تدهورت الأوضاع الأمنية في دارفور أمس مع تسارع وتيرة القتال بين الحكومة والمتمردين، فيما أجلت الأممالمتحدة عمال إغاثة من مناطق قرب الحدود التشادية قبل ساعات من انتقال مهمات القوات الأفريقية المنتشرة في الإقليم إلى قوة أفريقية - أممية مشتركة اليوم. وأعلنت الخرطوم أنها قدمت أمس شكوى عاجلة في مجلس الأمن ضد نجامينا واتهمتها بالهجوم جواً وبراً على منطقتين على حدودهما المشتركة. وكذّبت حكومة ولاية غرب دارفور المتاخمة للحدود التشادية أمس مزاعم"حركة العدل والمساواة"السيطرة على مدينة صليعة والاستعداد للهجوم على الجنينة عاصمة الولاية، واعترفت بوقوع خسائر بشرية ومادية أعقبت هجوم الجيش التشادي على مناطق في الولاية. وقال حاكم غرب دارفور أبو القاسم إمام إن الهجوم التشادي أسفر عن سقوط 9 جرحى مدنيين في محافظة هبيلة، ثلاثة منهم في حال خطيرة. وأوضح أن الهجوم أدى إلى اشتعال النيران في مساحات واسعة من المشاريع الزراعية في هبيلة، ما تسبب في حدوث خسائر كبيرة في المحاصيل. وأكد استعداد الجيش لرد الهجمات التشادية في الزمان والمكان المناسبين في حال تكرارها. لكنه أشار إلى أن"الأوضاع باتت مستقرة تماماً، ويمارس المواطنون حياتهم بصورة عادية"، نافياً إدعاء"حركة العدل والمساواة"تهديد مدينة الجنينة، مشيراً إلى أن"حاضرة الولاية تنعم بالأمن والطمأنينة، وما يشاع عن هجوم وشيك من المتمردين ليس سوى فرقعة إعلامية". ونفى سيطرة المتمردين على صليعة في شمال مدينة الجنينة، مؤكداً تصدي الجيش للهجوم وتدمير 8 سيارات وتكبيد المتمردين خسائر فادحة في الأرواح والمعدات. وكانت"حركة العدل والمساواة"بزعامة الدكتور خليل إبراهيم أعلنت استيلاءها على مدينة صليعة عصر أول من أمس، وقالت إنها وضعت يدها على كل العتاد العسكري التابع للجيش في المنطقة، بعد معركة أوقعت قتلى وجرحى من الطرفين. واتهمت"العدل والمساواة"أمس الأمن السوداني باعتقال ستة من أعضائها يعملون ضمن مراقبي بعثة الاتحاد الافريقي في الفاشر، كبرى مدن دارفور، واقتيادهم إلى جهة غير معلومة. وقالت في بيان نُشر على موقعها على الإنترنت إن مراقبيها يعملون ضمن لجنة لوقف إطلاق النار كانت أنشطتها توقفت. وحمّلت الاتحاد الأفريقي مسؤولية سلامتهم لفشله في حمايتهم، وحذرت السلطات السودانية من المساس بهم وتعذيبهم. وقالت الناطقة باسم بعثة الأممالمتحدة في السودان راضية عاشوري أمس إن المنظمة الدولية أجلت 16 من عمال الإغاثة من بلدتين في غرب دارفور بعد عمليات شنها الجيش التشادي في المنطقة الحدودية. وأضافت أن عمال الإغاثة هم ثلاثة من"برنامج الغذاء العالمي"و"المفوضية العليا لشؤون اللاجئين"التابعة للأمم المتحدة، ونحو 13 من العاملين في منظمات غير حكومية، موضحة أن عمال الإغاثة في دارفور نُصحوا بعدم التوجه إلى الجنينة كإجراء وقائي. وأعلنت الحكومة السودانية أنها تقدمت أمس بشكوى عاجلة إلى مجلس الأمن ضد نجامينا بهدف"فضح مواقف تشاد واعتداءاتها المتكررة على حدود البلاد، وآخرها قيام طيرانها وقواتها بالاعتداء الغاشم على حدود السودان الغربية". وطالب السودان مجلس الأمن بالاضطلاع بدوره ومطالبة تشاد"بالكف عن عدوانها السافر على أراضينا، مع احتفاظ السودان بحقه في الرد في اطار ما توفره له مواثيق الأممالمتحدة". وتأتي هذه التطورات عشية تسلم البعثة المشتركة من الاتحاد الأفريقي والأممالمتحدة"يوناميد"اليوم مهمات حفظ السلام فى دارفور من القوات الأفريقية في حفل ينظم في الفاشر بمشاركة مسؤولين دوليين وأفارقة ومن الحكومة السودانية. وقالت بعثة الأممالمتحدة في بيان أمس إن أكثر من تسعة آلاف عنصر يرتدون حالياً البزات العسكرية على الأرض، منهم سبعة آلاف من الجنود و1200 من الشرطة، يخدمون مع بعثة الاتحاد الأفريقي"أميس"، إضافة إلى جنود الأممالمتحدة وضباط الشرطة، سيستبدلون قبعات الأممالمتحدة الزرقاء بالخوذات الخضر. وتنتشر في دارفور على الأرض حالياً نحو 10 كتائب مشاة من رواندا وجنوب أفريقيا ونيجيريا والسنغال، إضافة إلى وحدة الشرطة العسكرية الكينية وسرية قوات المقر من غامبيا وسرية الهندسة الصينية وأكثر من ألف فرد من ضباط الشرطة من أكثر من 25 دولة، ووحدة الشرطة الرسمية من بنغلاديش. ومن المتوقع أنس تنتشر قوات من مصر وباكستان وإثيوبيا، إضافة إلى وحدة شرطة نيبالية خلال الشهرين المقبلين. وقال رئيس البعثة المشتركة رودولف أدادا إن"الأوضاع في دارفور لن تتحسن بين عشية وضحاها، ولكننا متفائلون بأن نشر قوات يوناميد سيساعد في تحسين الأوضاع الأمنية، وسيخلق مناخاً جيداً للعملية السلمية وتوزيع المساعدات الإنسانية على ملايين النازحين". وكان مجلس الأمن فوض البعثة المشتركة في 21 تموز يوليو الماضي، لتصبح أكبر بعثة لحفظ السلام في العالم قوامها 20 ألف جندي و6 آلاف شرطي مدني. ويوجد على الأرض حالياً 9 آلاف جندي فقط، بينهم 7 آلاف جندي أفريقي انتشروا في العام 2004.