أثار قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الترشح لمقعد نيابي في الانتخابات الاشتراعية المقبلة على لائحة حزب "روسيا الموحدة" الموالي للكرملين، مخاوف القوى والاحزاب السياسية المختلفة في روسيا، لأنه يشكل"قلباً جذرياً لكل الموازين" بحسب البعض، ويفسح في المجال امام عودة حكم الحزب الواحد مع وجود اقلية هامشية معارضة في البرلمان. وبدأت الاوساط الحزبية والسياسية في روسيا مناقشات ساخنة لتقويم خطوة الرئيس الروسي المفاجئة، واعتبر البعض ان بوتين حسم بهذه الطريقة السجالات حول الخليفة المحتمل له في الكرملين، عندما اختار الاستمرار بلعب دور اساس على المسرح السياسي عبر بوابة مجلس الدوما حيث سيحظى بدعم غالبية ساحقة بحسب كل التوقعات. وقال مدير مركز الدراسات السياسية غليب بافلوفسكي ان خطوة بوتين تشكل سابقة لأنه اختار تغيير النظام السياسي في البلاد من دون المساس بالدستور، ما يرسخ مبدأ تداول السلطة لأنها تعد"اول خطوة جادة لتطبيق التعددية الفعلية وظهور مركز نفوذ قوي ثان في المجتمع يعادل مركز الرئيس". في المقابل، حذر فريق آخر من ان هذا السيناريو قد يكون سبباً في زعزعة الاستقرار الذي شهدته روسيا خلال السنوات الاخيرة. وأعرب المحلل بوريس ماكارينكو عن قلقه إزاء الوضع المرتقب الذي سيوجد فيه رجلان قويان في المؤسسة الحاكمة العليا هما بوتين الذي سيصبح رئيساً للوزراء أو زعيماً قوياً جداً يحظى بشعبية واسعة ومدعوماً بغالبية نيابية، والشخص الذي سيصبح رئيساً جديداً للدولة اياً كانت هويته. وعزز من مخاوف الفريق الثاني ان احدث الاستطلاعات اشارت الى ترحيب الرأي العام الروسي بأي سيناريو يبقي بوتين على رأس هرم السلطة. وأظهر استطلاع موافقة 65 في المئة من الروس على تعديل دستوري يسمح لبوتين بالبقاء في منصبه كرئيس للدولة، فيما كشف استطلاع آخر أن 63 في المئة اعربوا عن أسفهم لمغادرة بوتين الكرملين. واللافت ان استطلاعاً أجراه المركز الروسي لدراسة الرأي العام في بداية ايلول سبتمبر الماضي، دل على استعداد 55 في المئة من المواطنين للتصويت لمصلحة"حزب بوتين"بصرف النظر عن هويته او برنامجه في حين منح الاستطلاع الحزب الشيوعي وهو اقوى الاحزاب الاخرى نحو 6 في المئة فقط، لكن الشيوعيين يرون انه سيكون في مقدورهم الحصول على 15 في المئة من الاصوات على اقل تقدير. على الصعيد القانوني اعلن رئيس لجنة الانتخابات المركزية الروسية فلاديمير تشوروف ان قرار بوتين الخاص بالترشح في انتخابات مجلس الدوما"شرعي"، موضحاً ان القانون الاساس يمنح أي مواطن روسي بلغ ال21 من عمره، الحق في أن ينضم على أية لائحة حزبية، ما يعني ان كل الخيارات تبقى مفتوحة امام بوتين كي يستقيل من منصبه مبكراً او يطلب اجازة للتفرغ لشؤون الحملة الانتخابية، علماً ان انتخابات مجلس الدوما السابقة شهدت حالاً مماثلة عندما طلب وزير الداخلية آنذاك بوريس غريزلوف اجازة رسمية وخاض الانتخابات وغدا رئيس مجلس الدوما وزعيم الغالبية النيابية بصفته رئيساً لحزب"روسيا الموحدة"الموالي لبوتين. كذلك اثار قرار بوتين قلقاً واسعاً لدى الاحزاب والقوى السياسية في روسيا، واعتبر كثيرون انه يقطع الطريق الى البرلمان امام غالبية الاحزاب الروسية. ولم يخف زعماء"حزب السلطة"كما تطلق عليه المعارضة ان القرار يشكل نقطة تحول في سياسات الحزب وأهدافه. وقال اندريه فوروبيوف رئيس اللجنة التنفيذية في"روسيا الموحدة"ان المطلوب الآن"العمل من اجل الحصول على غالبية دستورية في مجلس الدوما المقبل"، ما يعني توجه الحزب للسيطرة على ثلثي المقاعد النيابية. ويتوقع خبراء أن تتراجع فرص غالبية الأحزاب الروسية لشغل مقاعد في مجلس النواب المقبل. وقال مصدر في حزب"روسيا الموحدة"إن ما أعلنه الرئيس بوتين في مؤتمر الحزب، تم إعداده بناء على خطة وضعها فلاديسلاف سوركوف نائب رئيس الديوان الرئاسي، لافتاً الى ان الفكرة تهدف الى قطع الطريق إلى مجلس النواب أمام كل الأحزاب ما عدا حزب"روسيا الموحدة"والحزب الشيوعي.