وجّه المجلس الاستشاري الملكي للشؤون الصحراوية نداء الى قادة جبهة "بوليساريو" والمنتسبين اليها يحضهم على قبول الحكم الذاتي والعودة الى الوطن. وجاء في"نداء السمارة"الذي صدر في اعقاب اجتماع المجلس أول من أمس:"نناشد اخواننا في مخيمات تندوف أن يُحكّموا منطق العقل والتاريخ والعودة إلى الوطن". وأضاف البيان:"نناشدكم الله فرادى وجماعات تلبية هذا النداء، نداء الأخوة والوفاء، نداء الوطن الغفور الرحيم". وتمنى على قيادة"بوليساريو"المجتمعة في مؤتمرها ال 12 في تيفاريتي في المنطقة العازلة خارج الجدار الأمني في الصحراء،"عدم اضاعة هذه الفرصة التاريخية"التي ربطها باقتراح المغرب منح اقليم الصحراء حكماً ذاتياً موسعاً"كونه يضمن الحل النهائي لتحقيق المصالحة والعودة الكريمة". وتعتبر المرة الأولى التي يصدر فيها نداء بهذه الصيغة من طرف شخصيات صحراوية موالية للمغرب تطلب الى قيادة"بوليساريو"العودة، ذلك أنه منذ اندلاع نزاع الصحراء في عام 1975 انشق قياديون وكوادر من مؤسسي"بوليساريو"عن الجبهة، كما في حال ابراهيم حكيم وزير الخارجية السابق في ما يُعرف ب"الجمهورية الصحراوية"، وعمر الحضرمي أحد أبرز قياديي الجبهة، والقائد العسكري أيوب الحبيب، والناشطة كجمولة بنت عبي رئيسة التنظيم النسائي الصحراوي، وغيرهم. إلا أن الدعوة إلى العودة، كانت تصدر دائماً عن المراجع الرسمية العليا في المغرب. الى ذلك، رأى المجلس الاستشاري للشؤون الصحراوية ان مشاركة اعضائه في بلورة صيغة الحكم الذاتي قبل عرضها على الأممالمتحدة يشكل تطوراً لافتاً في تدبير ملف الصحراء دولياً. وأكد"بيان السمارة"ان مشاركة المجلس في جولتي مفاوضات مانهاست ضواحي نيويورك يعكس ارادة السكان المتحدرين من أصول صحراوية في إنهاء النزاع والخروج من المأزق، معتبراً أن قراري مجلس الأمن الدولي الرقم 1754 والرقم 1783 يساندان الحكم الذاتي من خلال وصف اقتراح الرباط في هذا الشأن بأنه"جدي ويحظى بالصدقية". وأشاد المجلس، في غضون ذلك، ب"مؤتمر اكجيجيات"الذي ضم شيوخ وزعماء قبائل صحراوية منتسبين الى"بوليساريو"اعتصموا في ضواحي تيفاريتي إبان انعقاد مؤتمر الجبهة المستمر منذ الأسبوع الماضي وطلبوا الى قيادتها قبول الحكم الذاتي وتكريس الديموقراطية الداخلية. وجاء في البيان:"كفى من المعاناة واليأس والتشرذم، كفى من تفريق العائلات وخلق أجيال من دون مستقبل". غير أن رئيس المجلس الاستشاري الصحراوي خلي هنا ولد الرشيد تجاوز النبرة الانسانية في البيان، وصرح أمس بأن نداء السمارة"لم ينطلق من فراغ"وإنما أملته معطيات على الأرض تطاول التخلص من تداعيات الماضي وانهاء الأزمة التي طال أمدها أكثر من اللازم. الى ذلك، عبّر العاهل الإسباني الملك خوان كارلوس عن أمله في أن تفضي المفاوضات حول نزاع الصحراء الى"حل نهائي". وقال العاهل الاسباني خلال استقباله الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي الثلثاء:"نأمل في أن تتمكن المفاوضات التي شرع فيها على أساس قرار مجلس الأمن الرقم 1754 من ايجاد حل نهائي لقضية الصحراء الغربية"، ما اعتُبر - في رأي مراقبين - استمراراً للموقف الاسباني من النزاع والذي لم يطرأ عليه أي تغيير على رغم سحب الرباط سفيرها من مدريد على خلفية زيارة خوان كارلوس لمدينتي سبتة ومليلية المحتلتين. على صعيد آخر، ذكرت مصادر قضائية أن تحريات طبية قادت القاضي الاسباني المكلف ملف الارهاب خوان ديل المو الذي يزور المغرب الى كشف تطابق عيّنات من الحمض النووي عُثر عليها في مكتبين مرتبطين بتفجيرات قطارات مدريد عام 2004 مع أخرى تعود الى المعتقل المغربي عبدالله احريز، ما يُعزز الاشتباه بتورطه في تلك الهجمات الإرهابية. ودان القضاء المغربي أحريز في شباط فبراير الماضي وحكم بسجنه ثلاث سنوات بسبب تورطه في التخطيط لهجمات ارهابية والانتساب الى تنظيم محظور. وجاءت زيارة القاضي الاسباني للمغرب وقيامه بزيارة سجن سلا، شمال العاصمة الرباط، بهدف الاستماع الى افادات عبدالله احريز وكذلك المعتقل سعد الحسايني الذي يُنظر اليه بصفته"صانع متفجرات"هجمات الدار البيضاء عام 2003، وقد يكون له دور في تفجيرات مدريد كونه ينتسب الى"الجماعة الاسلامية المغربية المقاتلة". غير أن مصادر تحدثت عن رفض الأخير التعاون مع القضاء الاسباني والامتناع عن الإجابة عن اسئلة القاضي خوان ديل المو في حضور القاضي المغربي عبدالقادر الشنتوف. وعزت أوساط قضائية اهتمام المو بلف سعد الحسايني إلى كونه أقام فترة في اسبانيا وكان يتردد على مساجد إلى جانب متهمين مغاربة في تفجيرات قطارات مدريد، وسبق له أن سافر إلى أفغانستان من عاصمة أوروبية عبر جواز سفر مزور. ووصفت السلطات المغربية اعتقاله في آذار مارس الماضي في الدار البيضاء بأنه بمثابة"صيد ثمين"، بخاصة أنه اختفى عن الانظار منذ الهجمات الانتحارية في الدار البيضاء في 16 أيار مايو 2003. وثمة من يذهب إلى أنه كان"العقل المدبر"في التنسيق بين ناشطين مغاربة وتنظيم"القاعدة"، وكان وراء استقطاب متطوعين مغاربة للانضمام إلى"المقاومة"في العراق، وقد يكون غيّر اتجاه بعض هؤلاء نحو شن هجمات داخل المغرب نتيجة التضييق على المسارات التي كان يسلكها المتطوعون عبر المغرب والجزائر. بيد أن مراقبين رأوا في زيارة القاضي الاسباني دليلاً على استمرار التعاون الأمني بين الرباطومدريد في مواجهة الإرهاب، على رغم الأزمة السياسية التي تعتري علاقات البلدين نتيجة زيارة العاهل الاسباني خوان كارلوس مدينتي سبتة ومليلية شمال المغرب.