اغتيل الصحافي التركي الأرمني الأصل هرانت دينك، صاحب صحيفة "آغوس" الأرمنية ورئيس تحريرها في اسطنبول أمس، لدى دخوله الى مبناها في حي عثمان بيه وسط المدينة. وأفاد شهود أن شاباً في الثامنة عشرة يرتدي سترة بيضاء اقترب من هرانت وأطلق النار عليه من مسافة قصيرة، فأصابه بأربع طلقات في الرأس والرقبة أودت بحياته. وفرّ القاتل بسيارة بيضاء انتظرته في مسرح الحادث. وبعد ساعتين، أعلنت الشرطة التركية انها اعتقلت شابين للاشتباه فيهما قرب مكان الحادث الذي أثار استياءً شديداً دفع رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الى قطع اجتماعه مع وزراء حكومته في انقرة، وعقد مؤتمر صحافي ندّد فيه بالقاتل والمسؤول عن الحادث. وفيما طرحت علامات استفهام حول قول أردوغان ان"الأيدي الخائنة اختارت تركيا هذه المرة لإثارة الفتنة والعنف فيها"، اعتبر سياسيون وصحافيون ومسؤولو جمعيات لحقوق الإنسان ان الاغتيال يشكل ضربة موجهة الى مسيرة الديموقراطية في ذلك البلد. وقال اردوغان امام الصحافيين ان"هذا الاعتداء يستهدفنا جميعا، يستهدف وحدتنا واستقرارنا، لقد ارتكب ضد حرية التعبير وحياتنا الديموقراطية"، ودان بشدة باسم حكومته ما اعتبره"اغتيالا حاقدا". ووعد بكشف ملابسات الجريمة في اقرب وقت لافتا الى انه كلف شخصيا وزيري الداخلية عبدالقادر اكسو والعدل جميل جيتشيك كشف"الحقيقة كاملة"حول ظروف الحادث. وسيتوجه الوزيران فورا الى اسطنبول حيث وقعت الجريمة. وحُكم هرانت في تشرين الأول أكتوبر 2005 بالسجن ستة شهور مع وقف التنفيذ، بتهمة الإساءة الى القومية التركية بسبب كتاباته عن القضية الأرمينية والتي أكد فيها حصول إبادة"لأن النتيجة تثبت ما حصل وتسميه بالاسم". ومما كتبه:"يمكنكم ان تروا ان شعباً أقام على هذه الأرض طيلة أربعة آلاف سنة اختفى". وأسف هرانت للحكم، مؤكداً انه لم يقصد يوماً الإساءة الى البلاد وجنسيته، وأنه يعتبر نفسه"جسراً"بين الشعبين التركي والأرميني، لكنه أعلن انه في حال تثبيت محكمة الاستئناف قرار الإدانة سيرحل عن تركيا"لاستحالة العيش فيها". ونشط هرانت لتعزيز التقارب بين أرمينياوتركيا، وسعى الى تنظيم عدد من المؤتمرات والنقاشات التي تناولت المسألة الأرمنية في تركيا وفي الخارج، ودعت الى الابتعاد عن التطرف القومي او العرقي. ويرجح ان يزيد اغتيال هرانت دينك الضغوط الدولية على تركيا، في وقت يستعد فيه الأرمن لإحياء ذكرى المذابح الأرمنية في 24 نيسان ابريل المقبل. وتزداد آمال اللوبي الأرمني في الولاياتالمتحدة بإقناع الغالبية الديموقراطية في الكونغرس بإقرار مسودة قانون للاعتراف بمذابح الأرمن وتحميل تركيا مسؤوليتها، علماً ان الرئيس الأميركي جورج بوش أوقف مشروع القانون مرتين سابقاً للحفاظ على العلاقات مع تركيا. ولن يكون ذلك سهلاً هذه المرة بوجود غالبية ديموقراطية لا تنوي التعاون معه.