طالب الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي في لشبونة أمس الجمعة الدول التي استعمرت دولاً أخرى في الماضي بدفع"تعويضات عن الاحتلال ونهب الخيرات". وجاء موقفه في وقت أكدت الرئاسة الفرنسية أن الزعيم الليبي سيقوم بدءاً من الإثنين بزيارة لفرنسا تدوم خمسة أيام ويلتقي الرئيس نيكولا ساركوزي مرتين وسينصب"خيمة"في قصر الضيافة في باريس. وأُعلن في مدريد ارجاء زيارة الزعيم الليبي لإسبانيا، خلال جولته الأوروبية الحالية. ونقلت وكالة"فرانس برس"عن القذافي قوله خلال لقاء أمس مع أكثر من 400 طالب وأفراد في الهيئة التعليمية في جامعة لشبونة:"لا بد للدول الاستعمارية أن تعوّض الشعوب التي احتلتها ونهبت خيراتها". ووصل القذافي الخميس إلى لشبونة للمشاركة في قمة أوروبا - افريقيا التي تبدأ اليوم السبت. ورداً على سؤال عما اذا كانت التعويضات ستبحث في القمة، قال القذافي:"نعم، ستكون التعويضات عن فترة الاستعمار أحد بنود القمة الرئيسية". كما طالب بأن تقوم تلك الدول"بإزالة الالغام التي زرعتها في أراضي الشعوب"التي استعمرتها. وقال القذافي أيضاً:"القوى العظمى الولاياتالمتحدة تجاوزت الشرعية الدولية والقانون الدولي والأممالمتحدة ونفذت قراراتها خارج هذه الأطر، لذلك من البديهي أن يلجأ الضعفاء الى رد الفعل وهو ما يعرف بالارهاب". وأضاف انه في الأممالمتحدة"يجب ان تكون الصلاحيات للجمعية العامة وليس لمجلس الأمن". وفي باريس، أُعلن رسمياً أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي سيستقبل ظهر الاثنين العقيد القذافي، في جلسة محادثات أولى تليها جلسة ثانية يوم الأربعاء في قصر الاليزيه. وقال الناطق باسم الرئاسة الفرنسية دافيد مارتينون إن بروتوكول القصر الرئاسي وافق على أن ينصب القذافي الذي تستمر زيارته لفرنسا حتى 15 كانون الأول ديسمبر، خيمة داخل إحدى باحات قصر الضيافة مارينيي، وهي سابقة في تاريخ فرنسا. واشار مارتينون الى أن الخيمة"مريحة جداً"، وهي"تتمتع بنظام تكييف"في ليبيا وستكون"مزودة بجهاز للتدفئة"على الأرجح في فرنسا. يذكر أن فرنسا كانت رفضت في عهد الرئيس السابق جاك شيراك اقامة مأدبة غداء على شرف الرئيس الايراني السابق محمد خاتمي لا تُقدّم مشروبات كحولية خلالها، وفقاً لما طلبه البروتوكول الإيراني. وكان رد قصر الاليزيه في حينه أن التقاليد الفرنسية لا تسمح بذلك، فاستبدلت حفلة شاي بمأدبة الغداء. أما الآن فإن الرئاسة الفرنسية وافقت على نصب خيمة في قصر الضيافة بحجة أن ذلك تقليد ليبي. وأعرب مارتينون عن أمله بأن يتخلل الزيارة توقيع عدد كبير من الاتفاقات التجارية مع ليبيا، مشيراً الى أنها ستشمل قطاعات مثل الطاقة والطاقة النووية والزراعة والتسلح، من دون الدخول بالتفاصيل. وقال مارتينون إن ليس هناك ما هو محظور في عقود تصدير الأسلحة إلى ليبيا، وأن شركات فرنسية وفرنسية - المانية وأيضاً فرنسية - ألمانية - ايطالية تتفاوض مع ليبيا من أجل عقود تجارية. وطالبت منظمة مناهضة للطاقة النووية بإلغاء اتفاق فرنسي مع ليبيا حول الطاقة النووية، ونددت بمجيء القذافي الذي وصفته ب"الديكتاتور"إلى فرنسا. وكان الاتفاق حول مساعدة ليبيا في مجال الطاقة النووية وقّع بعد الافراج عن الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني - البلغاري في طرابلس في تموز يوليو الماضي. ورأى مارتينون ان زيارة القذافي تكرس مرحلة مهمة في اطار عودة ليبيا التدريجية الى الأسرة الدولية، بعد قيامها بمبادرات سياسية مهمة جداً. وأكدت باريس ان القذافي استعاد الاعتبار الدولي بعد تخليه عن برنامج تطوير أسلحة الدمار الشامل 2003 وعن الإرهاب، الى جانب الافراج عن الممرضات البلغاريات. وانتقد بعض السياسيين استقبال القذافي في فرنسا، إذ قال المرشح الرئاسي السابق فرانسوا بايرو ان هذا الاستقبال مثير للاستياء. واستمعت لجنة الشؤون الخارجية للجمعية الوطنية البرلمان الى المستشار الديبلوماسي للرئيس نيكولا ساركوزي، جان دافيد ليفيت الذي نفى أن تكون هذه الزيارة نتيجة تفاوض أو مقايضة في مقابل الافراج عن الممرضات وتوقيع عقود فرنسية - ليبية. إلا أن الممثل السابق للمفوضية الأوروبية في طرابلس مارك برينيي أكد للنواب الفرنسيين أن المفاوضات على الصفقات في قطاع التسلح والطاقة النووية مثّلت العامل النهائي الذي أدى إلى الافراج عن الممرضات. وكان وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير قال أمام النواب إنه في"هذه المهنة ينبغي على الشخص ابتلاع قبعته"، وينبغي العمل على تطبيع العلاقات كونه مكسباً. وفي مدريد، صرّح مصدر في رئاسة الحكومة الاسبانية إلى وكالة"فرانس برس"بأن الزيارة الرسمية للزعيم الليبي إلى اسبانيا والتي كانت مرتقبة في 9 و10 كانون الأول ديسمبر الجاري، أرجئت إلى تاريخ لم يحدد بعد. وقال المصدر:"لن تتم الزيارة في التاريخ المحدد. نحن نسعى مع الليبيين لاستكمال إعداد برنامج الزيارة بما فيه لقاء مع رئيس الوزراء خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو". ولم يحدد المصدر تاريخاً معيناً، لكنه شدد على أن الزيارة يفترض ان تتم قريباً هذا الشهر. وكان مصدر ديبلوماسي إسباني أعلن في 21 تشرين الثاني نوفمبر الماضي في مدريد ان القذافي سيتوجه الى مدريد في 9 و10 كانون الأول بعد المشاركة في قمة اوروبا - افريقيا في لشبونة في 8 و9. ولم يزر القذافي إسبانيا سوى مرة واحدة عام 1984، إبان رحلة خاطفة التقى خلالها رئيس الحكومة الاشتراكية السابق فيليبي غونزالس في بالما دي مايوركا.