أكد المفتش العام لشرطة «بوليساريو» مصطفى سلمى ولد مولود أنه عاقد العزم على العودة الى مخيمات تندوف جنوب غربي الجزائر، «مهما كلّف ذلك من ثمن». وأوضح المنشق الصحراوي عشية انتقاله من «الزويرات» الموريتانية إلى مواقع تجمّع «بوليساريو» أنه تعرّض لمزيد من الضغوط، بما فيها تهديد حياته في حال لم يتراجع عن موقفه المساند لخطة الحكم الذاتي التي اقترحتها الرباط لحل قضية الصحراء. وكشف النقاب أن مبعوثين من الجبهة زاروه خلال إقامته في موريتانيا. وقال: «خيّروني بين معاودة النظر في موقفي أو تعريض حياتي لمخاطر». ويُعتبر مصطفى سلمى أول منشق عن «بوليساريو» يختار العودة إلى المخيمات التي تشرف عليها الجبهة في جنوب غربي الجزائر، بعد أن كان زار المحافظات الصحراوية وعقد مؤتمراً صحافياً في «السمارة» (العاصمة الروحية للصحراء) دعا فيه الصحراويين الى البحث في حل «خارج ضغوط الأطراف كافة». واعتبر قياديون في الجبهة تصرفه بمثابة «خيانة». وأوضح المنشق الصحراوي أن أفراد عائلته المقيمين في المخيمات تعرضوا لمضايقات. ونُقل عنه القول إنه أجرى اتصالاً هاتفياً مع والدته فأخبرته بأنه مطلوب للمتابعة القضائية. وتمنى على المنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان مساعدته من أجل رؤية ابنته التي وُلدت في غيابه. إلى ذلك، وجّه والد مصطفى سلمى بدوره نداء إلى الأممالمتحدة ومفوضية اللاجئين وتنظيمات حقوقية لضمان عودة ابنه إلى المخيمات وحماية حياته التي قال إنها باتت معرضة للمخاطر. وكان لافتاً أن المنشق الصحراوي تمنى على السلطات الجزائرية «التدخل لدى جبهة بوليساريو» لتأمين سلامته، إذ أنه يطمح إلى فتح حوار داخل المخيمات حول سبل إنهاء نزاع الصحراء وفق صيغة «لا غالب ولا مغلوب». ودخلت على الخط تنظيمات أوروبية وإسبانية داعية إلى احترام قرار المنشق الصحراوي في العودة إلى المخيّمات. ولاحظت مصادر في الرباط أن مبادرة المفتش العام لشرطة «بوليساريو» تزامنت ونزوح مئات الأشخاص المتحدرين من أصول صحراوية من مخيمات تندوف في اتجاه المحافظات الصحراوية. وقدّرت المصادر أعدادهم خلال الأشهر الأربعة الأخيرة بحوالى ألفي شخص بينهم شيوخ ونساء وأطفال، لكن غالبيتهم تتشكل من شبان ازدادوا (وُلدوا) في المخيّمات. وعلى الصعيد السياسي ما زال الجمود يسود جهود حل نزاع الصحراء في انتظار تبلور مساعي الموفد الدولي كريستوفر روس لناحية الدعوة إلى جولة جديدة من المفاوضات. ومن المقرر أن يشارك العاهل المغربي الملك محمد السادس في أعمال الدورة الحالية للأمم المتحدة التي سيكون ملف الصحراء من بين المحاور التي سيتم طرحها، بخاصة على مستوى أعمال اللجنة الرابعة. ويُنظر إلى مشاركة العاهل المغربي على أنها مؤشر على التزام مغربي صريح لجهة دعم خيار المفاوضات، لكن وفق مرجعية خطة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب قبل حوالى ثلاث سنوات، وكان من نتائجها تعبيد الطريق أمام سلسلة مفاوضات استضافتها مانهاست في ضواحي نيويورك، لكنها آلت إلى الانهيار في عهد الوسيط الدولي السابق بيتر فان فالسوم الذي كان اعتبر أن خيار استقلال إقليم الصحراء «غير واقعي». وتتمسك الرباط بخلاصات فان فالسوم التي أصبحت وثيقة رسمية لدى مجلس الأمن الدولي، مؤكدة أن المفاوضات لا يمكن أن تنطلق من النقطة الصفر. وحاول الموفد كريستوفر روس إنعاش المفاوضات العالقة عبر اقتراح مفاوضات غير رسمية التأمت مرتين. في ضوء عدم إحراز أي تقدم في المواقف المتباعدة. وترى الرباط أن قرارات مجلس الأمن عززت حضور خيار الحكم الذاتي لدى وصف الاقتراح ب «الجدية والصدقية والواقعية»، فيما تدعو «بوليساريو» إلى إجراء استفتاء يكون الحكم الذاتي واحداً من بين خيارات الاستقلال أو الانضمام النهائي الى المغرب. على صعيد آخر، وصف رئيس الوزراء المغربي عباس الفاسي زيارة رئيس الحزب الشعبي الإسباني ماريانو رخوي إلى مدينة مليلية بأنها «استفزازية» تسيء إلى المشاعر المغربية، وقال في رسالة وجهها باسمه كأمين عام لحزب الاستقلال إلى رئيس الحزب الشعبي الإسباني: «نعلن عن أسفنا الشديد ورفضنا القاطع للزيارة» التي قال إنها تتنافى وروح الصداقة ومبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل بين المملكتين المغربية والإسبانية. وأضاف أن هذا التصرف «لن يساهم إلا في تعكير الأجواء الودية بين البلدين». ودعا المسؤول المغربي الجانب الإسباني الى «المضي في حوار هادئ ومسؤول من أجل إنهاء الاحتلال الإسباني لمدينتي سبتة ومليلية المغربيتين، وفق منظور مستقبلي يأخذ في الاعتبار المصالح المشتركة على البلدين والمصير المشترك بين الشعبين»، في إشارة الى اقتراح كان عرضه الملك الراحل الحسن الثاني لتشكيل مجموعة عمل للبحث في مستقبل المدينتين، وفق ما يضمن السيادة المغربية ويحافظ على المصالح الاقتصادية والتجارية لإسبانيا.