بدت رحيلة الريامي في قمة هدوئها النفسي أمس. فهذه المرأة العمانية المرشحة لعضوية مجلس الشورى للمرة الثالثة، بعد دورتين متتاليتين حققت خلالهما حضوراً مميزاً كرئيسة للجنة التربية والتعليم والثقافة في المجلس، لم تخرج من منزلها في ولاية بوشر العمانية سوى مرتين طيلة نهار أمس. الأولى عند السابعة صباحاً للإدلاء بصوتها وحضور بدء عملية الانتخاب. والثانية عند السابعة مساء لحضور عملية إغلاق صناديق الاقتراع وفرز الأصوات. وبين المرتين جلست الريامي في منزلها من دون ان يهدأ هاتفها النقال. فراحت تتصل بأنصارها ومؤيديها، لحثهم على التوجه الى مراكز الاقتراع وعدم تفويت فرصة الاقتراع في بلد حديث عهد بالانتخابات. وبين اتصال هاتفي وآخر، قالت الريامي ل"الحياة"بثقة لافتة:"أنا متفائلة جداً بنتائج الانتخابات، لكون قاعدتي الشعبية كبيرة. وهي لا تقتصر على النساء فقط، بل تتعداها إلى الذكور أيضاً". الريامي 60 عاما التي يصفها كثير من العمانيين ب"المرأة الحديدية"نظراً الى شخصيتها القوية وثقافتها وحضورها البارزين في الشأن العام، هي واحدة من 21 مرشحة في انتخابات مجلس الشورى العماني في دورته السادسة التي بدأت أمس. وشهدت مراكز الاقتراع في أنحاء السلطنة حال طوارئ فعلية، بعدما تحولت الى خلية نحل منذ الصباح وحتى ساعات متقدمة ليلا. فيما بدا الحضور النسائي بارزاً وكثيفاً في غالبية المراكز ال 102 التي توزعت على 61 ولاية في أرجاء البلاد، في ظل إجراءات أمنية مشددة وإشراف قضائي على عمليات الفرز التي استمرت حتى الليل. وكان لافتاً وجود صفين طويلين من الناخبين في غالبية مراكز الاقتراع، الرجال بملابسهم البيضاء والنساء بعباءاتهن السود. علماً أن وزارة الداخلية فتحت للمرة الأولى مراكز اقتراع مخصصة للنساء فقط، لضمان مشاركة المرأة وتجنباً لوجود عذر اجتماعي يبرر غياب المشاركة النسائية في أهم عملية سياسية عمانية تتم عن طريق الانتخاب الحر والمباشر. وأكد مصدر مسؤول في اللجنة المشرفة على الانتخابات ل"الحياة"ان المرأة العمانية أصبحت تشكل"بيضة قبّان"مهمة من شأنها أن ترجح كفة الميزان لمصلحة هذا المرشح أو ذاك."وبالتالي، لم يعد ممكناً لأي رجل مرشح ان يتجاهل الصوت النسوي مستقبلاً". فيما أكد مصدر في وزارة الداخلية أن العملية الانتخابية لم تشهد أي مخالفة تذكر، معتبراً انها"نزيهة وحرة"، مشدداً على ان"الحكومة لم ولن تتدخل في اختيارات المواطنين". وكان بارزاً اقتراع عدد كبير من الناخبين من ذوي الحاجات الخاصة، وهم على كراسيهم المتحركة. وتخطت نسبة الاقتراع في بعض المراكز الانتخابية ال 25 في المئة ظهراً، وسط حضر لافت لفئة الشباب سن الانتخاب في السلطنة هو 21 عاما. ورفض وزير الداخلية العماني سعود البوسعيدي الانتقادات والتلميحات من صحافيين مرافقين له في جولته على المراكز الانتخابية في ولاية صحار 250 كيلومترا عن مسقط، عن دور مجلس الشورى في الحياة السياسية العمانية. وقال:"لمجلس الشورى اختصاصات وصلاحيات تحددها طبيعة كل دولة"، مشيراً الى أن للمجلس الحق في دراسة القوانين ومناقشة الوزراء ومحاسبتهم في جلسات علنية عن عمل وزاراتهم،"ما يؤكد أن للمجلس دوره الحيوي والأساسي في الحياة العمانية". يذكر أن ولاية عمانية واحدة، هي السنينة، غابت عن انتخابات الأمس، لوجود مرشح واحد فقط، وبالتالي فوزه بالتزكية. فيما توفي مرشح آخر عبدالله المعمري قبيل ساعات من فتح صناديق الاقتراع، متأثراً بإصابته بمرض عضال. وعزا وزير الإعلام العماني حمد الراشدي غياب البرامج الانتخابية للمرشحين، الى عدم وجود أحزاب أو تكتلات أو ايديولوجيات، مؤكداً ان لجميع هؤلاء"برنامج انتخابي واحد هو عُمان". وقال الراشدي ل"الحياة":"الحمد لله ان ترف الأحزاب لم يصل إلينا"، معتبراً أن"عُمان كلها حزب واحد". وأضاف:"فكرة مجلس الشورى تسير في تطورها بما يتناسب مع عاداتنا وتقاليدنا العمانية"، رافضاً فكرة"استيراد قوالب جاهزة من دون مناقشتها".