سعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى دحض الإدعاءات بفشل مؤتمر أنابوليس للسلام عبر التأكيد أكثر من مرة على أن المؤتمر كان هدفه إطلاق المفاوضات وليس التفاوض، وقلل من شأن لاءات رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت الخاصة بالقدس والإطار الزمني للمفاوضات وتفكيك المنظمات الفلسطينية، مؤكداً أن المفاوضات ستشمل قضايا الوضع النهائي كافة، بما فيها القدس واللاجئين والمستوطنات. وكان لافتا أن أبدى الرئيس الفلسطيني في تصريحات أطلقها عقب لقائه الرئيس المصري حسني مبارك أمس في القاهرة تفاهماً أكثر تجاه الحوار مع"حماس"، فعلى رغم أنه أصر على تراجعها عن"انقلابها في غزة"، إلا أنه تحدث بنبرة إيجابية عن الحركة، وأكد أنها"جزء مهم من الشعب الفلسطيني". وعقد مبارك وعباس جلسة محادثات في القاهرة أمس استمرت نحو ساعة وحضرها وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، ومن الجانب الفلسطيني رئيس الوزراء السابق أحمد قريع الذي قاد الوفد التفاوضي الفلسطيني في أنابوليس، والممثل الشخصي للرئيس الفلسطيني روحي فتوح وعضو اللجنة المركزية لحركة"فتح"الدكتور نبيل شعث وسفير فلسطين في القاهرة منذر الدجاني. وكان عباس التقى فور وصوله إلى القاهرة مساء أول من أمس رئيس الاستخبارات المصرية الوزير عمر سليمان. وقال الرئيس الفلسطيني إن"الهدف الرئيس من المشاركة في اجتماع أنابوليس للسلام كان إطلاق عملية المفاوضات، وهو ما تم الاتفاق عليه بالفعل"، مشيراً إلى أنه"كان هناك اتفاق مسبق من البداية على أن الهدف الرئيسي من المشاركة في المؤتمر يتمثل في إطلاق عملية التفاوض". وأضاف:"كان هناك وهم لدى البعض بأننا كنا نريد أن نتفاوض خلال هذا الاجتماع مع الإسرائيليين أو أن هناك مفاوضات أو صفقة"، موضحاً أن"هناك محطتين بعد اجتماع انابوليس، الأولى في باريس والثانية في موسكو، إذ سيكون هناك مؤتمر آخر للمراجعة لمعرفة ماذا تم في المفاوضات التي تبدأ هذا الشهر". وأشار إلى أنه"سيتم تشكيل مجموعة لجان تفاوضية مشتركة مع الجانب الإسرائيلي لتبدأ مفاوضتها في 12 كانون الأول ديسمبر الجاري لبحث مختلف القضايا، بما فيها قضايا الوضع النهائي ومنها القدس والحدود والمستوطنات واللاجئين"، مشيراً إلى أنه"ستكون هناك لجنة برئاسة أحمد قريع لقيادة التفاوض تسمى لجنة المفاوضات، ومعها لجان فرعية كل منها مسؤولة عن موضوع مثل القدس واللاجئين والحدود والمستوطنات، كما ستكون هناك لجنة عليا تشارك فيها كل القيادات الفلسطينية لمتابعة المفاوضات". وأوضح عباس أنه"لا توجد ضمانات لاستكمال عملية المفاوضات، لكنّ هناك مجتمعاً دولياً ومؤسسات دولية كلها كانت تريد السلام، إضافة إلى وجود مرجعيات دولية ودعم عربي وإسلامي قوي وجدية أميركية". وعما إذا كان الوقت حان للانفتاح على حركة"حماس"، قال عباس:"لقد حاورنا حماس أربع أو خمس سنوات وليس لدينا مانع من أن نحاورها، ونستمر في الحوار لأنهم جزء من الشعب الفلسطيني ونحن لم نتخل عن هذا الجزء من الشعب ولا نتجاهله، ولذلك نحن نعتبر هذه الحركة مهمة في الشعب الفلسطيني"، غير أنه أضاف:"عندما تنهي حماس انقلابها في غزة فنحن جاهزون للحديث معها". وحين سُئل عن تقارير عن اتفاق على عودة 20 ألف لاجئ فلسطيني فقط وموافقته على يهودية إسرائيل، أجاب عباس:"لم يحدث أي اتفاق في أنابوليس على أي شيء يخص اللاجئين وكان الغرض من الاجتماع إطلاق المفاوضات وليس الدخول في تفاصيل. أما في ما يتعلق بيهودية الدولة الإسرائيلية فنحن نرفض هذه التسمية، ولكن نقول إن هناك دولة إسرائيل وهناك دولة فلسطين"، مشيراً إلى أنه"في إسرائيل هناك يهود وغير يهود". ورداً على سؤال عن رأيه في تأكيد أولمرت أن هناك ثلاثة لاءات حول القدس، وتحديد فترة المفاوضات لتنتهي قبل نهاية العام المقبل، وتفكيك المنظمات التي يعتبرها الإسرائيليون"إرهابية"، قال:"إذا كان الأمر كذلك، فلماذا سيتم تشكيل لجان للتفاوض حول هذه الأمور"، مشيراً إلى أن"موضوع الإرهاب هو جزء من البند الأول من خطة خريطة الطريق، وهناك استحقاقات على الجانب الفلسطيني وأخرى على الجانب الإسرائيلي". وأضاف أن"الفلسطينيين سيقومون بالمطلوب منهم، وما هو مطلوب من الاسرائيليين يجب أن يقوموا به، خصوصاً ما يتعلق بوقف الاستيطان وإزالة البؤر الاستيطانية وإعادة المؤسسات الفلسطينية الموجودة في القدس والعودة إلى وضع ما قبل 28 أيلول سبتمبر 2000 انتفاضة الأقصى، ومطلوب منا ضبط الأمن وغيره من الطلبات التي نعتبر أنفسنا ملتزمين بها". وسألت"الحياة"عباس عن سحب الولاياتالمتحدة مشروع قرار يدعم نتائج مؤتمر أنابوليس من مجلس الأمن، فقال:"لم نطّلع على المشروع، ويبدو أن الدول العربية لم تقبله وكذلك الأطراف الأخرى وتم الاكتفاء ببيان يصدره رئيس مجلس الأمن". وتوقف عباس في مطار عمان أمس في طريقه إلى السعودية. وأشاد في تصريحات للصحافيين ب"الإجماع العربي غير المسبوق في أنابوليس". وقال:"ما أسعدنا هو الموقف العربي الذي كان واحداً وموحداً ... وتحدث الجميع بإسلوب ايجابي لدعم القضية الفلسطينية، وللمرة الأولى في تاريخ الصراع العربي - الإسرائيلي هناك إجماع عربي شمل كل الأشقاء أعضاء لجنة متابعة المبادرة العربية للسلام ومن هم خارجها. وهذا شيء مشرف". ورداً على سؤال عن وجود معوقات في طريق المفاوضات، قال عباس: المفروض أن لا تكون هناك معوقات لأننا اتفقنا على إطلاق المفاوضات، لكننا لا نعرف ما سيأتينا في الطريق. وعلينا دائماً أن نحسب حساب العقبات التي لا تكون في الحسبان. لكن علينا أيضاً أن نكون مصممين على السير في هذا الخط حتى النهاية، للوصول إلى حل نهائي وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس".