توفي أمس رئيس مجلس النواب اليمني الشيخ عبدالله الأحمر عن 74 عاماً في الرياض حيث كان يعالج في مستشفى الملك فيصل التخصصي من مرض السرطان. ونعى الرئيس اليمني علي عبدالله صالح الشيخ الأحمر رئيس"حزب التجمع اليمني للاصلاح"الاسلامي المعارض منذ تأسيسه في 13 ايلول سبتمبر عام 1990، وزعيم قبائل حاشد. وكان الشيخ الأحمر أحد أبرز القيادات السياسية والقبلية اليمنية التي شاركت في إسقاط النظام الملكي العام 1962. كما ترأس مجلس النواب منذ العام 1993. ومثل الشيخ الأحمر رمزاً لحقبة سياسية اختلطت فيها سلطة القبيلة بسلطة الدولة، لا سيما أن قبائل حاشد الخاضعة إلى زعامته، لعبت دوراً كبيراً في مختلف المراحل من تاريخ اليمن منذ مساندتها الدعوة الزيدية التي حملها"الامام الهادي"إلى اليمن في القرن العاشر للميلاد، ثم في تأييد ثورة الأئمة على العثمانيين حتى خروجهم من اليمن قبل أن يعودوا إليه العام 1849. وبدأت رحلة الشيخ عبدالله الأحمر مع السياسة عندما مرض الامام أحمد في نهاية خمسينات القرن الماضي، واضطر ولي العهد البدر إلى الاستعانة بالقبائل لمواجهة تمرد عسكري كان دور زعماء القبائل واضحاً فيه، وعلى رأسهم الشيخ حسين بن ناصر الأحمر، والد الشيخ عبدالله، وشقيقه حميد اللّذان التف حولهما المشايخ الآخرون. وأثار ذلك ريبة الامام أحمد الذي شن حملة على قبيلة حاشد ودمر مناطقها، وأعدم الشيخ حسين وابنه الشيخ حميد وسجن ابنه الثاني الشيخ عبدالله الأحمر. وتولى الاخير بعد ذلك قيادة قبائل حاشد إثر ثورة السادس والعشرين من أيلول العام 1962 بقيادة عبدالله السلال، والتي أطاحت نظام الإمامة في اليمن الشمالي حينذاك. وقاد الأحمر هذه القبائل طوال الحرب الأهلية التي استمرت حتى العام 1970 دعماً للجمهوريين في مواجهة الملكيين. وفي العام 1969، تولى رئاسة المجلس الوطني المكلف صوغ دستور دائم للبلاد، ثم انتخب العام 1971 رئيساً لمجلس الشورى. وقبل الوحدة بين شطري اليمن، كان الشيخ الأحمر جزءاً من الائتلاف الحاكم بزعامة الرئيس علي عبدالله صالح، لكنه أسس بعد الوحدة العام 1990، حزب"التجمع اليمني للاصلاح"الذي كان يعتقد بأنه الجناح السياسي لجماعة"الاخوان المسلمين"في اليمن، على رغم تأكيده عدم وجود أي علاقة تنظيمية بينهما. وحينها، رأى الشيخ الأحمر أن الحياة السياسية في اليمن أصبح يتقاسمها حزبان رئيسيان هما"المؤتمر الشعبي"العام و"الحزب الاشتراكي"، ما أثار خشيته من تنامي نفوذ اليساريين وسيطرتهم على البلاد. كما تبنى مواقف مؤيدة للوحدة بين شطري اليمن، ووقف العام 1994 ضد محاولة انفصال الجنوب الذي تلته حرب انتهت بانتصار قوات الشمال الموالية للرئيس علي عبدالله صالح. وجسد"الشيخ"بقيادته قدرة القبيلة بكل ما تحمله من مفاهيم تقليدية، على أن تجد مكاناً لها في الدولة حتى في مرحلة التعددية والأحزاب السياسية.