نفذ الرئيس الباكستاني برويز مشرف أمس، وعد رفع حال الطوارئ التي فرضها منذ الثالث من تشرين الثاني نوفمبر الماضي، في محاولة لتبديد الشكوك في شأن شرعية الانتخابات العامة المقررة في الثامن من كانون الثاني يناير المقبل. وأعلن الناطق باسم الحكومة الانتقالية انور محمود ان الرئيس مشرف وقع مرسوم إلغاء"الطوارئ"، من دون ان يزيل ذلك تشكيك المعارضة وشريحة كبيرة من المجتمع الدولي باحتمال تلاعب مشرف في عملية الاقتراع، بعدما حرص مسبقاً على منع أي لجوء الى القضاء للطعن في التدابير التي اتخذت في ظل"الطوارئ"، خصوصاً على صعيد اقالة قضاة المحكمة العليا المعارضين له، ما مهد لتثبيت فوزه بولاية رئاسية ثانية، على رغم ترشحه مع احتفاظه بمنصبه العسكري. وترافق رفع"الطوارئ"مع تأدية قضاة المحكمة العليا ال 14 الموالين لمشرف قسم الولاء لدستور 1973 الذي اعيد العمل به في حفلة بثتها محطات التلفزيون مباشرة، علماً ان مشرف كان ابعد 13 من القضاة ال17 الذين شكلوا الهيئة السابقة للمحكمة العليا، وفي مقدمهم رئيسها افتخار تشودري الذي وضع قيد الإقامة الجبرية. وأكد وزير العدل افضال حيدر:"أعيدت كل الحقوق الأساسية مع رفع الطوارئ تمهيداً لإجراء انتخابات حرة وعادلة"، علماً ان وسائل إعلام انتقدت الأسبوع الماضي حظر البث المباشر واعتبرته محاولة للسيطرة على تغطية الحملات الانتخابية. وتطلق المعارضة اتهامات في شأن نظام الانتخابات المقبلة، لكنها لم تستطع التوحد وراء تهديد بمقاطعة الانتخابات في حال لم يعد النظام القضائي الى سابق عهده قبل اعلان حال الطوارئ. وأعلنت الحركات الرئيسية مشاركتها في الانتخابات، فيما انسحب زعيم تحالف"مجلس العمل المتحد"الذي يضم الأحزاب الدينية قاضي حسين احمد. وقالت رئيسة الوزراء السابقة وزعيمة المعارضة بينظير بوتو في مدينة كويتا جنوب غرب:"نعتبر رفع الطوارئ خطوة الى الأمام، لكن يجب اتخاذ إجراءات إضافية لإعادة الديموقراطية". وتشكل معركة الانتخابات مواجهة ثلاثية بين حزب"الرابطة الإسلامية"الحاكم وحزبي المعارضة الرئيسيين اللذين يتزعمهما رئيسا الوزراء السابقان نواز شريف وبوتو. ويمكن ان يؤدي فوز المعارضة في الانتخابات الى تحرك البرلمان نحو مساءلة مشرف في شأن اتهامات بأنه تصرف في شكل غير دستوري لتأمين ولاية رئاسية جديدة. وفي نيويورك، اعتبرت منظمة"هيومن رايتس ووتش"للدفاع عن حقوق الإنسان ان رفع"الطوارئ"لن يؤدي الى استعادة دولة القانون. وقالت المنظمة في بيان ان"الإعادة المزعومة للعمل بالدستور التي وعد بها مشرف تنص ايضاً على تشريع لاحق للإجراءات التي اتخذت في ظل الطوارئ التي سمحت بقمع الصحافة والمحامين، ومنحت الجيش امكان استغلال صلاحياته من دون عقاب". وأضاف"ان العودة الحقيقية للنظام الدستوري تعني إعادة العمل بالدستور والنظام القضائي كما كانا قبل الثالث من تشرين الثاني". ونددت المنظمة ايضاً بسلسلة المراسيم الرئاسية التي اتخذت منذ إعلان"الطوارئ"، ومنعت في شكل مسبق الاحتجاج امام القضاء على قوانين اتخذت في ظل هذا القانون. وقبل ساعات قليلة من إلغاء"الطوارئ"، قتل ثلاثة مدنيين وجنديان في تفجير انتحاري استهدف مركز تفتيش امام ثكنة عسكرية في مدينة نوشيرا شرق العاصمة إسلام آباد. وقال الناطق باسم الجيش اللواء وحيد ارشاد ان رجلاً استقل دراجة هوائية فجر قنبلة حملها عند حاجز التفتيش. وشهدت السنة الحالية رقماً قياسياً في عدد الاعتداءات التي تبناها المقاتلون الاسلاميون المقربون من حركة"طالبان"الأفغانية وتنظيم"القاعدة"في المناطق القبلية شمال غرب المحاذية للحدود مع افغانستان او نسبت اليهم، وأسفرت عن مقتل حوالى 700 شخص.