علمت "الحياة" ان زعيم "التيار الوطني الحر" العماد ميشال عون اقترح على زعيم تيار "المستقبل" النائب سعد الحريري، خلال جلسات الحوار الثلاث التي جمعتهما في باريس الأربعاء والخميس الماضيين، ان تتشكل حكومة أقطاب برئاسة الحريري، تملأ الفراغ في الرئاسة في حال عدم التوصل الى توافق على اسم الرئيس الجديد للجمهورية، وأنه عون مستعد لأن يكون وزيراً فيها، على ان يكون سقف عمر هذه الحكومة ستة شهور، يجرى العمل خلالها على انتخاب الرئيس الجديد في نهايتها كأقصى حد. وقالت مصادر تسنى لها الاطلاع على جانب من حوار عون والحريري ان زعيم"التيار الوطني الحر"طرح الفكرة على الحريري أثناء مناقشتهما الاستحقاق الرئاسي وإمكان حصول الفراغ في الرئاسة، في حال عدم التوصل الى تفاهم بين الأكثرية والمعارضة على انتخاب رئيس جديد قبل انتهاء ولاية الرئيس اميل لحود. وأوضحت المصادر ل"الحياة"ان الحريري أجاب عون رداً على اقتراحه بأنه لا بد من العمل لتلافي الفراغ في كل الأحوال وأن موقفه من أي خطوة من هذا النوع يحدده بالتشاور مع حلفائه في الدرجة الأولى. وكان حوار عون والحريري استحوذ على اهتمام الأوساط السياسية كافة في بيروت، وسط الجهود المحلية والخارجية الضاغطة لإتمام الاستحقاق الرئاسي في موعده، خصوصاً انه لم يعد يفصل الفرقاء اللبنانيين عن الجلسة النيابية التي دعا إليها الرئيس نبيه بري البرلمان لانتخاب الرئيس الجديد في 12 تشرين الثاني نوفمبر الجاري إلا 9 أيام، فيما لم يبق سوى 21 يوماً على انتهاء مدة ولاية لحود، والمهلة الدستورية لانتخاب خلفه. واتجهت الأنظار في بيروت الى اللقاءات الوزارية التي ستعقد بين الدول المعنية بالوضع اللبناني في مؤتمر اسطنبول، ونقلت وكالة"فرانس برس"عن وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس قولها على الطائرة التي أقلتها الى تركيا:"يتحدثون كثيراً عن تسويات، إنه امر جيد جداً، ولكن لا يجوز وضع قوى 14 آذار في موقع يلزمها بإجراءات مخالفة للدستور وبإجراءات تؤثر على برنامجها". من جهة ثانية، أعلن تكتل"التغيير والإصلاح"النيابي الذي يرأسه عون بعد اجتماع برئاسته، ان لقاءات الأخير مع الحريري في باريس صبت في خانة التوافق وفككت الكثير من العقد وأزالت التضليل". ولفت التكتل الى ان لقاءات باريس كانت"جيدة جداً"وقرّبت الأولويات وأخّرت الثانويات". وأضاف التكتل:"بدأنا نلمس نضجاً في المواقف والبحث يتناول كيفية الوصول الى حل كما ان مروحة الاتصالات ستتسع". وكان التكتل اجتمع امس استثنائياً من اجل الاطلاع من عون على حواره مع الحريري. وعلم ان اتصالا هاتفيا جرى بين عون والحريري. واعتبر رئيس الهيئة التنفيذية في حزب"القوات اللبنانية"سمير جعجع ان اجتماع العماد عون مع الحريري"ايجابي ومن شأنه ان يحضر للانتخابات الرئاسية". وطالب جعجع في كلمة له عصر امس"حزب الله"بتسمية مرشحه للرئاسة"بكل وضوح وصراحة"، مؤكداً ان"قوى 14 آذار تثق كلياً بالطريقة التي يفاوض بها الحريري في اجتماعاته". وكرر جعجع تأكيده ان"أحداً ليس مخولاً بتسمية رئيس الجمهورية، وهذه المهمة تخص المجلس النيابي فقط"، رافضاً"طرح التوافق على اسم الرئيس". بان يتصل ببري ومساء أمس تلقى الرئيس بري اتصالاً هاتفياً من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الموجود في اسطنبول كرر الأخير فيه دعمه لتحركه وسأل عما وصل إليه مع الحريري، وعن تحرك البطريرك الماروني نصر الله صفير وفي أي اتجاه سيصب؟ كما سأل بان عن المطلوب من الأمانة العامة للأمم المتحدة لتساعد في الحوارات الدائرة، وكرر مرات دعم المنظمة الدولية لانتخاب رئيس توافقي مؤكداً ان"الاستحقاق الرئاسي المهم بالنسبة الى لبنان لأنه يعيد الاستقرار، هو مهم ايضاً للمنطقة ودول العالم المهتمة بالاستقرار في بلدكم". كما استفسر عن الخطوات الممكن اتخاذها ورؤية لبري في حال لم ينتخب البرلمان رئيساً في جلسة 12 الجاري. وعلم ان بري شكر لبان اتصاله وموقفه، وقال له:"هناك دعم دولي، أوروبي وفاتيكاني لمبادرتي وأنا مصر على رئيس توافقي ولا أبخل بجهد إلا وأقوم به وصولاً الى هذا الهدف". وزاد:"الأجواء واللقاءات بيني وبينه الحريري اكثر من جيدة، إنما تريثنا لبعض الوقت لكننا بقينا على تواصل رغبة منا في إفساح المجال امام تحرك البطريرك صفير الذي نأمل بأن يتوصل الى نتائج جيدة لأن هذا يساعد الحريري وأنا على الدفع في سرعة باتجاه التوافق". وأبلغ بري بان انه ينتظر عودة الحريري بعد لقاءاته مع عون من اجل اللقاء مجدداً،"وسنسعى الى التوصل الى نتائج قبل جلسة 12 الجاري. اعرف ان هناك صعوبات كثيرة لكنني ما زلت على تفاؤلي، واتصالك يعطينا دفعاً جديداً. اما اذا لم نتوصل في الجلسة المقبلة الى انتخاب رئيس جديد على رغم اصراري على ان نصل الى هذا الهدف، فإننا قد نضطر الى ان نؤجل بضعة ايام لنحدد موعداً جديداً، ضمن المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس". وقال بري لبان، بحسب مصادره:" ما دمت موجوداً في اسطنبول والوزيرة رايس هناك، أتمنى ان تسعى معها لتتبنى موقفك وتدفع في الاتجاه الإيجابي، لأن بعض الناس في بيروت يبالغون احياناً في تفسير الموقف الأميركي". وعلم ان بان سيلتقي الوزيرة رايس. الى ذلك، علم ان مدير مكتب الامين العام للجامعة العربية هشام يوسف يصل الى بيروت في الساعات المقبلة.