عبر البطريرك الماروني نصرالله صفير عن سخطه إزاء المأزق الرئاسي الذي يواجهه لبنان ونقل عنه زواره قوله : "إننا ندور ونبقى في مكاننا وكأننا لم ننس ولم نتعلم". وكانت بكركي أمس مقصداً لشخصيات سياسية أدلى بعضها بتصريحات أمام الصرح البطريركي انتقد فيها مواقف رئيس تكتل"التغيير والإصلاح"النيابي ميشال عون، لا سيما لجهة اعتبار الرابية مرجعية المسيحيين وليس بكركي. وأوضح وزير الدولة لشؤون المجلس النيابي ميشال فرعون بعد لقائه صفير الذي استبقاه الى مائدة بكركي"ان مسألة الرئاسة تهم جميع اللبنانيين وفي شكل خاص الموارنة والمسيحيين بكل مذاهبهم، لأن الرئاسة هي الضمان لهم ولكل الوطن. وأي إجراء من دون الانتخاب، لا يخفف من خطورة المأزق، وملء فراغ الرئاسة من الحكومة، ولو موقتاً وتطبيقاً للدستور، ليس حلاً". وأضاف:"بغض النظر عن الشعور حيال الوضع أو الرغبة في تسليم الأمانة، ان استقالة الوزراء أو الحكومة ليست حلاً اليوم، لأنها تكرس الدخول في المجهول الذي أراده من اغتال النواب والوزراء وحاول اغتيال الدولة والمحكمة والرئاسة وحتى الطائف. أما المعادلة القاضية بعدم اللجوء الى الانتخاب بالنصف زائداً واحداً في مقابل عدم اللجوء الى تأليف حكومة ثانية، فهي أيضاً ليست حلاً". ورأى ان"أمام تلكؤ نواب المعارضة عن القيام بأهم واجب وطني لهم، والضغط عليهم من الداخل والخارج لمقاطعة جلسات الانتخاب، ورغبة في التوافق، خرجنا عن مبدأ الانتخابات الديموقراطية، وقبلنا بآلية أقرب الى الانتقاء من الانتخاب على الطريقة اللبنانية، وهذا التوافق الاستثنائي حول مبادرة بكركي، ومبادرة الرئيس المجلس النيابي نبيه بري، والمبادرة الفرنسية، شمل المرجعيات السياسية والدينية والمدنية والديبلوماسية. فالجميع التزم هذه الآلية التي شارك فيها بعد الإصرار البطريرك صفير كمرجعية لحل الأزمة، والتي تعطلت لفقدانها الضمانات والاكتفاء بالوعود. وطالما قبلنا بالآلية وبالدور الاستثنائي للبطريرك صفير كراع وحكم لهذا الخلاف الذي يهدد البلاد واستقرارها نظراً الى مؤهلاته للقيام بهذا الدور، فأحد الحلول إذا لم يحتكم نواب المعارضة الى ضمائرهم، أن نذهب بهذه الآلية حتى النهاية ونحولها الى حل كامل". وشرح الخطوات المطلوبة بالقول:"بعد محطة غربلة الأسماء التي اقترحها البطريرك، من قبل رئيس كتلة"المستقبل"النيابية سعد الحريري ونبيه بري كممثلين عن الأكثرية والمعارضة، وبعد الاجتماع معهما والأخذ بكل المعطيات والاعتبارات والفيتوات، وأسبابها وانعكاساتها، يجب أن يحكم البطريرك ويحسم كمرجع أخير، ويعلن اسماً واحداً أو اسمين، على أن يلتزمه الجميع فعلاً وليس قولاً، حتى الانتخاب. أما محاولة الالتفاف على مرجعية بكركي أو اللجوء إلى مزايدات، فهذا لن يساعد على الحل، بل يسهم في عرقلته وتعطيله، ويفاقم الأزمة وصولاً إلى حلول قيصرية". وكان صفير التقى عضو قوى 14 آذار ميشال معوض الذي اعتبر"ان هناك قوى إقليمية لا يناسبها انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان"، وقال:"وليست مصادفة ان كل المبادرات الدولية كانت تبدأ في الشام، ولا مصادفة أن يكون للنظامين السوري والإيراني مصلحة في المفاوضة على هذا الفراغ والفوضى، وهناك محاولة دائمة لتعطيل الاستحقاق الرئاسي بهدف أن يعود الدور الى سورية في الداخل اللبناني، وبالتالي في السياسة اللبنانية، ونحن نرفض هذا الأمر في شكل قاطع". وشدد معوض في تصريح له على"مسؤولية الداخل، خصوصاً المسيحيين المجمعين على أن الفراغ هو ضرر للمسيحيين"، متوقفاً عند المقابلة التلفزيونية لعون ليل أول من أمس، وقال:"سمعنا العماد عون يقول إن الفراغ خطر جداً ويمس بالتوازن الوطني، وفي هذه النقطة نحن جميعاً متفاهمون، ولكن هل الحل بانتخاب بطريرك جديد؟ لا أعتقد. وهل الحل في خلق مرجعية جديدة اسمها الرابية؟ الحل الحقيقي يكمن في ان ينزل النواب الى المجلس، وليس في طرح مبادرات وهمية بدعوة النواب الى الرابية والى غيرها، والحل أيضاً يكون بالتخلي عن الأنانيات الفردية والشخصية للوصول الى مواقف مسيحي - مسيحي حول رئيس جديد". وعما إذا كان والجهة التي يمثلها ستشارك في اجتماعات الرابية، أجاب:"نحن نعتبر ان هناك بطريركاً واحداً، وهو في بكركي، مع العلم أننا دعونا الجنرال الى التشاور وقلنا أكثر من مرة ان أقصر طريق لضرب المخطط السوري هو التوافق المسيحي - المسيحي حول رئيس للجمهورية وذلك بالجلوس معاً وبالتخلي عن منطق أنا أو لا أحد للتوصل الى رؤية والضمانات التي سيؤمنها هذا الرئيس". وأشار الى ان"الانتخابات النيابية الماضية أعطت العماد عون كتلة من 22 نائباً، ولكن يجب ان نعترف أيضاً بالنتائج الأخرى، ونحن خلافنا مع العماد عون على نقطتين أساسيتين: الأولى خلاف سياسي، إذ نعتبر ان ورقة التفاهم بينه وبين"حزب الله"هي التي تعطي"شيكاً"على بياض لانقلاب"حزب الله"على الدولة، أما الثانية فهو خروج العماد عون على المؤسسات الدستورية وعلى الاعتراف بالنتائج المتكاملة للانتخابات النيابية التي أعطته في وقتها أكثرية مسيحية وأكثرية وطنية". ولفت الى ان"التجربة السابقة للعماد عون عام 1990 استفادت منها بالدرجة الأولى سورية. ومن المشكلات مع العماد عون أيضاً انه يطرح اسم رئيس للجمهورية يلتزم ورقة التفاهم مع"حزب الله"، مع إننا طرحنا على الحزب محاولة لبننته ومشروعه، ولكن تبين بعد حرب تموز يوليو انه رفض اللبننة وفضل ان يكون السلاح بين يديه سلاح إقليمي وإيراني في لبنان، وهذا الموضوع هو في صميم المشكلة اللبنانية التي نعيشها اليوم". قائد الجيش وبعد الظهر التقى البطريرك صفير قائد الجيش العماد ميشال سليمان. وبعد اللقاء، أكد سليمان أن المحادثات تناولت الأوضاع الأمنية في البلاد. وقال:"الأمن تكليف عام يأتي من خلال إرادة وطنية جامعة وهو حق للشهداء وملك لجميع الناس"، معتبراً أن"الأمن هو كالرغيف بالنسبة الى الشعب اللبناني". وأبلغ سليمان صفير أن الإجراءات الأمنية المتخذة هي من أجل تأمين الاستحقاق الدستوري.