مسلمون ومسيحيون -3 يحاول علماء المسلمين مد جسور مع رؤساء الكنائس المسيحية متوكئين على قواسم مشتركة بين الإسلام والمسيحية. ويصدر رؤساء الكنائس المسيحية في القدس بيانات سنوية تدين الاحتلال وتدعو مسيحيي العالم الى الانتصار للشعب الفلسطيني. وهناك كنائس مسيحية أساسية في الولاياتالمتحدة قررت وقف الاستثمار في إسرائيل، ودعت أعضاءها الى مقاطعة إسرائيل احتجاجاً على الاحتلال. في كل استطلاع يُسأل الناس فيه عمن يولون ثقتهم، يحتل رأس القائمة رجال الدين والأطباء، وعادة ما يكون في أسفل القائمة بائعو السيارات المستعملة ووكلاء العقار. في مقابل رجال الدين المسلمين والمسيحيين الذين عرضت جهدهم في اليومين الماضيين هناك من يسبغ على بائعي السيارات المستعملة ووكلاء العقار صدقية بالمقارنة. فدعاة الحرب والعنصريون من محافظين جدد وغيرهم من متطرفين هم الوجه الآخر للإرهاب، وشركاء الإرهابيين الذين يزعمون محاربتهم لأنهم يوفرون للإرهابيين الأصوليين علة وجودهم. وعندي أمثلة، إلا انني احتاج الى مقدمة، فليس كل المحافظين الجدد يهوداً، واليهود عادة، خصوصاً من الأميركيين ليبراليون وسطيون. فالمتطرفون، مثل قيادة اللوبي وبناي بريث، يمثلون أقلية خطفت السياسة الخارجية الأميركية، ثم ان دعاة الحرب موجودون في كل بلد، من اميركا الى أوروبا وفي الشمال والجنوب. والآن أقدم ديفيد هوروفيتز الذي نظم قبل أيام"أسبوع التوعية بالإسلام الفاشستي"في الجامعات الأميركية في عملية تحريض عنصرية تفيض أحقاداً، لو رد عليها مسلم بأسبوع توعية بالصهيونية النازية لاعتبر هتلر جديداً، بدل الهتلريين الحقيقيين من أنصار إسرائيل. هناك أسوأ ويفترض ان يكون نورمان بودهورتز متطرفاً الى درجة السخف فلا يحمل على محمل الجد، غير ان رودولف رودي جولياني، المنافس الجمهوري على الرئاسة، جعله مستشاراً له، ما يعني انه قد يقبل نصح عنصري شارك في صوغ عبارة الإسلام الفاشستي، أي انه نقل الى الإسلام ما فيه من صهيونية نازية، فهو فاشستي اكثر من الدوتشي. بودهورتز يصلّي ليضرب جورج بوش ايران، ولو كنت داعية حرب مثله لصلّيت أيضاً، لأن مثل هذه الضربة سيكون نهاية الوجود الأميركي في الشرق الأوسط، غير انني لا أؤيد أي حرب ولا اريد ان يموت عرب أو مسلمون او يهود خدمة لأغراض عصابة الحرب والشر. وكان بودهورتز نشر مقاله التحريضي على ايران في مجلة"كومنتري"لليهود الأميركيين المتطرفين، ورد عليه قراء كثيرون انتقدوا فكره، واضطررتُ أنا الى الاشتراك في المجلة لأحصل على المادة، ووجدت انه يعترف بأنه كسب لنفسه لقب حثالة وحشرة وخطر على الأحفاد ومجرم حرب وغير ذلك. هذا رأيي تماماً من دون ان أقرأ كتابه الأخير"الحرب العالمية الرابعة: الكفاح الطويل ضد الإسلام الفاشستي"ووجدت في"كومنتري"ان ابنه جون سيصبح رئيس تحرير المجلة اعتباراً من اول 2009، وهو مثل أبيه تطرفاً وعنصرية. أنتقل الى مارتن ايمس الذي أثار ضجة السنة الماضية بمقال طويل هو"عصر الترويع"قال فيه ان الإسلام المعتدل خسر الحرب الأهلية داخل ذلك الدين، وزاد في مقابلة:"ماذا نستطيع ان نفعل لجعلهم يدفعون ثمن ما يفعلون؟ ثمة رغبة عندي، أليست عندك؟ الجالية الإسلامية يجب ان تعاني لتصلح أمر نفسها. أي نوع من المعاناة؟ عدم السماح لهم بالسفر. الترحيل بعد ذلك. حجب الحريات. تفتيش كل من يبدو شكله من الشرق الأوسط أو باكستان... إجراءات تمييزية تؤذي الجالية حتى تمارس الحزم مع أبنائها...". كان هذا السنة الماضية، وثار جدال جديد عندما قال البروفيسور تيري ايغلتون هذا الشهر في مقدمة كتاب له ان مارتن ايمس وأباه كنغزلي عنصريان يكرهان النساء والشاذين، وقد تعلم الابن المخمور من ابيه. كيف دافع مارتن ايمس عن نفسه؟ هو قال في مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي ان اباه وجدّه عنصريان وزاد انه يشعر بأنه"أخلاقياً متفوق"على الدول الإسلامية التي لم تتطور كالغرب. وضاق المجال وعندي مثل كريستوفر هتشنز، وهو كاتب بريطاني يقيم في اميركا، ويعارض كل الأديان، إلا انه يعتبر الإسلام"شريراً"أكثر من غيره، وهو يدعو الى إبادة الجنس. فعندما سئل بعد إلقاء محاضرة عن ايران، قال"دمروها"، فهذا المتطرف الذي يدين أي كلام من نوع ما قال محمود احمدي نجاد عن إزالة إسرائيل عن الخريطة، يقول كلاماً أسوأ، ولا يعتبره عنصرياً طالما ان المستهدف بالإبادة مسلمون. لا بد من ان تنتصر قوى الخير في النهاية، وواجبنا دحر الإرهاب باسم الإسلام، وواجبهم نبذ العنصريين دعاة الحرب، فالسلام في العالم، كما قال علماء المسلمين، لن يقوم من دون سلام وعدالة بين المسلمين والمسيحيين الذين يمثلون معاً نصف أهل الأرض.