أثار اغتيال رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بينظير بوتو على بعد نحو كيلومترين من مقر قيادة الجيش، تساؤلات حول طبيعة أمن المدينة التي شهدت خلال الأشهر الأخيرة عدداً من العمليات الانتحارية استهدفت فيها باصات لجهاز الاستخبارات العسكرية الذي يتحكم بالسياسة الباكستانية. كما شهدت المدينة أو أطرافها محاولات اغتيال فاشلة سابقاً استهدفت الرئيس برويز مشرف. وبلغ عدد محاولات اغتيال مشرف في روالبندي أربعة، وعدد العمليات الانتحارية التي نفذت فيها منذ اقتحام الجيش"المسجد الأحمر"في إسلام آباد في تموز يوليو الماضي ستة. وينظر الى روالبندي ذي المساحة الشاسعة على أنها المدينة الأكثر أمناً في باكستان، أو على الأقل المدينة الأكثر انتشاراً لأجهزة الأمن في ظل قربها من العاصمة إسلام آباد، واحتضانها منازل إداريين وموظفين حكوميين في العاصمة. ويقطن في المدينة التي تقع قرب بحيرة راول التي تغذيها بمياه الشرب، ويعبر قربها نهر إندس الأكبر في باكستان، حوالى ستة ملايين شخص، فيما تشكل حلقة الوصل الرئيسية بين شمال البلاد وجنوبها. ويرجح محللون اختباء كوادر الجماعات المسلحة في روالبندي واتخاذها مسرحاً لتنفيذ عملياتها الانتحارية المتزايدة في الفترة الأخيرة، نظراً الى كثافة سكانها وتنوعهم وأزقتها الضيقة. كما أن وقوعها قرب مناطق قبلية تشتهر بصنع السلاح والذخيرة جعلها مخبأ محتملاً للمتفجرات. ويذكر أهل راولبندي عملية تفجير معسكر أوجري في نيسان أبريل 1988 الذي احتوى مخازن ذخيرة احتفظ بها الجيش لجماعات المجاهدين الأفغان، اذ فجر المعسكر باستخدام شاحنة مفخخة بكمية طن من المتفجرات، وتواصل تطاير شظايا 11 الف طن من الذخيرة لمدة أسبوع، ما أسفر عن مقتل أكثر من ألف شخص. ولم يكن غريباً اعتقال خالد الشيخ محمد العقل المدبر المزعوم لاعتداءات 11 أيلول سبتمبر 2001 في أحد أحياء راولبندي التي يسكن فيها غالباً كبار الضباط المتقاعدين في الجيش. وتصل آلاف الباصات يومياً إلى روالبندي من مناطق القبائل وبيشاور وشمال البلاد، وتتجه منها إلى أنحاء باكستان، ما يعزز فرص أنصار مقاتلي القبائل أو غيرهم في التسلل الى المدينة. ومع الفساد المستشري في أجهزة الدولة والرشاوى، لا يستبعد أن يسرب أحد الأفراد معلومات أو مواد متفجرة في مقابل مال.