في وقت حظرت الخرطوم صحيفة "السوداني" اليومية المستقلة بسبب "انتهاكها" حظراً للنشر في قضية اغتيال صحافي، دانت محكمة سودانية رئيس تحرير جريدة "الصحافة" المستقلة عادل الباز والكاتب في الصحيفة الحاج وراق، بتهمة الإساءة إلى وزير الخارجية الدكتور لام أكول ووزير الدولة لشؤون الرئاسة تيلارا دينق اللذين يمثلان "الحركة الشعبية لتحرير السودان" في الحكومة، على خلفية نشر الصحيفة مقالاً اتهم الوزيرين بتغيير مواقفهما لصالح حزب"المؤتمر الوطني"الحاكم، وتحقيق مكاسب مالية من وراء ذلك. ودانت محكمة جنايات الخرطوم برئاسة القاضي عصمت محمد يوسف الصحافيين"لمخالفتهما مواد قانون الصحافة والمطبوعات المتعلقة بالمسؤولية الصحافية، وإشانة السمعة وفق القانون الجنائي". وقضت في حضور الوزيرين اكول ودينق بتغريم الصحافيين عشرة ملايين جنيه نحو 5 آلاف دولار، وسجنهما شهرين في حال عدم الدفع، كما فرضت عليهما دفع تعويض قدره مائة مليون جنيه نحو 50 الف دولار عن"الضرر الأدبي"الواقع على الوزيرين. وسدد الصحافيان الغرامة في المحكمة التي أخلت سبيلهما. وقال المستشار القانوني لشركة"الوسائط المتعددة"التي تصدر الصحيفة المحامي عماد جلجال ل"الحياة"إنه سيستأنف قرار الحكم لدى محكمة الاستئناف في الخرطوم. وفي موازاة ذلك، صعدت إدارة صحيفة"السوداني"المستقلة أمس حملتها السياسية والقانونية من أجل السماح لها بمعاودة الصدور بعد يوم من تعليق السلطات صدورها إلى أجل غير مسمى لخرقها حظراً رسمياً على نشر معلومات تخص التحقيق في مقتل رئيس تحرير صحيفة"الوفاق"الصحافي محمد طه. وتقدمت إدارة"السوداني"باستئناف لدى المدعى العام في وزارة العدل صلاح أبو زيد، كما قررت اللجوء إلى المحكمة الدستورية غداً فى حال لم يسمح لها بالصدور. وتجمع صحافيوها أمام مجلس الصحافة، رافعين لافتات ومرددين هتافات تنتقد"تقييد الحريات"وتطالب بالعدالة. وقالت نيابة الصحافة والمطبوعات إن الصحيفة خالفت حظر النشر في قضية اغتيال محمد طه ونشرها خبراً حول القضية ذكرت فيه أن المتهمين مقيدون بالسلاسل ويلبسون زي السجن، ما اعتبرته النيابة"إثارة للكراهية العرقية والعنصرية". وأعلنت الصحيفة أن رئيس تحريرها محجوب عروة ومحرر الخبر حافظ الخير احتجزا في النيابة أكثر من خمس ساعات قبل أن يفرج عنهما بكفالة. ونفى عروة أن يكون الخبر حمل إشارات تثير الكراهية أو أي نعرات. ووصف قرار النيابة بأنه"ظالم"، مؤكداً أن نيابة الصحافة ليس لها الحق في إيقاف أي صحيفة، وان هذا الحق مكفول فقط للقضاء ومجلس الصحافة والمطبوعات. ولفت إلى وجود عدد من الصحف التي تعمل على إثارة تلك النعرات من دون أن تطالها يد القانون على رغم مخالفتها للدستور. واضاف:"لماذا هذا الظلم والكيل بمكيالين وازدواج المعايير". ورأت أسرة"السوداني"أن قرار تعليق صدورها"ليست له صلة"بالنشر في قضية اغتيال محمد طه، وإنما سببه إجراء الصحيفة تحقيقات حول وجود فساد في قطاع الادوية، انتهت باستدعاء المحررة انعام محمد الطيب التي أجرت التحقيقات الى مقر مجلس الوزراء.