تبدي عائلات ضحايا حملة "الأنفال" استيائها لتأخر اعدام ثلاثة من مسؤولي النظام العراقي السابق وعلى رأسهم علي حسن المجيد الملقب ب"علي الكيماوي"، دينوا جميعاً بإرتكاب هذه الحملات التي أدت الى مقتل وتهجير آلاف الأكراد وتدمير قراهم منتصف ثمانينات القرن الماضي ابان عهد الرئيس السابق صدام حسين. وقال عبدالرحمن فارس 50 عاماً الذي فقد ابنه وزوجته وشقيقيه، والمقيم في ناحية كفري جنوب مدينة السليمانية:"صدر حُكم الاعدام فقط ضد ثلاثة مجرمين من أصل مئات آخرين شاركوا في الأنفال وقتلوا عشرات آلاف من الضحايا"في ظل نظام صدام حسين. وأضاف بتوتر واضح أن"قضايا العفو عن المجرمين أصبحت ضمن مساومات سياسية، وسلماً يتسلقه الساسة للارتقاء إلى مناصب أرفع والظهور في صورة أبهى على حساب الضحايا". يذكر أن حملات"الأنفال"نُفذت على دفعتين الأولى عام 1987 في شكل متقطع، والثانية في شكل منتظم بدأت في 23 شباط فبراير 1988، وانتهت في خريف العام ذاته. ويقدر عدد ضحايا هذه الحملات بحوالي 180 ألف قتيل. وكانت المحكمة الجنائية العراقية العليا حكمت في 24 حزيران يونيو الماضي بالاعدام على كل من علي حسن المجيد ووزير الدفاع السابق سلطان هاشم الطائي ومدير العمليات العسكرية السابق حسين رشيد التكريتي لادانتهم بارتكاب"ابادة جماعية"و"جرائم ضد الانسانية"و"جرائم حرب". ووفقاً للقانون العراقي، كان يفترض تنفيذ حكم الاعدام في حق هؤلاء المدانين في حلول الرابع من تشرين الاول اكتوبر الماضي، أي بعد 30 يوماً من صدور هذا الحكم. ويقول بعض المحامين إن تنفيذ الحكم سيكون غير قانوني نتيجة عدم الالتزام بمدة الثلاثين يوماً. ولكن الجيش الاميركي يرفض تسليم هؤلاء المسؤولين الثلاثة الى السلطات العراقية حتى يحسم أقطاب السلطة خلافاتهم على تنفيذ حكم الاعدام، ولا سيما في حق سلطان هاشم الطائي. وكانت السفارة الاميركية في بغداد أعلنت في 12 الشهر الجاري أن القوات الاميركية لن تسلم المحكومين الثلاثة الى السلطات العراقية لاعدامهم قبل حسم الخلاف بين أقطابها. وجاء إعلان السفارة في أعقاب تأكيد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قبل أسبوع أن حكومته مصممة على تنفيذ حكم الاعدام في حقهم. ويفترض أن يوقع مجلس الرئاسة الذي يضم الرئيس ونائبيه ورئيس الوزراء على قرار الاعدام ليصبح نافذاً، لكن الرئيس العراقي جلال طالباني ونائبه طارق الهاشمي يرفضان التوقيع على ذلك. ويقول عبدالرحمن فارس 55 عاماً وكنيته"أبو كروان"، نسبة الى اسم ولده الذي يُعتقد بأن القوات العراقية اعتقلته خلال عملية"الأنفال"ولم يعرف مصيره:"إذا ساند السياسيون في حكومة بغداد العفو عن المدانين لن نتعامل معهم وسنعتبرهم كنظام البعث السابق". وأشار محسن رشيد 35 عاماً من أهالي منطقة كرميان 140 كلم جنوب السليمانية الذي فقد أكثر من 25 شخصاً من أقاربه في الأنفال ويرأس اليوم لجنة للدفاع عن حقوق ضحايا هذه المجزرة، إلى أن"15 منظمة مدنية كردية رفعت طلبات إلى رئاسة اقليم كردستان في شهر آب اغسطس الماضي، للمطالبة باتخاذ موقف حازم من تأخر تنفيذ عقوبة الاعدام". وأكد رشيد أن"أهالي الضحايا وجهوا تنبيهات إلى كل الجهات الرسمية في العراق بأنهم لن يقبلوا بالتدخل في القضاء والعفو عن المجرمين في قضية الأنفال". واعتبر"تصريحات الرئيس العراقي ومطالبته بتخفيف حكم الاعدام في حق سلطان هاشم وضباط آخرين، تجاوزاً لحقوق ضحايا الأنفال وأهاليهم". ويعارض طالباني مبدئياً عقوبة الإعدام، فيما يخشى الهاشمي أن يؤدي إعدام سلطان هاشم الطائي الى تقويض جهود المصالحة في العراق عبر تأجيج مخاوف السنة. ويؤكد أن هاشم لم يكن أمامه من خيار كضابط في الجيش سوى تنفيذ أوامر صدام حسين. من جهته، قال الناطق الرسمي باسم حكومة المالكي علي الدباغ إن النقاش"يقتصر على سلطان هاشم فقط"، مؤكداً وجوب"أن لا تسيس هذه المسألة ولا يكون القرار وفقاً لمصالح شخصية". وأشار الى"الحاجة الآن الى مخرج قانوني لحل المسألة. القضية أمام مجلس القضاء الاعلى، وهو الذي سيقرر". وأوضح أن"المحكمة المسؤولة عن قضية الانفال ستقرر مدى الحاجة إلى مصادقة قرار مجلس الرئاسة". وفي خصوص تنفيذ الحكم خلال سقف زمني معين، قال الدباغ إن"المهلة انقضت ولم يعد للوقت أهمية"الآن. لكن رشيد يطالب"بتنفيذ حكم الاعدام في حق المدانيين فوراً، وأي تأخير يعني التشكيك بصدقية القضاء وحقوق ضحايا الانفال". كما انتقد علي محمود 44 عاماً المسؤول عن منظمة انسانية تتابع قضايا"الانفال"ولها مقرات في عدد من العواصم الاوربية، تدخلات السياسيين في الأمر. وقال محمود من امستردام:"نخطط لرفع أصواتنا للاحتجاج ضد تأخير تنفيذ العقوبة"، مؤكداً أن"منظمته في صدد اعداد لائحة قضائية لرفع دعاوى قضائية ضد الرئيس طالباني ونائبه الهاشمي الذي يعملون على تخفيف حكم الاعدام في حق سلطان هاشم". وطالبت شازاد حسين 35 عاماً مسؤولة"منظمة نساء الانفال"في بلدة رزكاري 145 كلم جنوب السليمانية"بتنفيذ عقوبة الاعدام فوراً ومن دون تأخير، وندين أي تأخير في القصاص من المجرمين". وأكدت:"قد نلجأ الى احتجاجات في الشوارع إن لم تؤخذ مطالبنا في الاعتبار".