في الوقت الذي يتحول "الديو" الغنائي مادة فنية تستدرج الجمهور الى ساحتها، والإعلام الى التعليق سلباً او ايجاباً عليها، نادراً جداً ما يتم النظر الى ما هو أبعد من شرط الانسجام والتآلف والنجومية بين الصوتين المشاركين في"الديو"، أي الى الإضافة التي ينبغي ان يقدمها كل"ديو"الى صاحبيه. عادة، يُكتفى بالتركيز على عدد المرات التي يعرض فيها"الديو"على هذه المحطة أو تلك، وعلى الحملة الإعلامية - الإعلانية التي ترافقه. أما الإضافة الفنية المطلوبة واللمسة التجديدية إذا وجدت، فهي آخر ما يُنتبه اليه أو يعلّق عليه. هذا جزء من"القواعد"التي وُضعت ارتجالاً لفن يمكن ان يفعل فعله في إثارة المنافسة الشريفة بين نجوم الغناء إذا وُظِّفَ في إطاره الصحيح. وليس صحيحاً ان شرط الانسجام والتآلف بين الصوتين في"الديو"يفرض ان يكونا من نوعية واحدة أو من قماشة متقاربة. راغب علامة مثلاً ليس في صوته ما يتشابه مع صوت أليسا، ومع ذلك نجح"الديو"بينهما في شكل لافت، فأعطى نوعاً من الحيوية الفنية لهما معاً: راغب وجد في أليسا رفيقة مناسبة لأغنية جميلة، وأليسا وجدت في راغب رفيقاً داعماً في مرحلة كانت أحوج ما يكون الى دعم. وعلى رغم الاختلاف بين صوتيهما، فإن"الديو"منحهما إطلالة غنائية وفيديو كليبية مُعتنى بها اعتناء كافياً فكان التعاون مثمراً على رغم بعض"العنعنات"التي حدثت بعد ذلك بين راغب وأليسا... كثر هم نجوم الغناء ونجماته الذين اختاروا بعضهم البعض لتصوير أغنية مشتركة. أمل حجازي مثلاً ذهبت الى المغني الجزائري فوديل فقدما أغنية"عينك"التي لم تَلْقَ ما كانت تنتظره أمل منها. المغنية الراحلة ذكرى قدمت أغنية مع المغني إيهاب توفيق ضاعت بعد أيام من عرضها التلفزيوني. أغنية جمعت بين صوت بهاء سلطان وصوت شيرين كان انتشارها في حالة وسط، أي انها لم تنجح كلياً ولم تفشل كلياً. وقس على ذلك من الأمثلة التي لا تُحصى. في الآونة الأخيرة، اثنان من"الديو"الغنائي نالا نصيباً من الذيوع والإعجاب: الأول بين المغني فضل شاكر والمغنية يارا بعنوان"آخدني معك"، والثاني بين المغني هاني شاكر والمغنية شيرين. بين شاكر ويارا كان اللقاء"ضربة معلّم". الملحن طارق أبو جودة أمّن اللقاء بأغنية نظيفة نصاً ولحناً، وكان تصويرها التلفزيوني غاية في الرومانسية المتناسقة مع أجوائها، والكلام هنا على"وحدة الحال"ووحدة الإحساس ووحدة الأسلوب الأدائي بين شاكر ويارا يفرض نفسه. هناك علاقة ود وعاطفة وتكامل بين الصوتين الى درجة ان ثمة من"سمع"فيهما صوتاً واحداً، وثمة من شاهد في الكليب شخصاً فنياً واحداً. ومع ان التطابق في أداء"الديو"يمكن ان يكون سلبياً حين يتجاوز حدوده، إلا أن التطابق الأدائي بين شاكر ويارا في هذه الأغنية بالذات جعلها أغنية مفصلية في تجربة كل منهما. وخيراً فعلا عندما لم يكررا التجربة كما هي ثانية لأنهما كانا سيقعان في الروتين، وستخسر أغنية"اخدني معك"وهجها ورنينها في الأذن والذائقة من دون ان تربح الاغنية الاخرى، ذلك ان نسخ الاغاني الناجحة اصبح ديدن الكثير من نجوم الغناء ونتائجه في الأغلب الأعم سيئة. الأغنية الثانية التي تعكس صلة قرابة صوتية بين مغنييها، كانت ذات مغزى عاطفي دافئ ورائع بين هاني شاكر وشيرين. أخرج هاني خبرة السنوات الطويلة في الإحساس الصوتي، ووضعها أمام ذلك الشجن العميق الذي يغمر صوت شيرين. وثمة في الآهات التعبيرية المتبادلة: رخامة"القرار"الغنائية لدى شاكر، والانعطافات"القاتلة"جمالياً لدى شيرين، ما حوّل الاغنية الى القلب مباشرة. لم يقترب أي منهما أدائياً من الآخر. حافظ كل واحد على صوته، وأدى مقطعه الغنائي بطريقته، فأتت الأغنية عذبة راقية. أصل أي أغنية هو الإضافة. غير ذلك يكون الغناء نوعاً من الكلام وردّ غطائه لا أكثر ولا أقل، فكيف اذا تشارك"بالجرم"اثنان؟!