سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تضارب في جدول أعمال الاجتماع الوزاري العربي وباريس تتخلى عن انفتاحها على دمشق إذا لم تتجاوب . تراشق عنيف بين رئيسي البرلمان والحكومة وواشنطن لن تقدم لبنان "هدية" إلى سورية
أطلق رفض رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري تعديل الدستور من أجل إتاحة انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وتأكيده أن حصول الفراغ الرئاسي يسقط المهل المحددة في الدستور لاستقالة الأخير من الوظيفة العامة، سجالاً بينه وبين رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي اعتبر أن موقف بري"ينم عن تفرد واستنساب خطيرين في تفسير الدستور وعن مصادرة لصلاحيات البرلمان". ورد بري على السنيورة متهماً رئاسة الوزراء بأنها"استباحت ما لم يستبح في التاريخ". راجع ص 5 وتتجه الأنظار اليوم الى القاهرة حيث ينتظر أن يتطرق الرئيسان المصري حسني مبارك والفرنسي نيكولا ساركوزي في محادثاتهما الى الأزمة اللبنانية والمخاوف الخارجية من إطالة أمد الفراغ الرئاسي بعد التأجيل الحادي عشر للجلسة النيابية التي كانت مقررة أمس لانتخاب رئيس الجمهورية، الى 12 كانون الثاني يناير المقبل. وتنعقد القمة المصرية ? الفرنسية وسط"استياء لدى باريسوالقاهرة إزاء عدم تجاوب سورية مع الدعوات الى عدم عرقلة الانتخابات الرئاسية في لبنان". واستدعت التوقعات بأن يتسبب الفراغ في الرئاسة اللبنانية بتصعيد الموقف الداخلي بين الأكثرية والمعارضة اقتراحاً من المملكة العربية السعودية بصفتها رئيسة القمة العربية ومن مصر بالدعوة الى اجتماع تشاوري طارئ لوزراء الخارجية العرب مطلع السنة المقبلة للبحث في الوضع اللبناني. لكن مصادر ديبلوماسية عربية استغربت إعلان الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أن الاجتماع الذي دعا اليه سيخصص للبحث في مسار المفاوضات الفلسطينية ? الإسرائيلية وسياسة الاستيطان الإسرائيلي في فلسطين، إضافة الى الوضع اللبناني بسبب عدم إحراز أي تقدم في شأن الاستحقاق الرئاسي. وعلى رغم هذا التضارب في جدول أعمال الاجتماع العربي، فإن موسى أعلن في مؤتمر صحافي عقده ان مدير مكتبه السفير هشام يوسف سيزور لبنان قريباً لمناقشة الأزمة، مشيراً الى"الملل من المشهد المتكرر بتأجيل جلسات المجلس النيابي اللبناني لانتخاب الرئيس الجديد... وهذا يطرح كثيراً من علامات الاستفهام حول القيادات اللبنانية أو بعضها". وأكد موسى أن لبنان"مسؤولية عربية"وأن الدول العربية والجامعة"لن تتراجع عن تحمل مسؤولياتها في هذا الشأن". وتوقعت مصادر ديبلوماسية متطابقة أن يتزايد الاهتمام بالأزمة اللبنانية مطلع العام الجديد على الصعد العربية والأوروبية والأميركية. وقالت مصادر ديبلوماسية غربية ل"الحياة"أن الإدارة الأميركية التي قررت اعتماد سياسة دعم وتأييد ما تقرره الأكثرية وقوى 14 آذار في لبنان لانتخاب رئيس جديد والخروج من الفراغ الرئاسي الذي تهدد إطالته الاستقرار في لبنان، تنظر في السياسات التي ستعتمدها من أجل دفع سورية الى تسهيل عملية الانتخاب والكف عن وضع العقبات والشروط على انتخاب العماد سليمان رئيساً للجمهورية، وهو خيار قررته الأكثرية من دون تأثير خارجي أو تنسيق مع أميركا أو الدول الغربية. وأكدت المصادر الديبلوماسية الغربية ل"الحياة"أن تقويم واشنطن لتحركها في شأن لبنان"يشمل وسائل الضغط على سورية حيث أن الضغوط الاقتصادية الأميركية ليست فعالة مثلما هي الضغوط الأوروبية". وأضافت المصادر:"إذا كان من جزرة أو ثمن يفترض أن يقدم لسورية كي تسهّل الانتخاب الرئاسي والخروج من الفراغ الرئاسي فإنه لن يكون بالتأكيد تقديم لبنان هدية إليها على رغم ان السياسة الأميركية تدعم ما تقرره الأكثرية في شأن التوصل الى تسوية مع المعارضة