لم تكد إسلام آباد تلتقط أنفاسها من الأزمة السياسية التي رافقت الانتخابات الرئاسية نهاية الأسبوع الماضي، حتى انفجر الوضع الأمني في مناطق القبائل غرب البلاد، حيث قتل 70 شخصاً على الأقل في اشتباكات بين الجيش والمسلحين المؤيدين ل"طالبان"و"القاعدة"أمس. وأفادت المعلومات ان بين القتلى 20 جندياً و4 مدنيين. ودارت الاشتباكات في منطقة مير علي في شمال وزيرستان، بعدما هاجم المسلحون ليل السبت - الأحد، مواقع للجيش وقوافل إمدادات تابعة له، كما أعلن الناطق باسمه الجنرال وحيد ارشاد، مشيراً الى ان القوات النظامية ردت بهجوم على مخابئ المتشددين في منطقة جبلية قرب بلدة مير علي. وقال ارشاد ان الجيش استقدم مروحيات للإغارة على مواقع المتشددين، معلناً ان العمليات العسكرية"حققت أهدافها"، على رغم استمرار مناوشات في أماكن في المنطقة. كذلك، استخدمت في الاشتباكات المدفعية الثقيلة، ما أسفر عن سقوط عشرات الجرحى في صفوف الطرفين، إضافة الى إصابات بين المدنيين، طاولت نساء وأطفالاً. وأفاد الجيش في بيان بأن الغارات استهدفت تمشيط المنطقة وطرد المسلحين القبليين منها، رداً على هجمات نفذوها ضد جنوده اخيراً، وتخللها خطف حوالي 300 عسكري. ووصف البيان الاشتباكات بأنها"عنيفة وواسعة". وأكدت مصادر عسكرية باكستانية ان المسلحين خطفوا 28 جندياً ليل السبت - الأحد، اضافة الى حوالي 280 يحتجزونهم منذ اسابيع. وأبلغت مصادر مطلعة في إسلام آباد"الحياة"ان الجيش يسعى الى إظهار بأسه في منطقة القبائل، ليستعيد جنوده معنوياتهم هناك، فيما اتهمت مصادر قبلية القيادة العسكرية بمحاولة التصعيد في المنطقة المتاخمة للحدود مع افغانستان. وحذرت المصادر القبلية من ان العمليات العسكرية تعرض للخطر حياة حوالي 280 جندياً رهائن لدى مسلحين قبليين في جنوب وزيرستان، يقودهم بيت الله محسود الذي هدد بذبح الرهائن في حال تجاهل الجيش مطالبه بإطلاق مجموعة من المقاتلين القبليين أسرى لدى القوات النظامية. ورفضت القيادة الباكستانية الإفراج عن هؤلاء المقاتلين واستجابة طلب المتشددين سحب الجيش من مناطق القبائل، على رغم تكبده خسائر فادحة خلال السنوات الأربع لانتشاره هناك. وجاءت التطورات الأمنية في غرب باكستان، بعد ساعات على إعلان الحكومة فوز الرئيس الجنرال برويز مشرف بالانتخابات الرئاسية، وفي مرحلة حرجة قبل صدور قرار المحكمة العليا في شأن شرعية اعادة انتخابه، مع احتفاظه بمنصبه قائداً للجيش. وعلى رغم مقاطعة واسعة لجلسة الانتخاب في البرلمان، خصوصاً من النواب الأصوليين المؤيدين للمتشددين، توقع معظم المحللين في باكستان ان تشرّع المحكمة اعادة انتخاب مشرف في قرار تصدره في 17 الشهر الجاري، على ان يتنازل عن منصبه العسكري خلال أدائه القسم لولاية رئاسية ثانية. وتستند التوقعات بتشريع عملية اعادة الانتخاب الى مخاوف من إصدار المحكمة حكماً مناقضاً لذلك، ما يضطر مشرف بصفته قائداً للجيش الى إعلان حال طوارئ وربما أحكام عرفية، في ظل الاضطرابات غرب البلاد.