وجد الرئيس الكوري الجنوبي روه مو هيون في استقباله في بيونغيانغ عاصمة الشطر الشمالي أمس، حشوداً مبتهجة وزعيماً غير مبتسم، هو كيم جونغ إيل، في قمة ثانية بين الدولتين، اللتين تعتبران من الناحية الفنية، في حال حرب. ووصف الرئيس روه الزيارة الأولى الى الشمال الشيوعي بأنها فرصة لإنهاء العداء، الذي ولد مع تقسيم شبه الجزيرة الكورية في نهاية الحرب العالمية الثانية. لكن منتقدين قالوا ان الزيارة تستهدف بدرجة أكبر السياسة المحلية، وتوقعوا أن يتطرق الزعيم الكوري الجنوبي بحذر إلى القضايا الحساسة التي تتعلق بالأسلحة النووية والانتهاكات الكبيرة لحقوق الانسان في الشمال. ويضم الوفد الذي يرأسه روه في الزيارة التي تستغرق ثلاثة أيام، 300 شخص. وعبر الرئيس الكوري الجنوبي سيراً على الأقدام الخط الذي يفصل بين الكوريتين، في خطوة رمزية تعبّر عن ارادة المصالحة. وخلافاً للمراسم البروتوكولية المعهودة، توجه الزعيم الكوري الشمالي الذي يظهر نادراً في التلفزيونات، للقاء ضيفه الجنوبي وزوجته ورافقه في استعراض حرس الشرف. وعادة لا يكون"الزعيم الغالي"كيم جونغ ايل في استقبال ضيفه، إذ ان هذه المهمة موكلة الى الرجل الثاني في القيادة الكورية الشمالية كيم يونغ نام. وصافح كيم روه من دون أن يبتسم. وتتناقض هذه التحية الفاترة مع ترحيب كيم بالرئيس الكوري الجنوبي آنذاك كيم داي جونغ في القمة الأولى التي جرت عام 2000، حين استقل الزعيمان سيارة واحدة، وتعانقا وتشابكت اياديهم، ورددا أغاني وطنية. وتمتع روه بلحظة تحت الأضواء، عندما تنقل في شوارع بيونغيانغ في سيارة مكشوفة مع الرجل الثاني في كوريا الشمالية، وسط هتاف مئات آلاف المواطنين، الذين رددوا عبارات منها:"اعيدوا توحيد ارض الآباء". وصرح الرئيس الكوري الجنوبي في بيان نشر عند وصوله الى بيونغ يانغ ان"تاريخنا المؤلم يذكرنا بأهمية السلام". وأضاف"حان الوقت ليتكاتف الجنوب والشمال من اجل كتابة صفحة سلمية جديدة في التاريخ". وقال في رسالة بثت قبيل عبوره الحدود"اجتاز هذا الخط المحظور بصفتي رئيساً". وهي المرة الاولى التي يزور رئيس كوري جنوبي بمبادرة من هذا النوع. واجتاز روه خط التماس ليمر قرب قرية بانمونجون الشهيرة التي وقعت فيها الهدنة في نهاية الحرب الكورية 1950-1953. ولم توقّع الكوريتان بعد الحرب سوى هدنة وليس معاهدة سلام، وما زالتا نظرياً في حالة حرب. وقال الرئيس روه في خطاب في عيد القوات المسلحة الكورية الجنوبية"سأعطي الاولوية لإقامة السلام في شبه الجزيرة الكورية". وأضاف:"من دون ثقة بهذا السلام، لا يمكننا ان نعد بالازدهار والتوحيد". ولا تهدف هذه القمة التي تستمر حتى الخميس الى البحث في قضية البرنامج النووي الكوري الشمالي، لكن هذه المسألة ستطرح بالتأكيد خلال المحادثات. وقال روه:"سأفعل ما في وسعي لتكون هذه القمة دليلاً على نجاح المفاوضات السداسية والمساهمة في إحلال السلام في شبه الجزيرة الكورية وشمال شرقي آسيا". وبعد وصوله الى بيونغيانغ، توجه روه الى بيت الضيافة في الشمال، وتناول وجبة مع زوجته وبعض مسؤولي كوريا الجنوبية. وشاهد لقطات فيديو لوصوله الى بيونغيانغ، بحسب ما أفاد ممثل لوسائل الاعلام من الشمال. وارتدى الكوريون الشماليون أفضل ما لديهم من ملابس، ولوّحوا بباقات زهور اصطناعية، باللونين الوردي والأحمر، وهلّلوا لدى وصول كيم إلى الميدان الرئيس في بيونغيانغ. وتكررت التحية بعد دقائق عندما ترجّل روه من سيارة مكشوفة، قدمتها كوريا الشمالية. يأتي اجتماع هذا الاسبوع، مع تراجع مفاوضات اقليمية لإقناع كوريا الشمالية بالتخلي عن طموحاتها في شأن الاسلحة النووية، في مقابل الحصول على مساعدات هائلة ونهاية عزلتها. وبينما لم يتبق لروه سوى خمسة شهور في السلطة، قال انه سيستخدم القمة للسعي من أجل السلام، وتحقيق خفض التسلح في شبه الجزيرة الكورية، حيث يقف نحو مليوني جندي في مواجهة بعضهم بعضاً، معظمهم بالقرب من الحدود.