ما بين "الحماة" وپ"الكنّة" من حساسية وتوتّر وتسلّط وپ"مكائد" وتنازع على السلطة... عند العرب، هو ما بينهما في الغرب. والذي يعتقد أن المجتمعات الغربية تجاوزت هذه الحالة، لا بل الظاهرة، بسنين ضوئية، يكون مخطئاً جداً. فالسويد، الدولة التي تُعتبر من أكثر الدول الغربية تخطياً للعُقد الاجتماعية، ولم تشارك في حروب عسكرية منذ اكثر من 002 سنة، لا تزال تشهد سخونة على"جبهة"الحموات والكنّات. وأظهر استطلاع للرأي، أجرته مجلة"نحن الأهل"السويدية، وشمل 899 امرأة و 751 رجلاً، أن العلاقة بين الحماة والكنّة يشوبها توتر يطفو على السطح أحياناً، ويظل خفياً دفيناً، أحياناً أخرى. والمرأة السويدية تتجنب حماتها إلى أقصى الحدود إكراماً لزوجها، وحرصاً على"سلامة"التواصل الأسري، الذي أشرف على"الانقراض"في هذه الناحية من العالم. غير أن الموضوع الشديد الحساسية الذي لا يمكن للكنة السكوت عنه هو شعورها أن أهل زوجها، وحماتها بخاصة، لا يساعدونها في تربية الأبناء والبنات، وشؤون المنزل والعائلة، بما فيه الكفاية. ويشير الاستطلاع إلى أن 84 في المئة من النساء يشعرن باستياء كبير من العلاقة مع أهل أزواجهن، بسبب عدم مدهم يد العون، وقت الحاجة. وهناك 66 في المئة يقولون إن أهل الزوج والزوجة لا يبادرون إلى الاعتناء بالأحفاد، خصوصاً عندما يكون آباؤهم وأمهاتهم في حاجة إلى أخذ قسط من الراحة، أو الانخراط في نشاطات اجتماعية أو ترفيهية، كالذهاب إلى السينما، أو زيارة أصدقاء، أو السفر بضعة أيام إلى الخارج... وفي المقابل، يعرب 82 في المئة من المشاركين في الاستطلاع، عن رضاهم بالعلاقة القائمة مع الحماة الجدة، ولكنهم يرغبون في أن يبدي الجد اهتماماً أكبر بالأطفال. ويظهر الاستطلاع أن النساء الزوجات يقدّرن عالياً المساعدة التي يحصلن عليها من أهلهن، وهي بحسب زعمهن، أكبر بكثير من تلك التي يحصلن عليها من أهل الزوج. وتدعي أكثرية المشاركات في الاستطلاع أنه عندما يبادر أهل أزواجهن، وتحديداً الحموات، إلى المساعدة في العناية بالأطفال عند حاجة الأهل إلى الخروج والفسحة، يخرقون قوانين تربية الصغار المتبعة في البيت. وأما أهل الزوجات فغالباً ما يحترمون قوانين التربية والقواعد الخاصة بالعائلة. وتشعر النساء بأن أهل أزواجهن لا يظهرون احتراماً كافياً لأحفادهم، ويعاملونهم بقسوة. وتشدد المديرة المسؤولة عن مجلة"نحن الأهل"، هيلينا رونبرغ، على أن الدراسة تشير بوضوح إلى أن الرجال الأزواج راضون تماماً عن علاقتهم مع بيت العم الحما، ولا يجدون صعوبة في الاختلاط بهم وزيارتهم من حين إلى حين. وتضيف:"في المقابل، يجد معظم النساء الزوجات صعوبة في بناء علاقة اجتماعية يسيرة مع أهل أزواجهن. وأحد أبرز الأسباب في توتّر العلاقة بين الزوجة وأم زوجها أي حماتها يعود إلى أن الأولى هي من ترعى الأطفال وتضع قواعد تربيتهم وشروط التعامل معهم، في حين أن الثانية تستخف بها، كما تزعم الزوجات في الاستطلاع". وتعتقد رونبرغ أن البرودة الاجتماعية أو الجفاء بين