فنانة لبنانية تقيم في مونتريال منذ سنتين، حائزة شهادة الماجستير العالمية في التعليم من احدى الجامعات الاميركية، وشهادة الفنون من الجامعة الاميركية اللبنانية LAU. لميا اللبان تتميز بمواهب فنية متعددة. علّمت مادة الرسم في ارقى المدارس اللبنانية والاجنبية، وتولت إعداد وتقديم برنامج فني بعنوان"صغار كبار"على شاشة تلفزيون"المستقبل". اشتركت في معارض لبنانية ودولية اكسبتها شهرة في الوسط الفني وبيع الكثير من لوحاتها بأسعار ممتازة. خلافاً لأمثالها من حملة الكفاءات الاكاديمية والفنية الذين هاجروا الى كيبك في كندا، تسنى للميا على رغم حداثة عهدها في الاغتراب، أن تكتشف سر النجاح الذي اوصلها الى سوق العمل والشهرة الفنية. فمن خلال تسجيل ابنتها في احدى المدارس الخاصة انتخبت نائبة للرئيس في لجنة الاهل وتطوعت في تقديم برنامج للرسم حاز اعجاب المسؤولين وتم اختيارها أول معلمة تدرّس مادة الفنون في مناهجها التعليمية. كانت تلك الخطوة الاولى التي سرعان ما استكملتها باتصالات مع المسؤولين التربويين بغية تدريس مادة الرسم وتعميمها على مدارس اللجان الفرنكوفونية والانغلوفونية في مونتريال، الامر الذي يعتبر اول انجاز فني تربوي من نوعه يضاف الى صلب المناهج التعليمية الكيبيكية. اشارة الى أن فن الرسم لا يدرّس كمادة مستقلة في اي من المدارس الخاصة او الرسمية وإنما يقتصرعادة على نشاطات الطلاب اللامنهجية. ما وصلت اليه لميا لا يمكن ان يتحقق بهذه السهولة والسرعة لولا قيامها بخطوة رئيسة يجهل او يتجاهل اهميتهما كثيرون من أصحاب الكفاءات، وهي العمل التطوعي الذي يعتبر في كندا المدخل الطبيعي لولوج سوق العمل او لبلوغ مراكز الشهرة في اي حقل من الحقول العامة او الخاصة. تقول لميا ل"الحياة":"انتمي الى مدرسة الفن التعبيري الذي يعتمد اساساً على رمزية الأبعاد ولعبة الالوان وتمازجها". من هذا المنطلق تتأثر لميا"بجمالية المكان او المشهد"وتجعله نابضاً بالحياة والحركة اياً يكن موقعه في هذا البلد او ذاك. تضيف:"يتميز الفضاء اللبناني بفرادته وتنوع مشاهده الطبيعية والعمرانية والبشرية، كان ولا يزال تربة خصبة وملهماً لكل عمل فني". يتوافر في ريشة لميا مقدار كبير من الحرفة والصنعة والمهارة في اختيار الالوان وتوازنها اذ تنساب وتتسلل وتتدرج في شكل طبيعي من الدافئ الى البارد ومن القوي الى الخفيف من دون ان يطغى اي منها على الآخر بمعنى ان يبقى لكل لون رونقه وأصالته وموقعه ودوره في اي من لوحاتها المائية او الزيتية. استطاعت لميا خلال سنتين من اقامتها في مونتريال أن تقيم اول معرض للرسوم تضمن العشرات من لوحاتها اللبنانية والكندية التي على رغم فوارق المكان والزمان، يحتفظ كل منها بخصوصيته الجمالية وطابعه الفني المميز. بيروت التي كانت لا تعرف الحزن باتت اليوم في احدى لوحات لميا، فضاءات مغلقة يلفها السواد من كل جانب اشارة الى حرب تموز/ يوليو 2006 ونهضتها العمرانية عشوائية مؤذية للنظر. وعلى رغم هذه الصورة القاتمة تبدو لميا متفائلة بعودة الحياة الى بيروت من خلال شعاع مضيء يتسلل من خلف الالوان الداكنة ليعيد اليها بعض ما فقدته من دفء وحرارة وما كانت تضج به من حركة وحيوية ونشاط. اما مونتريال عاصمة لميا الثانية، كما تقول، فخصتها بباقات من الألوان الزاهية التي تعكس طبيعتها الجذابة ومساحتها الشاسعة وأبنيتها المتجانسة وتنوعها الثقافي والحضاري، ما يجعلها"نموذجاً لأحلام الاطفال"على حد تعبيرها. خريف مونتريال له في لوحات لميا جمالية فريدة. فهو ليس خريف الحزن والكآبة والعواصف والاشجار العارية او الفصل الذي يلفظ أنفاسه الاخيرة، وانما هو خلاف ذلك مشهد تخلع عليه أحلى ما لديها من اثواب مزركشة. بهذه الصورة الزاهية نسجت لميا خيوط لوحاتها الخريفية التي تتعاقب فيها الالوان وتتعايش بنسق جمالي جذاب يتدرج من الاحمر الى الاصفر الى الاخضر والبرتقالي. حظي معرض لميا بتنويه الصحافة الفنية في مونتريال التي اعتبرته اطلالة واعدة على السوق الكيبيكي والكندي. وترى لميا ان المعرض هو خطوة اولى على طريق الاحتراف المهني الذي يؤسس لنوع رديف من الحوارالعربي ? الكندي والتلاقح الثقافي والفكري والانساني والحضاري، مشيرة الى انها تعد لذلك مشروعاً فنياً يكون صلة الوصل والتواصل بين لبنان المقيم والمغترب.