لإيفاء التزاماتهم في مقابل ترك إسرائيل تواصل اعتداءاتها بلا مساءلة أو رقيب. وشددت الدول الإسلامية على مطالبة المجتمع الدولي بدعم الاتفاق الفلسطيني، لتشكيل حكومة وحدة وطنية وقبولها. وشاركت المملكة المغربية التي تترأس اللجنة العليا للقدس في اجتماع أمس وقال وزير خارجيتها محمد بن عيسى:"ان بلادي تؤكد أن الخروقات الإسرائيلية لحرمة المسجد الأقصى المبارك تعرقل كل المبادرات والمساعي التي تبذلها الدول والمنظمات الإقليمية والدولية، لاستتباب الأمن والاستقرار والسلام في الشرق الأوسط". وأشار الوزير بن عيسى إلى أن:"القدس هي جوهر القضية الفلسطينية برمتها، والأمة الإسلامية لن تسمح بالمساس بأولى القبلتين". من جانبها، اعتبرت المملكة العربية السعودية"أنه لمن المؤسف والمحزن معاً، أنه على رغم وفرة اجتماعاتنا كدول إسلامية وعربية، وكثرة ما أصدرناه من بيانات استنكار وشجب وتنديد للاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية المستمرة ...، فإن إسرائيل لا تزال سادرة في غيها وتعنتها، ومُواصلةً بكل صلف واستخفاف اعتداءاتها المتكررة وانتهاكاتها". وخاطب وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية الدكتور نزار عبيد مدني المشاركين قائلاً:"لا بد لنا أيها الإخوة أن نركز جهودنا ونوحد صفوفنا، وننسق مواقفنا، ونمارس كل ما يمكن من ضغوط، لإحياء عملية السلام". واعتبر مدني"أن السلام العادل والشامل هو السبيل الوحيد الذي سيمكّن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، ويعيد الأراضي العربية المحتلة، ويحقق الأمن والاستقرار في المنطقة". ودعا الأردن على لسان سفيره في الرياض قفطان المجالي"إلى تكثيف وتعزيز الجهود المشتركة من أجل حض المجتمع الدولي على حمل الحكومة الإسرائيلية على وقف انتهاكاتها غير الشرعية في الحرم القدسي بشكل فوري"وتعاون الدول الاعضاء في المنظمة"بما يضمن الحفاظ على المقدسات الإسلامية والطابع التاريخي والحضاري والعربي - الإسلامي لمدينة القدس الشريف". وأكد مساعد وزير الخارجية القطري سيف مقدم البوعينين أن الممارسات الإسرائيلية وتصعيدها الخطير المتمثل في الاعتداء بالهدم والحفر في محيط المسجد الأقصى"يشكلان انتهاكاً صارخاً لقرارات مجلس الأمن ال16 ذات الصلة، وعلى رأسها القرار رقم 465 في عام 1980"إضافة إلى انتهاكها لاتفاق لاهاي عام 1954"الذي ينص على عدم التعرض أو ارتكاب أي أعمال عدوانية ضد أماكن العبادة التي تشكل التراث الروحي للشعوب". وقال وكيل أول وزارة الخارجية اليمنية السفير محيي الدين عبدالله الضبي"إننا نحمّل الكيان الصهيوني والقوى التي خلفه، مسؤولية ما يجري من تصعيد ليس من المستبعد أن يفجر غضب العالم الإسلامي أجمعه، ويساعد على توسيع بؤر العنف في المنطقة". وناشد رئيس الوفد الفلسطيني إلى اجتماع جدة نمر حماد المنظمة"تكثيف جهود أعضائها للعمل مع القوى الدولية المؤثرة من أجل إجبار إسرائيل على التوقف عن كل ما تقوم به من إجراءات في القدسالمحتلة، وبشكل خاص المساس الخطير بالمسجد الأقصى المبارك". مشدداً القول:"إننا مصممون على البقاء مرابطين في هذه الأرض المقدسة، يؤازرنا أشقاؤنا، وتقوّينا وحدتنا الوطنية، إذ استطعنا بفضل المبادرة الكريمة التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وبرعايته الكريمة، الوصول إلى اتفاق مكةالمكرمة، من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية"، راجياً من الحضور دعمهم"لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وقيام الدولة الفلسطينية الحرة والمستقلة، وعاصمتها القدس الشريف".