يحتار الاردنيون في توقع نتائج الانتخابات النيابية التي ستجري غدا في ظل الاعداد الكبيرة من المرشحين رجالا ونساء وعدم وجود الأحزاب والتيارات السياسية القوية وفوضى الترشيحات العشائرية، لكن الأوساط السياسية والاعلامية تكاد تجمع على ان شكل مجلس النواب المقبل وتركيبته السياسية والاجتماعية لن يختلفا كثيرا عن المجلس السابق، رغم سطوة المال في الحملات الانتخابية وبروز مرشحين أقوياء من شريحة رجال"البزنس"في المناطق كافة. المؤشرات الأولية تؤكد ان الحكومة وأجهزتها لن تتدخل في مراحل العملية الانتخابية، وذلك تنفيذا لتعهدات العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني ورئيس الوزراء معروف البخيت، خصوصا بعد تجربة الانتخابات البلدية السابقة التي انسحب منها مرشحو حزب"جبهة العمل الاسلامي"وانتقدها المركز الوطني لحقوق الانسان في الاردن. ويبدو ان الدولة غير متخوفة من نتائج الانتخابات وتوزيع القوى السياسية والاجتماعية داخل المجلس الجديد، كما لن يزعجها بقاء حزب جبهة العمل الاسلامي، الذراع السياسي لجماعة"الاخوان المسلمين"، ككتلة برلمانية ذات تأثير محدود، لانها تمسك بعلاقات ممتازة مع اهم المفاتيح البرلمانية ورؤساء الكتل الباقية. ومع ذلك، فان اكثر ما يزعج الدولة هو الشق السياسي من المعادلة، أي انتقال تمثيل الاردنيين من اصول فلسطينية من يد قيادة جماعة"الاخوان المسلمين"الى يد قيادة حركة"حماس"، وهي مسألة لم تؤد فقط خلال الأشهر الماضية الى احتدام الصراع بين الدولة والتيار المتشدد في قيادة جماعة"الاخوان"، بل انها ادت في الوقت نفسه الى فرز قائمة مرشحين هادئة داخل"الاخوان"، جل اعضائها محسوب على تيار"الحمائم"على حساب دور"الصقور"المقربين من"حماس". وحسب مصادر اردنية رسمية، فان الخوف ليس من قائمة"الاخوان"المعلنة 22 مرشحا ومرشحة، بل من وجود شك كبير في قائمة تضم 18 مرشحا مستقلا او عشائريا يمكن في حالة فوز بعضهم، ان ينسق او يأتلف مع قائمة"الاخوان"لضمان مستقبله السياسي او عودته الى مجلس النواب لاحقا. وتقدر المصادر الرسمية قوة"الاخوان"في المجلس المقبل ب 15 مقعدا، اذ لا تعتقد تلك الاوساط ان"الاخوان"في افضل حالاتهم يمكن ان يتجاوزوا تمثيلهم في البرلمان السابق 17 نائبا. ومع ذلك، هناك خشية من جود قائمة سرية ل"الاخوان"تضم مرشحين عدة لم يعلن عنهم، وآخرين يحظون بدعم الحركة في دوائر ليس فيها مرشحون لجماعة"الاخوان". ولن تتبنى الحركة الاسلامية هؤلاء الا في حال الفوز. ومن الواضح ان المجلس النيابي الجديد سيدخله للمرة الاولى ممثلو تيار الليبراليين الاقتصاديين، وهم سياسيا اقرب الى المحافظين الجدد في إدارة الرئيس جورج بوش. ويستفيد هؤلاء من قوتهم المالية في السوق وعلاقاتهم مع مراكز القوى التي تدعم ترشيحهم في إطار خططها الاصلاحية. ويسعى رجال الأعمال"رجال البزنس"من هذه الفئة، وغالبيتهم من التجار، الى دخول البرلمان بقوة بحثا عن قوة سياسية تسند نفوذهم الاقتصادي المتنامي في السوق، ومن اجل ان يحظوا بتمثيل نيابي للدفاع عن مصالحهم وعرقلة سن قوانين يمكن ان تضر باستثماراتهم في الوقت الذي يغيب فيه كبار رجال الأعمال، خصوصا المستثمرين الصناعيين عن هذه الانتخابات. ويرجح أن يدخل المجلس الجديد 80 الى 90 نائبا جديدا، بمعنى أنه يمكن ان يعود من النواب السابقين المرشحين حاليا نحو 25 نائبا. كما ان المجلس الجديد سيضم عددا ليس بالقليل من أبناء العشائر وما لا يقل عن 25 متقاعدا عسكريا ومدنيا هي فئات لها علاقة وثيقة مع طروحات الحكومات التي تستند اليهم في الحالات الطارئة والقضايا المهمة والنزاعات مع الاسلاميين. وتعرف الدولة ان المجلس النيابي المقبل لن يحمل صبغة سياسية واحدة ولن يكون موحدا، وهذا الامر مزعج للحكومات لان العلاقة بين السلطتين ستكون"بالقطاعي"بعد ان ولّى زمن الخدمات المجانية وحل مكانه مبدأ تبادل المنافع والمصالح. وهذا الامر يؤشر الى ضرورة ان تكون الحكومة الجديدة المتوقع تشكليها خلال الاسبوعين المقبلين قوية ومتجانسة وموزعة جغرافيا بشكل مقنع وتضم خبرات فنية قادرة على الدفاع عن مشاريع القوانين والقرارات الحكومية المرجح ان تكون صعبة وغير شعبية مع مطلع العام المقبل.