فشلت المعارضة التركية في اقناع البرلمان بتخصيص جلسة لطرح الثقة بوزير الداخلية عبدالقادر أقسو، وذلك بسبب دعم الحكومة ذات الغالبية في البرلمان للوزير. لكن المعارضة نجحت في رسم الكثير من علامات الاستفهام حول وجود علاقة بين الحكومة واغتيال الصحافي الارمني الاصل هرانت دينك على يد شاب قومي متطرف في 19 كانون الثاني يناير الماضي. واشار رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض دنيز بايكال في كلمة في البرلمان الى معلومات تفيد بأن مخبراً يعمل مع الامن التركي كان ابلغ اجهزة الامن اربع مرات، بوجود مخطط لقتل دينك. وتساءل بايكال هل نقلت تلك المعلومات الى وزير الداخلية ام لا، ولماذا لم تتخذ الداخلية اي اجراء لتوفير الحماية للصحافي المغدور. وقال بايكال ان عزل محافظ منطقة طرابزون حيث تم التخطيط لقتل هرانت ومدير الامن هناك، ليس كافياً، مشدداً على وجوب استمرار التحقيق لمعرفة اسم المسؤول الاخير الذي وصلت اليه معلومة عن التخطيط لاغتيال هرانت ولم يحرك ساكناً في هذا الشأن. كما تعرض بايكال الى ما وصفه ب"زرع الاسلاميين"في صفوف جهاز الامن وتحويله الى جهاز تابع للحكومة والاسلاميين في شكل خاص. وذكر حالات لمسؤولين امنيين تمت ترقيتهم اخيراً، على رغم وجود تقارير رسمية تفيد بأنهم متورطون في نشاطات دينية تتناقض مع طبيعة وظائفهم. وحاولت المعارضة الانتهاء الى اتهام الحكومة بالتواطؤ في اغتيال دينك والسكوت عن الحادث من اجل استغلال تداعياته لمصلحتها سياسياً، خصوصاً أن تركيا شهدت حملة إعلامية وسياسية عنيفة ضد التيار القومي المنافس الأكبر والاهم لحزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات البرلمانية التي ستجرى خلال هذا العام. في المقابل، دافع وزير الداخلية عن نفسه، رافضاً تحميل وزارته مسؤولية أخطاء ارتكبها ثلاثة من المسؤولين الأمنيين، نافياً علمه شخصياً بوجود مخطط لاغتيال دينك. الا ان المعارضة بقيت مصرة على وجود مخطط حكومي لتصفية القوميين العاملين في المؤسسات الرسمية وأعوانهم، ممن يشكلون ما يسمى ب"القوى الخفية في الدولة". وعرف رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان تلك القوى بأنها"شبكة من الموظفين الذين يضعون ما يعتبرونه مقدسات قومية فوق القانون والحق العام". ووافقت المعارضة على ضرورة التخلص من هذه الشبكة لخطورتها، الا ان المعارضين اتهموا الحكومة بإحلال شبكة اسلامية محلها. من جهة أخرى، ارتفع صوت المعارضة الكردية مطالبة بتوسيع التحقيق ليشمل قضايا قديمة اتهمت فيها تلك الشبكة القومية والجيش التركي بارتكاب جرائم ضد مواطنين اكراد خلال العقدين الماضيين، أسوة بما يحدث الآن من تعقب لهذه الشبكة في منطقة البحر الأسود حيث اكتشفت تجاوزات قانونية كثيرة من جانب مسؤولين في الأمن التركي.