يختتم الكونغرس الأميركي هذا الأسبوع دورته البرلمانية لهذه السنة، بإعلان فشل، إذ عجزت الغالبية الديموقراطية فيه عن تحقيق المهمة التي انتخبت على أساسها قبل سنة، على رغم عشرات المحاولات للتأثير في الحرب على العراق. وقال زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ هاري ريد ليل الثلثاء الماضي إن"من حق الأميركيين أن يشعروا بالاحباط إزاء عدم تمكننا من فعل المزيد لإنهاء الحرب في العراق في طريقة مسؤولة، وأنا أشاطرهم هذا الاحباط". لكنه تابع أنه"ضمن الحدود التي فرضها رئيس متعنت ومتشبث وبرلمانيون جمهوريون لا يسعهم سوى الامتثال لخياراته، فإن الديموقراطيين أحدثوا تغييراً". وأشار في صورة خاصة في هذا الصدد الى أن المعارضة الديموقراطية"فضحت تهور الرئيس". وكان مجلس الشيوخ صادق ليل الثلثاء بعدما وجد نفسه في مأزق ومضطراً الى صرف الاموال التي تسمح للحكومة بمواصلة عملها قبل نهاية السنة، على موازنة ضخمة تفوق 555 بليون دولار من ضمنها 70 بليوناً لتمويل العمليات العسكرية في أفغانستانوالعراق. وسعى الديموقراطيون مرتين عبثاً إلى ربط المصادقة على الموازنة بتحديد جدول زمني لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق. وكان مجلس النواب حيث الغالبية الديموقراطية أكبر منها في مجلس الشيوخ، أقر في اليوم السابق صيغة تمنع الادارة من استخدام هذه الاموال للعراق. غير أن هذه الصيغة كانت ستتعرض إلى فيتو رئاسي إذا أقرها مجلس الشيوخ، وهو أساساً أمر مستبعد. وصادق مجلس النواب نهائياً أول من أمس على النص قبل أن يعلنه الرئيس بوش. وقال السناتور الجمهوري جون كيل ليلاً مبدياً ارتياحه إن حزم الجمهوريين"أرغم الديموقراطيين على التراجع". واصطدم الديموقراطيون طوال العام بالمعضلة ذاتها وهي كيفية التوفيق ما بين الوعود الانتخابية بتغيير السياسة الاميركية في العراق وادارة مسؤولة للاموال العامة تسمح للحكومة بالعمل وتؤمن التجهيزات الكافية للجنود. وكرر ريد الثلثاء الماضي أن"الديموقراطيين لن يدعوا أبداً القوات تتحمل تبعات أفعال الرئيس". ويعتبر الجانب الجمهوري تمويل الحرب الذي أقر في الكونغرس رداً مشروعاً على التقدم المسجل خلال الاسابيع الماضية على الصعيد الأمني في العراق. وقال زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونل إن"من الاسباب التي سمحت لنا بالحصول على تمويل غير مشروط أن الحرب في العراق لم تعد تبدو بمثابة مغامرة يائسة". ولا شك في أن العراق لم يعد يتصدر النقاش العام بعد التقدم الذي أُحرز، غير أن غالبية الاميركيين لا تزال تعارض الحرب في هذا البلد، وفقاً لجون مولر الاستاذ في جامعة أوهايو الرسمية. وكشف استطلاع للرأي العام أُجري لمصلحة شبكة"سي ان ان"مطلع هذا الشهر ان 68 في المئة من الأميركيين يعارضونها. وسُئل مولر عن استياء الناخبين الذين حملوا الديموقراطيين الى السلطة على خلفية الحرب العراقية، فقال إن الناشطين الاكثر حماسة ضد الحرب لن يتخلوا عن الديموقراطيين للانضمام الى الجمهوريين، غير أن"حماستهم"قد تخفت أو ربما تغيب كلياً عن انتخابات عام 2008. ويسعى المرشحون الديموقراطيون للانتخابات الرئاسية في أقصى ما يمكن للفوز بأصوات المعارضين للحرب. وعبرت السناتور هيلاري كلينتون أول من أمس عن معارضتها للنص الذي أقره مجلس الشيوخ. وقالت المرشحة التي تلقى انتقادات شديدة من يسار حزبها لتصويتها لمصلحة شن الحرب في خريف عام 2002:"لا يمكنني، ولن أستمر في دعم استراتيجية فشلت في العراق ... حان الوقت لتغيير وجهتنا".