في نهاية آب أغسطس الماضي، تنفّس المستثمرون والمضاربون في أسواق الأسهم الإماراتية الصعداء بعد أن حقق مؤشرها أول ارتفاع شهري هذه السنة بلغت نسبته 8.8 في المئة، بعد سبعة أشهر عجاف خسر مؤشر السوق خلالها 40 في المئة من قيمته. وللمرة الأولى هذه السنة، يرتفع مؤشر الأسواق الإماراتية لخمسة أسابيع متتالية اعتباراً من نهاية تموز يوليو الماضي ولغاية نهاية آب. وعلى رغم ارتفاع مؤشر الأسواق خلال آب بنسبة جيدة، لا يزال خاسراً 31.4 في المئة من قيمته منذ بداية السنة، مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية إذ كسب 73.6 في المئة واحتل المرتبة الأولى بين الأسواق الخليجية في نسبة الارتفاع. واللافت أن حجم التداول بأسهم أربع شركات خلال آب، استحوذ 72.2 في المئة من حجم التداول الإجمالي في الأسواق، وبلغت حصة شركة"إعمار العقارية"من هذا الحجم 13.69 بليون درهم، تشكل 55.6 في المئة من حجم التداول الإجمالي، بينما استحوذت بقية الشركات المدرجة في الأسواق 98 شركة 27.8 في المئة من حجم التداول الإجمالي. ويعكس ذلك أحد الاختلالات الهامة في أسواق الأسهم الإماراتية، كما يعكس عدم ارتفاع سيولة عدد كبير من الشركات. وهذا بدوره ينعكس سلباً على كفاءة الأسواق المالية وتنوع الفرص الاستثمارية المتوافرة فيها. ويدل على استمرارية سيطرة المضاربين على نشاط الأسواق المالية وتركيزهم على أسهم شركات معدودة، وعلى محدودية الدور الذي تلعبه الاستثمارات المؤسسية والطويلة والمتوسطة. ولاحظنا خلال آب ارتفاع أسعار أسهم 58 شركة وانخفاض أسعار أسهم 24 شركة، منها شركات قيادية، واستقرار أسعار أسهم 20 شركة. وقفز حجم التداول خلال آب إلى 24.63 بليون درهم، بارتفاع 82 في المئة مقارنة بحجم التداول خلال تموز الذي كان أدنى حجم تداول خلال السنة إذ بلغت قيمته 13.5 بليون درهم. وشجعت المستويات التي وصلت إليها أسعار أسهم الشركات المدرجة في نهاية تموز، المضاربين وبعض المستثمرين على دخول الأسواق والاستفادة من الفرص المتوافرة، خصوصاً بعد إعادة احتساب مضاعَف الأسعار استناداً إلى نتائج النصف الأول من السنة. وحققت شركات كثيرة نمواً متميزاً في صافي أرباحها التشغيلية، مستفيدة من الانتعاش الذي تشهده القطاعات الاقتصادية المختلفة في الإمارات، بينما تعرضت الشركات التي وظفت أموالها في أسواق الأسهم لخسائر في استثماراتها بسبب موجات التصحيح المتتالية التي تعرضت لها الأسواق. أما متوسط مضاعَف أسعار أسهم الشركات المدرجة في الأسواق المالية، وهو أكثر المؤشرات شعبية للحكم على جاذبية الأسعار ومنطقيتها، فانخفض إلى 13.38 ضعف في نهاية تموز، مقارنة بپ24.6 ضعف في الفترة نفسها من السنة الماضية. كذلك انخفض مؤشر القيمة السوقية إلى القيمة الدفترية إلى 2.92 ضعف، مقارنة بپ5.78 ضعف في نهاية تموز. وقادت أسهم"إعمار"، وهي أكبر شركة مدرجة في الأسواق المالية الإماراتية وأنشطها حركة، المضاربة خلال آب، وساهم في ذلك قرارها شراء جزء من أسهمها من السوق. وارتفع سعرها السوقي خلال الشهر بنسبة 28 في المئة. لكنه لا يزال منخفضاً بنسبة 39 في المئة هذه السنة عنه في السنة الماضية. وساهم ارتفاع أسعار أسهم الشركات في زيادة الطلب على أسهم شركات مضاربة كثيرة ما رفع أسعارها السوقية. ولاحظنا ثبات أسعار أسهم شركات قيادية عدو أو تراجعها، ما يعطي مؤشراً على عدم عودة الانتعاش الحقيقي إلى الأسواق. وكان للاستثمار الأجنبي دور واضح في حجم النشاط في الأسواق المالية، إذ شكل تداول الأجانب 35 في المئة من إجمالي حجم التداولات في سوق دبي، كما شعر بعض الأجانب بأهمية استغلال الفرص المتوافرة في الأسواق المالية والتي قد لا تتكرر عندما تستعيد السوق عافيتها. ولا يعكس أداء السوق حالياً قوة اقتصاد الإمارات وانتعاش القطاعات الاقتصادية المختلفة، بينما يراهن كثيرون على الربع الأخير من السنة لتتمكن السوق من استعادة نشاطها وتحسن مؤشراتها نتيجة عودة الثقة من كل شرائح المستثمرين وتعزيز حجم السيولة المتدفقة على السوق، الذي يتزامن مع إفصاح الشركات عن نتائج الربع الثالث من السنة وقرب نهاية السنة المالية وتوزيع الأرباح السنوية. * مستشار"بنك أبو ظبي الوطني"للأوراق المالية.