اللبنانية". وذكرت المصادر"أن واشنطن تواصل التنسيق مع باريس في شأن تحرك فرنسا حيال الوضع اللبناني وأن من الواضح أن ما توقعته الديبلوماسية الفرنسية من تجاوب سوري معها لم يصح". وفي باريس قالت مصادر مطلعة ل"الحياة"أن الرئيسين ساركوزي ومبارك كانا التقيا أول من أمس في شرم الشيخ في جلسة خاصة، قبل بدء زيارة ساركوزي الرسمية لمصر، وأشارا الى"استيائهما وخيبتهما من التعنت السوري وعدم تجاوب دمشق مع الدعوات المصرية والفرنسية الى عدم عرقلة الانتخابات الرئاسية في لبنان". الى ذلك، قالت مصادر ديبلوماسية ل"الحياة"ان وزيري خارجية مصر والسعودية أحمد أبو الغيط والأمير سعود الفيصل حمّلا سورية مسؤولية التعطيل في لبنان وذلك خلال محادثاتهما في باريس على هامش مؤتمر الدول المانحة للسلطة الفلسطينية قبل أسبوعين. وكشفت المصادر ان الدول العربية الرئيسة"تخشى من ان مدة الفراغ الرئاسي في لبنان ستكون طويلة بسبب سياسة سورية المهتمة بعقد مؤتمر القمة العربية في دمشق وحضور السعودية له". وكان وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير شديد الاستياء من سورية خلال المحادثات الدولية في باريس، اذ اتهمها ب"التعطيل وزعزعة الاستقرار في لبنان". وتوقع مصدر ديبلوماسي"ان يتحول الموقف الفرنسي من سورية من الانفتاح الحالي الى عكسه تماماً اذا بقيت دمشق على موقفها". ورأى ان الرئيس بري"يتمنى في قرارة نفسه إجراء الانتخاب الرئاسي لكن القرار مرتبط بدمشق التي تريد ثمنه تحسيناً للعلاقة السعودية ? السورية التي هي في حال تراجع كلي، بسبب فقدان ثقة القيادة السعودية واستيائها من سورية". في المقابل دافع نواب الأكثرية عن قرارات الحكومة وطالبوا بفتح مجلس النواب للبحث في التعديل الدستوري. ورد وزير الاتصالات مروان حمادة على الاتهامات الموجهة الى الحكومة، مؤكداً أن قوى الأكثرية لن تتخلى عن العماد سليمان رئيساً للجمهورية. قائلاً:"نحن لم نلغ الانتخاب بالنصف+1 بل وضعناه جانباً خدمة للوفاق". وزاد أن قرارات الحكومة الأخيرة تعبير عن أن الحياة يجب أن تستمر في البلاد، لكنه أكد أن لا خصخصة للهاتف الخليوي قبل العهد الرئاسي الجديد، رداً على اتهام"حزب الله"الحكومة بالسعي الى بيع هذا القطاع. وبلغ السجال ذروة جديدة بردٍ صدر عن المكتب الإعلامي للسنيورة على إعلان الرئيس بري أن لا حاجة الى تعديل الدستور لانتخاب سليمان، مستنداً الى المادة 74 من الدستور التي توجب انعقاد البرلمان"حكماً"لانتخاب الرئيس بعد حصول الفراغ. وجاء في بيان مكتب السنيورة أنه"بغض النظر عن صحة هذا الاجتهاد الدستوري أو عدمه فإن ما يدعو الى الاستغراب والاستهجان هو تبنيه من رئيس المجلس ما ينم عن تفرد واستنساب خطيرين في تفسير الدستور"، مؤكداً أن الجهة الصالحة لهذا التفسير هي الهيئة العامة للبرلمان. ورأى أن هذا التصرف يؤدي الى الحلول من قبل بري محل المجلس في اتخاذ القرارات. وطالب مكتب السنيورة بري بدعوة البرلمان لمناقشة هذا التفسير"وليس فرضه على ممثلي الشعب". وإذ حذر السنيورة من"مخاطر"تصرف بري على النظام البرلماني الديموقراطي، رد بري معتبراً أن النظام الداخلي للبرلمان يكلفه"أن يرعى في المجلس أحكام الدستور والقانون"وأنه في صدد انتخاب الرئيس من واجبه تطبيق المادة 74 من الدستور". واتهم المكتب الإعلامي لبري، السنيورة ب"أنكم تريدون العرقلة كي تبقون مغتصبين للسلطة كما انتم منذ أكثر من عام"... وقال إن"وضع اليد على الرئاستين رئاستي الحكومة والجمهورية لن يصل الى الثالثة". واعتبر رئيس لجنة الإدارة والعدل النيابية النائب روبير غانم"ان الاعتماد على المادة 74 من الدستور كما أعلن بري في رفضه تعديل الدستور يمثل"تحايلاً على الدستور". وكان بري اعتبر أن عريضة نيابية من الأكثرية تطالب بتعديل الدستور"لزوم ما لا يلزم".