الكنّة والحماة، تغيرت"شكلاً"عما كانت عليه منذ سنوات مضت، في حين أصبح مضمونها أكثر تعقيداً لأن الظروف الاجتماعية والحياتية، تغيرت كلياً:"في الماضي، كانت الكنّة والحماة تتبادلان الآراء حيال أساليب الاعتناء بالصغار والزوج احتراماً لفارق العمر والخبرة. وأما اليوم، فقد تغير كل شيء، خصوصاً أن أمهات كثيرات يشعرن بضغوط نفسية أشد، بسبب"انشطارهن"بين السعي الدائم إلى تطوير أنفسهن في سوق العمل، من جهة، وأداء واجباتهن العائلية والمنزلية، من جهة أخرى. وفي معظم الأحيان، لا تحتاج الحماة إلى توجيه الانتقاد للكنّة، إذ يكفي أن تظهر عند الباب، في زيارة مفاجئة لتشعر الكنّة بأنها معرضة للنقد والمراقبة". هو صراع دائم وتلفت رونبرغ إلى أن أهل الزوج، في المقابل، لديهم شعور خفي بأنهم غير مرحب بهم عند كنّتهم. وهو شعور يخلّف مشكلات اجتماعية تفضي إلى نشوء هوة بين الكنة وبيت حماها. وهو أمر يقرّبها أكثر من ذويها هي. وتشجع رونبرغ الرجال الأزواج على اتخاذ زمام المبادرة والطلب من ذويهم أن يبدوا استعدادهم دائماً لمساعدة زوجاتهم، خصوصاً في تربية الصغار، لأنهن يتقن إلى الشعور بأن أهل الأزواج يريدون فعلاً تقديم يد العون، ويهبّون إلى العناية بالأحفاد، كلما دعتهم الكنّة. ومن الأمور التي تثير غضب الزوجة، سماح حماتها للصغار بتناول السكاكر والحلوى بلا حدود، أو تقديم حماها هدايا"تافهة"لهم، إضافة إلى خرق نُظم التربية السارية في البيت. وثمة زوجات يشعرن بالإهانة عندما تعاملهن حمواتهن على أنهن صغيرات السن، أو ينقصهن الخبر والمعرفة في التربية. ولاقت الدراسة ردود فعل مختلفة من بعض اللواتي شاركن فيها، وأبدى عدد من الحماوات معارضة لمضمونها ونتائجها. وتقول سيدة حماة سبعينية:"في حالتي، لا تبدي كنّتي أي رغبة في أن أطأ عتبة بيت أبني. أنا أحب أولاده، أحفادي، كلّهم. وأتوق دائماً إلى لقائهم. مرات قليلة، يسمح لي بأن أزورهم، ولكن بحضور أهل كنّتي". وتتحسّر السيدة قليلاً قبل أن تضيف:"كلما اجتمعنا شعرت بأني مصابة بالطاعون. ولا تكلّ كنتي عن الحديث عن الهدايا التي يقدّمها أهلها للصغار". وتصف إحدى المشاركات الكلام عن الصراع بين الكنة والحماة بأنه كلام فارغ وغير منطقي أو واقعي. وتوضّح أن أهل زوجها يساعدونها، كلما احتاجت إليهم، ولا يقصرون للحظة واحدة، عندما تريد السفر أو السهر خارج البيت. وفي مقابل"الهناءة"السابقة، تقول مشاركة أخرى:"حماتي تسكن في العمارة المقابلة، وكلما احتجنا إلى مساعدتها، تذمرت وتذرّعت بأي شيء، لتتخلّص من رعاية الأطفال. أنا أتفهم وضعها، فهي متقاعدة، تعبت من مشقة الحياة. لكن قليلاً من المساعدة يمدّ جسر تواصل بيننا". وتختتم إحدى الجدات بالقول:"من الخطاء الاعتقاد بأننا نساعد أولادنا في تربية أولادهم، من أجل إعطائهم وقت للراحة. عندما نقتنع بأننا نساعد أولادنا في التربية، من أجل أن نكون مع أحفادنا، ونراقب نموهم ونتمتع بوقتنا معهم، لأنه وقت مهم لنا ولهم، وقتذاك تنتهي المشاكل بين الكنة والحماة".